فداء عيتاني
عثمانيّــون مسلمــون... عروبيّــون ناصريّــون... شركــاء في الصيغــة اللبــنانية

قبل موعد الانتخابات الرئاسية عام 1988، أعدّ مركز المخابرات المركزية الأميركية في بيروت دراسة عن وضع الطوائف والقوى في لبنان، والتطورات المتوقعة في بيروت ارتباطاً بما كان يجري في الشرق الأوسط. وأشار التقرير السري، الذي أفرج عنه ضمن سياسة علانية الوثائق القديمة ونُشر على موقع المخابرات المركزية على الإنترنت، إلى ظاهرة صعود الشيعة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. وصنّف التقرير تلك الظاهرة في خانة السلبية، وخصوصاً مع تحالف الشيعة مع سوريا، والتزام جزء منهم التعليمات الإيرانية.
يمكن تخيّل نوعية التقارير التي يكتبها اليوم مركز المخابرات المركزية الأميركية في لبنان. يمكن تخيّل كيف يُقوّم انخراط السنّة في الدولة الطائفية. يمكننا تخيّل كيف سنقرأ بعد عشرين عاماً تقرير المخابرات المركزية الذي يشير الى السنّة كطائفة تتطلّب الرعاية الأجنبية، كما جرى ربّما مع الدروز والموارنة في نهايات القرن التاسع عشر.
في المجالس الخاصة، لا ينكر أحد من السياسيّين أن لبنان يعيش دائماً انتصار طائفة على أخرى، وأن شعار «لا غالب ولا مغلوب» الذي أطلقه الرئيس صائب سلام عقب «ثورة عام 1958» هو في حقيقته محاولة ترطيب وتلطيف لواقع انتصار فئة بعينها على أخرى. فقد جاء الشعار في زمن انتصر فيه السنّة العروبيون على المسيحيين، وحقّقوا تقدّماً سياسيا أولياً احتاج الى استكمال طويل لم ينجزه العروبيون لأسباب تعود ربّما إلى كونهم غير معنيّين بالحكم اللبناني.
فالسنّة في لبنان لهم شأن آخر. إذ إنّهم لم يتشكّلوا كطائفة، فانتموا إلى الطبقة السياسية التقليدية وأقطابها، أو أيّدوا الخلافة الإسلامية والدولة العثمانية بصفتها دولة الخلافة، أو ناصروا القومية العربية والعروبة بمختلف أوجهها.

الموروث والعروبة

خلال حقبة حكم الرئيس أمين الجميّل، نبّه مرجع دينيّ أحد أصدقائه السياسيين من مغبّة الحمل على السلطنة العثمانية. «لا تخطئ»، يقول المرجع، «العثمانيّون منّا ونحن منهم». ويقول السياسي الذي أصبح أحد نوّاب كتلة المستقبل، في حواره مع «الأخبار»، ان كلام المرجع الديني هزّه قليلاً ودفعه إلى التفكير بعمق اكبر، وصارت قراءته لتاريخ المنطقة تضيء له التصرفات العثمانية ليس بصفتها قهراً واحتلالاً للمنطقة، بل بصفتها إدارة إمبراطورية لمنطقة حكمها. ويعطي مثالاً على ذلك رفض السلطان عبد الحميد بيع الأراضي في فلسطين الى اليهود، رغم ضائقته المالية الشديدة حينذاك.
فمن هم السنّة؟ هل هم عثمانيّون مسلمون؟ أم عروبيّون ناصريّون وقوميّون؟ أم واحدة من فئات لبنان المؤسّسة للكيان؟
إنّهم «خليط من الاثنين (العثماني ـــ الإسلامي والعروبي)»، يقول وريث زعامة سنّية عريقة. يتوقّف للحظات للتفكير قبل أن يضيف إنّ «السنة لم يكونوا فئة (وهو يعني طائفة مشاركة في نظام فيدرالية الطوائف)، بل تحولوا أخيراً إلى ذلك».
والواقع أنّ السنّة لم يشاركوا بفاعليّة ولا بحماسة في الحركات السياسية العروبية التي نهضت لمواجهة السلطنة العثمانية الضعيفة في أواخر القرن التاسع عشر، وهي حركات كانت تطالب بكيانات عروبية تحت سقف الإمبراطورية المتداعي. وبعد انهيار السلطنة، انتهى طرح الكيانات العروبية، واتجه المسيحيّون الى تكوين كيان خاص لهم، فيما اتّجه العرب في محيط لبنان إلى إطلاق نوع من العروبة العلمانيّة تقوم على تحالف بين قوى وقبائل وعشائر معادية ببنيتها لأبناء المدن الذين ردّوا عبر المناداة بعروبة إسلامية. فبدوا بالتالي أقرب الى الحفاظ على تقاليد السلطنة. وتحولت عروبة الشريف حسين والملك فيصل الى أحزاب، منها الناصري والبعث وغيرهما، وتحولت بورجوازيات المدن إمّا الى هزائم مطلقة كما في العديد من العواصم العربية، وإما الى تسويات مؤقتة مع محيطها كما في لبنان.

