الناقورة ـ علي عطوي
الأهالي يحضّرون لتحرّكات واعتصامات سلميّة من أجل المطالبة بشقّ طريق جديدة تصل إلى مقبرة البلدة

عندما يموت أحدهم، يتداعى أهالي الناقورة لدفنه، لكنّ هذا الأمر يستلزم إذناً وموافقة مسبقة، من جيران المقبرة، حيثُ يقع مقرّ قيادة اليونيفيل، والذي يمتدّ على مساحة ألفي متر، تتضمّنها المقبرة الوحيدة في البلدة.
هذه المشكلة التي طالما عانى منها أهالي الناقورة، تعود اليوم لتطلّ برأسها من جديد، خصوصاً بعدَ انتهاء الحرب الأخيرة، «حيثُ ازدادت الإجراءات الأمنيّة المشددة، التي تمنَع الدخول إلى المقبرة، إلاّ في أوقات محددة»، حسبما يقول رئيس بلديّة الناقورة حسين درويش، ويُعيد السبب إلى «الإجراءات الاحترازية، لا سيما أنّ المقبرة تقع داخل حرم المركز الدولي، الأمر الذي يجعَل الجنود في حالة تأهّب دائمة، خشية تسلل أحد ما إلى الداخل».
يقول درويش «إن مشكلة الأهالي الإضافية تتمثّل في منعهم من زيارة أقربائهم الموتى، إلاّ في حالة الدفن، الأمر الذي دعانا إلى إجراء اتصالات مع قيادة اليونيفيل، وقد توصّلنا إلى اتفاق، يقضي بوجوب فتح بوابة المقبرة عند الدفن، والسماح لأهل الفقيد بزيارته، لمدّة أسبوع من دفنه، خلال ساعة من الزمن، إضافةً إلى ساعة أسبوعيّاً ــــــ يوم الخميس ــــــ لزيارة أقرباء الموتى». ويعلّق: «هذا ليسَ حلاًّ مقنعاً لمشكلة تتكرر باستمرار، خصوصاً أنّ أموراً كهذه، لا يمكن حصرها بمواعيد».
ويذكُر إشكالاً وقع في أعقاب تشييع ثلاثة شهداء ينتمون إلى حزب الله: «حينها كانت نعوش الشهداء مغطّاة بأعلام الحزب، وعندَ وصول الجنازة إلى المدخل، حاولوا منعنا من الدخول وأقفلوا الأبواب، وحجّتهم في ذلك وجود أعلام لحزب الله، أوقفنا الجنازة مدّة من الوقت، ولم تُفلح الاتصالات في فتح البوّابة، فقررنا اقتحامها وتمّ خلعها ودخلنا».
ويتحدث درويش عن «انزعاج الناس من الإجراءات المبالغ فيها»؛ يقول: «أخشى من تراكم هذا الانزعاج، ليتحوّل إلى ردّات فعل وتوتّر مع القوّات الدوليّة لسنا بحاجة إليها في هذا الوقت». ويشير إلى «تحرّكات واعتصامات سلميّة سيقوم بها أهالي البلدة، من أجل المطالبة بشقّ طريق جديدة تصل إلى المقبرة، بعيداً عن إجراءات اليونيفيل». ويرى «أنّ الحلّ يكمن في انشاء طريق (وهي موجودة سابقاً)، تؤمّن عبور الناس إلى المقبرة بطريقة سهلة، وبأوقات غير محددة، وهذا جزء من حريّة الفرد الشخصيّة، التي تتيح حريّة وجدانيّة بينَ الفقيد وأقربائه، مثل زيارة الفقيد وقراءة الفاتحة ونثر البخّور، وهي شعائر وطقوس دينيّة، لا يمكن التخلّي عنها أو تقليصها إلى ساعة في الأسبوع». ويوجّه كلامه إلى جنود اليونيفيل قائلاً: «مثلما لديكم عادات وتقاليد، نحنُ لدينا عادات وطقوس عليكم احترامها ومراعاتها».
بدوره، مختار الناقورة أحمد مهدي رأى «أنّ أمواتنا محبوسون، فزيارتهم تتمّ في ساعة زمن من الأسبوع. لا دين بيقول ولا قانون بيشرّع، ما هو قائم». وينتقد: «اصطفاف طابور من العسكر على جانبي الطريق، عند فتح البوّابة ودخول الناس». ويضيف: «المقبرة موجودة قبل مجيئهم في عام 1978، وهي غير طارئة على المنطقة». بيد أنه يعذر، في الوقت نفسه، القوّة الدوليّة على الإجراءات المتّخذة، ويقول: «مَنْ يعرف كيف يفكّرون يعذرهم، لذلك يهمّنا أن تكون العلاقات طيّبة وإيجابيّة معهم، ونحنُ لسنا دُعاة توتّر».