strong>عمر نشابة
عثرت القوى الأمنية، أمس، على أقراص تي إن تي غير معدّة للتفجير في الأشرفية. وشاهد الناس عناصر باللباس الأبيض ينقلون المتفجرات من المكان، واعتقدوا أن الدولة تعمل باحتراف... لكن الواقع العلمي غير ذلك

عثرت دورية من قوى الأمن الداخلي، صباح أمس، على صندوق خشبي، في داخله 19 لوحاً من «تي.ان.تي» (معجون وبودرة) في منطقة فسّوح في الأشرفية، تحت النفق، قرب مبنى إذاعة جبل لبنان سابقاً. وقام الخبير العسكري بالكشف على الصندوق، وتبين أنه غير معدّ للتفجير. وبعد وقت قليل، عثر عمال شركة «سوكلين» للتنظيفات على 13 صاعقاً داخل مستوعب للنفايات قرب مطعم ديوان السلطان ابراهيم في المنطقة نفسها، وقد عملت قوى الأمن على ضبطها ومصادرتها. ووضعت النيابة العامة العسكرية يدها على المتفجرات التي عثر عليها، وحضر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد الذي أجرى كشفاً على المكان، وباشر تحقيقاته، وكلف الأجهزة الأمنية إجراء التحقيق بإشرافه.
مهنية الأدلّة الجنائية شكليةشاهد المواطنون عناصر من الأدلة الجنائية باللباس الأبيض الخاص (انظر الصورة) ينقلون المتفجرات والصواعق من مكان العثور عليها الى آليات عسكرية. وهذا اللباس يستخدمه العناصر والضباط المتخصّصون لإدارة مسرح الجريمة وحماية موجوداته من أي «تلوّث» (CONTAMINATION).
والمقصود من عبارة «تلوّث» هو تعرّض موجودات المسرح لتداخل بين جسد أو ملابس أو شعر أو حتى نفَس عناصر إدارة مسرح الجريمة، ما قد يؤدي الى تغيير في خصوصية الأدلّة المجهرية. وتلك الخصوصية هي التي تساعد على كشف هوية الشخص أو الأشخاص الذين وضعوا المتفجرات والصواعق في المكان الذي عثر فيه عليها.
لكن العناصر الأمنية التي قامت بنقل المتفجرات والصواعق أمس لم تلتزم بالمهنية المطلوبة لحماية الموجودات المجهرية في المكان، برغم ارتداء هؤلاء العناصر اللباس الأبيض الخاصّ. ففي الصورة، يمكننا أن نلاحظ العديد من الأخطاء الفادحة في عمل المحقّقين، منها أولاً: نرى في الصورة الأولى عنصراً باللباس الأبيض ينقل ألواح تي إن تي بحذر، لكننا نلاحظ أنه لم يغطّ حذاءه بالكيس الخاص الذي يمنع أي تداخل بين غبار حذائه من جهة، وموجودات المكان قيد التحقيق، كما نلاحظ أن كامل جسم المحقّّق مغطّى باللباس الخاص، ما عدا جزء من يده اليسرى التي ينقل بها المتفجرات، ما قد يؤدي الى تساقط شعر من بدنه في المكان، أو تلامس بين الجلد والشعر والمتفجرات.
فما فائدة تغطية الجسم بشكل غير كامل؟ لكن ما هو لافت أكثر من ذلك هو وجود عناصر أخرى من الأدلة الجنائية باللباس المدني على مقربة من العنصر باللباس الأبيض، ونشاهد في الصورة نفسها يداً عارية لأحد العناصر وهي تلامس العنصر باللباس الخاص، وهذا ما يطرح تساؤلات عن جدوى اللباس الخاص... هل هو لإبلاغ المواطنين عبر الإعلام عن «احتراف» في التعاطي مع التحقيقات الجنائية؟