لبنان الهدية

قبيل سقوط السلطنة العثمانية، كانت الحركة الإرسالية، في ما سيعرف لاحقاً بدولة لبنان، تسير على قدم وساق. الجامعة الأميركية في بيروت تخرّج سنوياً المزيد من الكوادر المتعلّمة وغالبيّتهم من المسيحيين، فيما الجامعة اليسوعية تضخّ المزيد من الكوادر المسيحية الجاهزة للعمل في شتى المجالات والإمساك بمفاصل الحركة التجارية والتعليمية والصناعية والطبية وغيرها. ولم يكن لدى المسلمين أي أرضية اجتماعية او اقتصادية ينطلقون منها في بناء الذات.
أتت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية وأطلقت بيانها الأوّل «الفجر الصادق» الذي يحدّد، بحسب وريث الزعامة البيروتية الأعرق، «التعليم بصفته المدخل إلى التطوّر ويلحظ التعليم الذي تعتمده الإرساليات الأجنبية للمسيحيين في لبنان، ويحدد الفترة التي سبق بها المسيحيون إخوتهم المسلمين في لبنان بـ15 عاماً».
بيان “الفجر الصادق” طبع عام 1297 هجرية (1879 ميلادية)، ويورد كيف حُرم أبناء الطائفة التعلم سواء لأن المدارس في «الوطن» (بحسب ما يورد النص دون ان يكون قد تشكّل لبنان حينذاك) محصورة بطوائف بعينها، أو لأن المدارس «الملقّبة عمومية» لا توافق مبادئ تعليمها «المشرب الإسلامي».
انطلق المسلمون في رحلة التعلّم، وانهارت بعدئذ السلطنة، وقدّمت المجموعات العربية لبنان «وطناً هدية الى الفرنسيين والإنكليز في مكرمة عربية تعلن عزوف العرب عن خوض حروب صليبية جديدة مع المسيحيين الغربيين»، كما يرى أحد الأقطاب البيروتيين المحايدين الذي يضيف إن المسيحيين «رأوا أن وطنهم لبنان حق خالص لهم». ويردف «أنّ فهمهم أنّ السنّة لم يشاركوا فعليّاً في صيغة عام 1943 ولا في إنشاء لبنان الكبير عام 1920 هو ما يدفع شخصاً مثل سمير جعجع إلى الإعلان بعد أكثر من نصف قرن بأن السنة أصبحوا لبنانيين».
طوال هذه الأعوام كان من الممنوع تقريباً على المسلمين التعلم، السنة والشيعة على حدّ سواء. وثمّة معركة استمرت اكثر من عشرة أعوام لإنشاء جامعة بيروت العربية والاعتراف بشهاداتها. وشكّلت مدارس المقاصد لفترة طويلة من الزمن الرد الوحيد على الإرساليات الأجنبية.
إلا أن إحدى الشخصيات البيروتية تروي أن ما أخّر دخول أبناء الطائفة في الأعمال الأساسية المكوّنة للكيان اللبناني من خدمات مصرفية وسياحية هو الموروث الديني حصراً. تنحاز هذه الشخصية الى التحليل القائل إن أهل السنّة كانوا في أغلبهم مؤيدين للسلطنة العثمانية، ويرون فيها دولة الخلافة الإسلامية. وموروثهم الديني هو ما حدا بأكبر المطاعم في الوسط التجاري، مطعم العجمي، الى عدم تقديم الخمر حتّى انفجار الحرب الأهلية عام 1975. الموروث الديني نفسه دفعهم الى الامتناع عن استلام الفوائد على إيداعاتهم المصرفية الباهظة، التي كانت تترك فوائدها لأصحاب المصارف من المسيحيين.
وتضيف هذه الشخصية إن الدخول المتأخر لأبناء السنة والمسلمين الى القطاعات المصرفية والسياحية أتى نتيجة ذوبان الموروث الديني في العاصمة بيروت حصراً، وذلك بعد فترة طويلة على قيام الكيان اللبناني، وخصوصاً خلال الحرب الأهلية وما بعدها. ولا يزال من السهل رصد الموروث الديني في المناطق السنيّة (الشمال والبقاع وإقليم الخروب والجنوب) والمدن السنية الأخرى كطرابلس وصيدا.

