إبراهيم عوض
لم يفاجَأ أحد قادة المعارضة بتراجع أجواء التفاؤل التي تحدثت عن قرب التوصل الى حلول للأزمة الراهنة، إذ كان على يقين، كما أكد لـ«الأخبار»، بأن الأكثرية الحاكمة لن تتراجع «قيد أُنملة» عن موقفها المتصلب بعدم إعطاء المعارضة «الثلث الضامن» متذرعة بالمحكمة الدولية وحمايتها من التعطيل. كما أن المملكة العربية السعودية التي تقوم بمساعٍ لتقريب وجهات النظر لم تبلغ بعد مرحلة الضغط على قريبين منها وذوي تأثير في الساحة الداخلية، فيما تواظب واشنطن على دعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الى حد وصفها بـ«رأس الحربة» في وجه المخططات المعادية لسياسة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط.
وفي نظرة قاتمة الى تطورات الأحداث يرى الركن المعارض البارز أن المراوحة ستبقى ملازمة للمرحلة المقبلة مع محاولات لفتح ثُغَر في الحائط المسدود من حين إلى آخر، وإطلاق مبادرات من هنا وهناك. مشيراً الى أن الأمور ستبقى سائرة على هذا المنوال لغاية حزيران المقبل وهو الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي جورج بوش للحكم على خطته القائمة على زيادة عدد القوات الأميركية العاملة في العراق.
ويرى القطب «أن فشل هذه الخطة، وهو المرجّح، سينعكس إيجاباً على الداخل اللبناني بحيث يتبدل المشهد ويُفتح الباب أمام حلحلة العقد المشكو منها، وفي مقدمها مسألة تأليف حكومة وحدة وطنية وإقرار مشروع المحكمة الدولية. أما إذا حصل العكس وقدّر للخطة النجاح فعندئذ الله يستر».
ويوضح أن قراءته هذه هي حصيلة لقاءات أجراها مع مسؤولين عرب وأجانب، كما يشير إلى أنها لا تبتعد عما سمعه من مسؤولين في «حزب الله» ومن السفير الإيراني في بيروت محمد رضا شيباني. كما يبدي تخوفه من الاستمرار في إثارة النعرات الطائفية والمذهبية مع التركيز على توسيع رقعة الخلاف بين السنة والشيعة، «خصوصاً أن فريق الأكثرية يدرك تماماً أن هذه المسألة تمثّل نقطة الضعف لدى «حزب الله» الذي ما فتئ يحذر من استخدامها منعاً للفتنة، كما يسعى جاهداً الى ضبط جمهوره للحؤول دون انجراره الى حيث يريد أصحاب المخططات الجهنمية». إلا أن القطب الذي بلغه ما يقوم به الحزب في هذا المجال وتكونت لديه صورة عن حالة الغضب التي تسود الشارع الشيعي ازاء الاستفزازات التي يتعرض لها على أكثر من صعيد، حذر من أن النجاح في ضبط هذا الشارع مرة واثنتين وثلاثا لا يعني «أن بالإمكان ضبطه كل المرات».
وفي هذا الإطار يؤكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن الحزب «واعٍ تماماً لكل ما يجري حوله لكنه على استعداد لفعل المستحيل منعاً لوقوع فتنة شيعية ـ سنية، حرصاً منه على عدم إدخال لبنان في «الفوضى البناءة». لكنْ في المقابل يبدو الفريق الحاكم مصمماً على المضي في تفجير الألغام السياسية وزرعها»، لافتاً الى «أن في كل اجتماع لمجلس الوزراء مشروع أزمة في لبنان». ويؤكد فضل الله أنه «خلافاً لما تشيعه الأكثرية والسلطة عن استنفاد المعارضة كل طاقتها للإبقاء على تحركها فإن هناك جهوزية تامة لديها لاستمرار الاعتصام والبقاء في ساحتي الشهداء ورياض الصلح حتى الوصول الى تحقيق أهدافها». كما يرفض الاتهامات التي تحاول إظهار المعارضة على أنها المتسببة بضرب الاقتصاد وإفقار الناس، متسائلاً عمّا اذا كانت الساحتان المذكورتان هما المصدرين الوحيدين لإغناء مالية الدولة، موضحاً «أن الصرخات التي يطلقها أصحاب المؤسسات في الوسط التجاري هي عامل ضغط على القاطنين في السرايا الحكومية، كما أن كل تلويح باللجوء الى الإضراب والتظاهر والعصيان المدني أو غيرها من التحركات يصب في الاتجاه نفسه ويمثّل صرخة مدوِّية في وجه السلطة التي تعير آذاناً صمّاء لأكثر من نصف الشعب اللبناني».
وفيما يكرر فضل الله استعداد المعارضة للبحث في مشروع المحكمة الدولية يشير الى أن «حزب الله» أعد دراسة، كاملة عنها وسجل ملاحظاته عليها وهو جاهز لمناقشتها، وفي ذلك دليل واضح على عدم صحة ما تروج له الأكثرية عن أن الحزب ينفذ «أمر عمليات» سورياً يقضي بتعطيل مشروع المحكمة، وقد تحديناها مراراً بأن تأتينا بإثبات واحد يظهر تلقِّيَنا مثل هذه التعليمات، فيما أوامر العمليات الفعلية تنهال على هذه الأكثرية صباحاً ومساءٍ وعبر السفيرين الأميركي والفرنسي. والمؤسف أنها لم تعد في السر بل أضحت في العلن».