طرابلس ــ فريد بو فرنسيس
تشهد بعض المدن والمناطق اللبنانية الشمالية نسبة عالية من التقنين الكهربائي المجحف بحقها، لتصل إلى أكثر من 16 ساعة يومياً، مقابل ثماني ساعات تغذية. مدينة طرابلس إحدى ضحايا هذا التقنين، فأهلها يمضون ساعات ليل طويلة ومعتمة، علماً بأن محطات توليد الطاقة الكهربائية في لبنان معظمها موجود في محافظة الشمال (محطتا دير عمار والحريشة، والمحطات المائية في كوسبا وطورزا والبارد وعيون السمك وغيرها)، ومع ذلك فإن حصة الشمال من هذا التقنين كبيرة، ولمدينة طرابلس الحصة الاكبر منه، وخاصة المناطق والأحياء الفقيرة منها، مثل القبة والتبانة وباب الرمل وبعل محسن وحي الشعراني وغيرها، حيث يعيش أهلها في ظلمة دامسة.
وتزداد شكاوى الاهالي من انقطاع التيار الكهربائي الدائم الذي يزيد همومهم ويضيّق الخناق عليهم، وتفاقمت شكواهم لجهة الاهمال اللاحق بهم، والخسائر التي تلحق بمصالحهم. وتكمن المشكلة أيضاً بحسب الأهالي، الفواتير الاعتباطية والتي تتضمن رسوماً ضريبية إضافية.
ويبقى المستفيد الأول من هذه الأزمة أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة الذين يستغلّون أوضاع الناس وحاجاتهم، ليزيدوا من رسوم أسعار الكهرباء حتى وصلت قيمة الفاتورة الى أكثر من خمسين ألف ليرة لبنانية لدى المؤسسات الصغيرة والبيوت العادية، وقد تتراكم في بعض الاحيان. ويطالب أبناء المدينة بوضع حد لهذا التقنين وعدم استمرار حالة الاهمال التي تطال المدينة وأحياءها الفقيرة التي يرزح أهلها تحت وطأة حرمان مزمن.
وتقول فدوى بيطار، وهي ربة منزل: «إن المواطن يعاني الكثير من جراء التقنين الظالم المفروض عليه في الآونة الأخيرة وانقطاع التيار الكهربائي في معظم الأوقات، وقد لا تأتي الكهرباء أكثر من أربع ساعات في اليوم، ويضطر المواطن لتأمين الكهرباء بدفع بدل اشتراك شهري لأصحاب المولدات، تجاوز أربعين ألف ليرة، وهو رقم قياسي لا يستطيع احد أن يتحمله في ظل ظروف اقتصادية صعبة».
ماهر باكير، وهو يدير مجموعة مولدات كهربائية في طرابلس، عزا ارتفاع الاسعار الى أن «مادة المازوت غير متوفرة بكميات كبيرة في الاسواق، خاصة في ايام الشتاء، الامر الذي يرفع من سعره. اضافة الى التقنين الشديد، والذي يدفع اصحاب المولدات الى تشغيل مولداتهم لفترة اطول، وبالتالي تكون كلفته اعلى على المواطن، علماً بأن قصَر النهار في فصل الشتاء، وزمن المدارس، يجعلان الناس بحاجة اكثر الى الكهرباء».
في موازاة ذلك، حذّرت القوى السياسية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني في الشمال من مغبة استمرار التقنين القاسي والقسري الذي يكاد يشل الحركة الاقتصادية في البلاد. وتساءلت «عن جدوى المليارات التي تأتي مساعدات الى لبنان اذا كانت لا تلبي حاجات المواطنين الاساسية».
كذلك انتقدت جمعية «المستهلك اللبناني» في بيان لها «الابتزاز الذي يتعرض له المواطن من جانب أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة نتيجة التقنين القاسي الذي تتعرض له مختلف المناطق، حيث أصبح المستهلك عرضة للابتزازات من أصحاب هذه المولدات». وناشدت الجمعية المسؤولين «قول الحقيقة للرأي العام في ما يتعلق بالتدهور اللاحق بهذا القطاع»، «سائلة مَن المسؤول عن فواتير الكهرباء الملغومة التي يدفعها المواطن، ولماذا هذا التقصير في الإدارة وأين هو التدقيق في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان والذي لم يجر منذ عام 2001؟». مطالبة «مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بالتدخل لدى أصحاب المولدات الخاصة للحد من ابتزاز المستهلكين».