العروبة والشيعة

كان يكفي أن يعترض رئيس الجمهورية فؤاد شهاب على إشعال صائب سلام، رئيس حكومته، لسيجاره في السيارة حتى يقدم سلام استقالته من الحكومة. يمثّل سلام في ذلك ثقلاً نوعياً إسلامياً مقابل القوة التي أنشأ بها الموارنة وطنهم القومي عام 1943، وشكّلوا حكوماته من شخصيات قد لا تتمتّع بقوة ووزن سياسيين. إلا أن ذلك انتهى. فبعد أن كان السنة يختبئون خلف العروبة وهم يضمرون الإسلام والرغبة في العودة الى حكم الخلافة، استعاد المسلمون الثقل النوعي في النظام اللبناني مع المدّ الناصري.
يروي أحد نواب تيار المستقبل عن الامتلاء الذي عاشه المسلمون والبيارتة خلال تلك الحقبة. ويوضح أنّ «البيارتة هي التعبير المخفف للفظ السنّة، والمسلمون هي التعبير اللطيف للطائفة، وخصوصاً أن الشيعة حتّى نشوب الحرب الأهلية لم يكونوا يشكلون ثقلاً فعلياً في المعادلة الداخلية، وأن من النتائج الطبيعية للصعود الناصري هي تصاعد النفوذ السنّي الذي لم يُترجَم ضمن حلقة التوازنات الطائفية الداخلية»، وذلك، ببساطة، لأن السنّة لم يوافقوا ولم يعترفوا بلبنان النهائي ككيان، ولا عدّوا أنفسهم كتلة طائفية او فئة محلية.
فالعروبة بالنسبة إلى الشخصية البيروتية هي نوع من التستّر والحماية والاختباء من الواقع الإسلامي العميق الذي لا يرى السنّة بديلاً عنه، فيما هي بالنسبة إلى النائب المستقبلي حالة بديلة أتت لتملأ فراغا شكّله انهيار السلطنة العثمانية، ومن بعدها المشاريع العروبية الأخرى ما قبل الناصرية. والنتيجة عملياً واحدة، وهي تأييد السنّة للعروبة وعدم انخراطهم في لعبة تقاسم سلطة محلية.
البيارتة لم يختزلوا المسلمين وحسب، بل اختزلوا أيضاً الشيعة الذين كان يفضّل نظام ما كان يدعوه اليسار بـ«الطغمة المالية» عدم رؤيتهم الا بصفتهم يداً عاملة رخيصة. وهم من كان يفاوض عدد من الشخصيات اللبنانية على بيع مناطقهم الى اليهود (بحسب كتاب عدوّ عدوّي للباحثة الإسرائيلية لورا إيزنبرغ) قبل اعلان دولة لبنان الكبير.
