strong>فاتن الحاج
طغت أمس المقاربة السياسية لبرنامج عمل رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، في أول اجتماع لمجلس المندوبين، بعد معركة انتخابات الهيئة الإدارية. وقد قاد الاستخدام السياسي للقرارات النقابية البعض إلى القول «إننا لم نعهد بهذه «اللغة الفئوية» من قبل، فالرابطة لم تحقق ما حققته من مكاسب إلّا لأنها كانت موحّدة، والخوف كل الخوف أن تتحول إلى اتحاد عمالي جديد». ففيما اتخذ البعض موقع الدفاع عن وزير التربية، ووصف هواجس الهيئة حيال المسّ بالمكتسبات بمحاكمة نوايا حول الورقة الإصلاحية للحكومة، طالب البعض الآخر بإعداد خطة تحرك واضحة لتحقيق المطالب، وفي مقدّمها احتساب معاشات التقاعد وتعويض نهاية الخدمة على أساس الراتب الأخير 100% والقسمة على 35، واسترداد الـ60% التي اقتطعت من رواتب الأساتذة عام 1996، وإقرار مشروع التفرّغ لأساتذة التعليم الثانوي.
«لم ينف وزير التربية ما إذا كانت زيادة ساعات العمل والمس بساعات التناقص تشملنا أم لا، في حين أنّ النصّ في الورقة الإصلاحية قابل للتأويل»، يقول رئيس الهيئة الإدارية للرابطة حنا غريب، في معرض شرحه لمشروع التقرير الإداري للهيئة المقدّم إلى مجلس المندوبين. يذكّر غريب في بداية مداخلته بالشعار الذي رفعته الرابطة «لا لعودة الحرب، نعم للسلم الأهلي، نعم للحل السياسي». وفي هذا الإطار، يبرز اقتراح للنقابية سلوى سعد بدعوة الرابطة إلى إجراء دورة تدريب نقابية للأساتذة حول كيفية مواجهة مظاهر الشحن الطائفي وحضّ التلامذة على نبذ التعصب الفئوي. يطالب غريب بـ«إقرار قانون مهنة التعليم»، ليشكل إطاراً للحد من التدخل السياسي. ويشير إلى أنّ المباراة المفتوحة لا تزال مرسوماً في الأدراج، واستعادة كلية التربية وظيفتها في الإعداد التربوي الذي يحتاج إليه التعليم الثانوي والأساسي ليس وارداً لدى المسؤولين. يتوقف غريب عند أهمية إقرار مشروع قانون التفرغ على أساس الاكتفاء المادي والكفاءة العلمية الضرورية لرفع المستوى التعليمي «إذ لا زيادة في ساعات العمل من دون أجر». ينتقد نظام التقاعد الجديد المحدد المساهمة كبديل عن النظام القائم المحدد المنافع وما يترتب عليه من إعطاء 60% بدلاً من 85%، اعتماد التقاعد المبكر في سن الـ 58 وإعطاء سندات خزانة وتقسيم المعلمين على أساس فئات عمرية لجهة إلزامية الانتقال بين النظامين. وهنا يرى غريب أنّ اعتماد برنامج التقاعد المبكر للمعلمين 58 سنة وما فوق، يعني فتح باب الخروج من الملاك التعليمي وإغلاق باب الدخول إليه والتوسع بالتعاقد. ويتطرق إلى كل المطالب الأكاديمية والنقابية القديمة الجديدة العالقة التي تحتم علينا وضع خطة تحرك بعد العودة إلى الجمعيات العمومية في الثانويات خلال الأسبوعين المقبلين.
من جهته، قدّم أمين الشؤون المالية عبد الحليم الدهيبي التقرير المالي، فبلغ الرصيد الحالي نحو 52 مليون ليرة لبنانية، فيما طاولت المصاريف سبعة ملايين. وبدا من مداخلات معظم المندوبين أنّ هناك حاجة ماسة لتعزيز الجباية المالية في المحافظات، لذا طالب المندوبون بتعديل النظام الداخلي لضبط الجباية من جهة وتصحيح تمثيل الأساتذة من جهة ثانية. غير أنّ البارز في النقاش هو استخدام لغة طائفية لا عهد للرابطة بها، كالحديث عن «الشيعية السياسية» في محافظة البقاع، ودفاع البعض المستميت عن الورقة الإصلاحية والطلب من وزير التربية الرد على رئيس الرابطة، وإن كان هذا الفريق يؤكد مراراً وتكراراً حرصه على الحقوق المكتسبة وأهمية وقوف الأساتذة صفاً واحداً في الدفاع عنها.
ومن الاقتراحات التي قدمها فرع جبل لبنان، تأليف لجنة دائمة لتطوير المناهج وإقرار الصندوق المستقل للتقاعد. وقد ركّز المندوبون على أهمية توثيق المعلومات الواردة في التقرير (تحديد المادة والبند) ليتسنى لهم الاطلاع على التفاصيل، ولمنع أي استغلال سياسي حتى لو كان التنوع مشروعاً داخل الهيئة.
إذا كان الالتزام بقرارات الرابطة أمراً أساسياً لتحقيق المطالب بغض النظر عن القناعة السياسية للأساتذة، فالهيئة الإدارية مطالبة بلملمة الوضع لإنهاء حالة التوتر التي أفرزتها الانتخابات، والعمل على إعادة وحدة الرابطة كما قال عضو الهيئة النقابي محمد قاسم.