بيسان طي
رئيس البعثة مهتم بتفاصيل الحياة اللبنانية من المحكمة الدولية إلى شرطة السير

“رجال السياسة في لبنان لا يدركون جيداً أهمية الفرصة التي تمثلت بنجاح مؤتمر باريس 3”، لذلك قرر رئيس البعثة الأوروبية في لبنان باتريك لوران أن يطلق نداء من خلال وسائل إعلام لبنانية إلى السياسيين “من الأكثرية والمعارضة” حول أهمية المؤتمر وضرورة إنجاح الشروط التي تحدث عنها، مذكّراً بأن المبالغ المالية التي أقرت في المؤتمر “لن تصل إلى لبنان إلاّ إذا نجح في إنجاز إصلاحات عدة على رأسها إقرار المحكمة الدولية” في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وكرر لوران أن الاتحاد الأوروبي “لا يدعم طرفاً لبنانياً من دون آخر”، وكان شديد الحرص في الحديث عن “رجال أصحاب نيات طيبة في الطرفين”، مشدداً على ضرورة أن يتحاور طرفا الخلاف في لبنان، ومنتقداً “الضغوط الشديدة التي تمارسها دولة جارة كبيرة”.
وقال لوران رداً على سؤال لـ“الأخبار” إن هذه الدولة تقع “شرقي لبنان”، لكنه لم يعر السؤال عن الضغوط الاسرائيلية اهتماماً، ثم أجاب عن سؤالنا عما سيحدث “إذا لم تتغير الأمور في لبنان si rien ne bouge” قائلاً: “أتمنى أن تتغير سوريا” (j aimerai que syria bouge)، لافتاً الى أن ثمة “ضغوطاً” قد تمارس على سوريا في هذا الاطار، وأنها تتنوع بحسب الدول التي تمارسها، وأن “جزءاً من المجتمع الدولي” قد يستخدم معها “أسلوب الجزرة والعصا”. وتحدث المسؤول الأوروبي عن الاصلاحات المطلوب من لبنان إتمامها، قائلاً بلهجة هادئة، لكن صارمة: “منذ وصلت إلى لبنان، شعرت بأن فيه عالمين: الأول يشعر بأن المال سيصل حتماً، والثاني لا يهتم للنتائج التي قد تترتب إن لم تصل إلى لبنان الأموال” التي وعد بها المانحون. ودعا إلى ضرورة أن يتحاور طرفا الخلاف مشيراً الى أن “في الطرفين رجالاً من أصحاب النيات الطيبة”، وكرر أن ما وعد به المانحون في باريس 3 “سيقدم للبنانيين لا لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة كما يردد البعض”. وأعلن أن البعثة ستنظم طاولة مستديرة بعد عيد الفصح تدعو إليها متخصصين في شؤون الاقتصاد من الموالاة ومن المعارضة ومتخصصين من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية الكبرى.
وتطرق لوران إلى الشروط التي يفرضها المانحون ومنها الإصلاحات الاقتصادية والشفافية، وأكد أن ثمة لجنة ستراقب توزيع الأموال وصرفها. ورأى أن هناك نقاشاً خلافياً كبيراً بين الأطراف اللبنانية بشأن الأولويات الاقتصادية، “فثمة طرف يتحدث عن تطوير اقتصاد الخدمات، فيما الثاني يعطي الأولوية لتطوير الاقتصاد الفعلي”، مشدداً على “أهمية تطويرهما معاً”، وعلى “ضرورة الدفع بالاصلاحات الاقتصادية في الدول النامية”، معتبراً أن “التقارب الاقتصادي يسهّل التقارب السياسي”. وأبدى استغرابه “لأن كل شيء في لبنان مسيّس، لكن رجال السياسة يفكرون بمصالح الطوائف لا بالهوية الوطنية”.
وأعرب لوران عن خشيته من أن تمتنع دول مانحة عن تقديم المساعدات إن لم تنجح الحكومة اللبنانية في انجاز الاصلاحات. ورداً على سؤال “الأخبار” :“هل ستحترمون خيار الشعب اللبناني أياً كان هذا الخيار، حتى وإن لم يعلن تأييده للمحكمة الدولية كما تريدون” قال لوران “لا أعتقد أن الاتحاد الأوربي سيرفض في هذه الحالة تقديم الهبات التي تقررت في مؤتمر باريس 3، لكننا سنأسف لذلك”، مشيراً الى أن الاوروبيين سيمارسون “ضغوطاً لطيفة لتتم الإصلاحات”.
وحين سئل إن كان من الممكن أن تقر المحكمة الدولية تحت الفصل السابع، أجاب بأن ذلك “ممكن”، وأن أطرافاً كثيرة تفكر في الأمر وقد ترجحه، وأن الاتحاد الأوروبي نفسه “يفكر في ذلك، لكننا نعتقد أن صعوبات تحول دون هذه الخطوة، وأن إقرار المحكمة تحت البند السابع سيتم بطريقة مفروضة من فوق، وهو ما يتناقض مع سياق القانون الدولي”.
رئيس البعثة الأوروبية بدا مشغولاً بكل التفاصيل اللبنانية وبأهمية “الاصلاحات على كل المستويات” ولم ينس أن يذكّر الصحافيين بأن يتحدثوا عن “رجال المرور الذين لا يعرفون كيف ينظمون السير، وهذه ثغرة كبيرة”.