وانقسم البيارتة تجاه المناطق السنية الأخرى بين مدرستين: الأولى ترى أن المناطق هي الخزان، ومنها تنهل القوى اللازمة لتنفيذ مشاريعها سواء عبر الانتخابات او غيرها، فيما ترى الثانية أنه من الضروري تنمية التعليم والعمل في هذه المناطق. وهذه الوجهات قديمة قدم صيغة عام 1943، وما قبلها. فقد انطلقت المقاصد في نشر مؤسساتها التعليمية في المناطق بعيد نهاية القرن التاسع عشر، فيما اتجهت مؤسسات سياسية الى اختصار المناطق بزيارات سياسية تعبوية وانتخابية موسمية.
في مرحلة الصعود الناصري الأولى بعد ثورة عام 1952، وجد السنّة الأجوبة على فراغ وطروحات عروبية متنوعة. إنها الناصرية التي ساقت شوارع بيروت الى اليسار والى اليسار العربي الناصري، وأحياناً كثيرة الناصري الضبابي. وانعكس كل ذلك على العلاقات الداخلية للطوائف. كل انتصار أو إنجاز أو تضامن مع مصر العروبة سيعني قوة إضافية للسياسيين السنّة. وبعدما كان المسلمون منقسمين ومشتّتين، صاروا متحدين خلف شخص واحد: جمال عبد الناصر.
إلا أن تدقيقاً في الصورة يعطي معنى آخر. النائب المستقبلي يقول إن «المد الناصري عزل الى حد بعيد بين القيادات السنية التي كانت توصف بالتقليدية، وبين القواعد السنية المتعلّمة والشعبية». وهو ما أدّى إلى صعود قيادات شابة وقريبة من كمال جنبلاط، صديق عبد الناصر، والى بروز التنظيمات الناصرية المتعددة، مقابل الشخصيات التقليدية. لكنّ العديد من هذه الشخصيات استطاع التأقلم الى هذا الحد أو ذاك مع المد الناصري، ومع انتقال المزاج العام، من دون أن يعدّل هذا الانتقال من واقع أنّ السنّة طائفة خارج النظام وخارج المحاصصة وينتمون الى فضاء اوسع من حكايات «القرية اللبنانية» التي كان يغنّيها الأخَوان رحباني في مسرحياتهما.
وفي الحقبة الممتدة الى الستّينيات من القرن الماضي، أضيفت الى مؤسّسات التعليم السنّية شبكة من الخدمات الرعائية. صار يمكن التعلّم والتطبّب والحصول على مساعدات وحتى منح تعليمية، وصار بإمكان «المسلمين» الافتخار بدُور رعاية الأيتام والمسنين. صاروا جسماً تماماً كما شكّل المسيحيون جسماً متكاملاً ومتكافلاً في البلاد. إلا أنهم لم يستثمروا ذلك في المحاصصة السياسية، بل تركوا شارعهم مفتوحاً للآخرين، «لشيعة يحملون راية أرثوذكسية ويتظاهرون في شارع سنّي»، كما كان يردّد الرئيس تقي الدين الصلح، ابن صيدا الذي عاش كل حياته في العاصمة بيروت.




«الفجر الصادق» للعام 1879


«الفجر الصادق» للعام 1879

يورد كتيّب «الفجر الصادق» لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت (1297 هـ) وتحت عنوان «الأسباب التي دعت إلى تأليف الجمعية» الآتي:
«لا يخفى على كل ذي بصيرة من أبناء الوطن أنه منذ مدة، ليست بقصيرة، أخذت الطوائف المختلفة الموجودة فيه تؤلف جمعيات خيرية تقوم بمصالحها اللازمة كافتتاح مدارس للذكور والإناث، يتعلمون فيها أنواع العلوم والمعارف واللغات، جاعلة واردات أوقافها المضبوطة بيدها رأس مال لأعمالها، مستندة على ما يتبرع به أولو البر والإحسان من طوائفها وعلى مساعدات الأجانب المالية. وقد خصصت للابتدائية من هاته المدارس الأماكن المناسبة، وللداخلية القصور العالية واستحضرت لها معلمين بارعين ووجهت خواطرها في الدرجة الاولى الى تعليم أولادها لغات الأجانب الذين لهم مع بلادنا الاتصاليات التجارية، والأذكياء منهم علوم الطب والجراحة والكيمياء والرياضيات وغيرها أيضاً من العلوم المفيدة الضرورية للأوطان التي هي أساس التقدم والعمران. فما مضت مدة على سيرها بهذه الطريق إلا انتشرت بينها أشعة شموس تلك العلوم والمعارف واللغات، فاهتدى أبناؤها بأنوارها الى إيجاد المطابع ونشر الجرائد وتطبيب المرضى الفقراء في المستشفيات العمومية، فضلاً عن معرفة الوسائط المؤدية لكسب المال والراحة والرفاهية وغير ذلك من الأمور المحبوبة للإنسان. ولما كانت تلك الجمعيات طائفية محضة، كانت أعمالها الخيرية أيضاً. فلم تتخط دائرة طائفة غيرها. أما الطائفة الإسلامية فإنها كانت غافلة عن ذلك نحو خمس عشرة سنة مقتصرة من المدارس على بعض زوايا مهجورة مملوءة بالعفونة والرطوبة، ما يضر بصحة الأولاد العمومية ومن المعلمين على المشايخ العميان الذين لا ننكر فضلهم لأنهم قاموا بواجباتهم على قدر استطاعتهم، ومن الأطباء على أناس من الحلّاقين والحجامين وبقيت محرومة من الفوائد التامة بالمدارس الملقبة بالعمومية لأن مبادئ تعليمها لا توافق المشرب الإسلامي من وجوه معلومة. كيف لا وقد يشترط في بعضها على التلامذة الخضوع لدين المدرسة. نعم يوجد من طرف الحكومة السنية مكاتب الرشدية الملكية والعسكرية وهي وإن كانت عمومية إلا أنها لا تقبل المبتدئين من التلامذة الذين إذا لم يكن في طائفتهم مدارس ترشحهم للدخول الى هاتيك المكاتب حرموا منها. وهكذا كانت القوة الدافعة الى التأخر في الطائفة الإسلامية المنبعثة من هذه الموانع والمصادر تعادل القوة الجاذبة الى التقدم بمغناطيس المدارس والمكاتب في الطوائف الأخرى التي مر ذكرها مما كاد يقضي على مجموع جسم وطننا العزيز بالمرض العضال الذي انتعشت بمستقبله روح العصر لأن تأخر هذه الطائفة التي هي أكثر عدداً أثّر أيضاً بتقدم غيرها تأثيراً كبيراً، ما جعل كثيراً من العقلاء يحكمون بلزوم جعل هذه الجمعيات الطائفية عمومية تخدم مقاصد ذات مبدأ واحد وذلك لانتفاع مجموع جسم الوطن بها. إذ إن تقوية عضو منه دون آخر لا تأتي بالفائدة المقصودة، فضلاً عما ينشأ بذلك من التباين والتنافر بين طوائفه بالنظر لتفرق المبادئ والمقاصد في أمر التعليم وأقاموا على ذلك دليلاً وهو أن تقدم تلك الطوائف ذوات الجمعيات ما زال مثقلاً بتأخر بقية الطوائف الخالية عنها. فهو كأنه لم يكن من حيث الفائدة العمومية التي هي كالروح للجسم، ولكن إن شاء الله تعالى سيعترف كل من بيده الحل والربط بلزوم اتحاد هذه الجمعيات الخادمة للإنسانية والفقراء إذ كل منها يسعى لمقصد واحد، فتفرقها بالسير للوصول الى هذه الغاية لا ينتج سوى العاقة، وإن كانت الأمور مرهونة بأوقاتها على أنه طالما أحسّت الأمة الإسلامية في وطننا العزيز بلزوم تأليف جمعيات لها تخدم هذه المبادئ».

(غداً الحلقة الثانية: الثورة الفلسطينية والحرب: الهزيمة وما تلاها من حريريّة)