وائل عبد الفتاح
جوزف صباح الخير،
الخبر الذي وصلني اليوم كاذب. بالتأكيد. هي صحافة لا تعرف أزمات القلوب المرهقة بروح حرة وخفيفة... تكاد تطير... وتلمس السحاب لكنّها معلقة بواقعٍ نيرانه لا تخمد... وتوازنات رهن مزاجات حادة مغرمة بصناعة الموت. هذه صحافة استخففت أنتَ بها على غداء مصري دفعتَ أنتَ حسابه على أساس أنّه “لقاء عمل”. اتفقنا يومها رغم أنّ الموعد بيننا قديم جداً. قبل أن أقرّر حتى أن أقضي عمري في الصحافة. اكتشفت ايام الجامعة معك سحراً آخر للصحافة في “اليوم السابع”. كنتَ اكتشافي الخاص في ركام صحافة تخبط وترزع. تستغيث وتبكي على أيام الزمن. بعد 20 سنة حين اتفقنا، لم أفكّر كثيراً. كنتَ غوايتي الى “الأخبار”. صوتك الأجش لا يخفي حماسته لصحافة تنظر الى المستقبل. صحافة تجمع القلب والعقل. المغامرة والكرامة. محاولة مستحيلة كنت في منتصف الطريق اليها حين جاءني الخبر. أصبحتَ خبراً عمومياً لا تنفرد به. ولا تكتب تحليله السياسي بجمل قصيرة حادة، مدبّبة، كأنّها محفورة في كتلة صماء لم نعد نفهمها. أزمة في القلب يغيب عنها عقل تشتعل ناره بهدوء وتتحرك بجسد يشبه رماة الاسهم في الحروب القديمة. أحلامك لا تستقيل حتى في زمن واقعي ممسوخ يحتقر الحلم. واقعية سوداء، تشبه نكتة لا تريد أن تكون عابرة وجملةً طويلة تكاد تستهلك صفحات من الحكمة والعقلانية البلهاء. حتى في الاختلاف معك، كان الركن الذي تبدو فيه محشوراً يضج بالحيوية، ويبدو طرفاً رغم أنّ التوازن لم يكن لمصلحتك. لا، هذا الخبر كاذب. سأقابلك في بار تمرح روحك في الليالي بعد نهار مرهق، وسط تقاطعات نيران المتخاصمين في السياسة.
صدقني يا جوزف الخبر كاذب، لا يستحق أن يكون خطاً أحمر. لونه أصفر وباهت وممسوح من كل المعاني الا الافتقاد المر. حتى المختلفون معك سمعتهم في الفترة الاخيرة يتغزلون بك. وحتى معسكرات الاعداء، كنتَ بالنسبة اليهم مفاجأة مدهشة في الحروب. أنتَ معسكر وحدك. وأزمة قلب عابرة لا توقف العقل المتقد عن الحركة ضد التيار. تنام الاتهامات مستريحة الآن على سرير في لندن. والصور المتخيلة عن مؤامرات في الخفاء... تكاد تذوب مع طواحين هواء حملتْ الخبر في رسالة قصيرة ،رددت عليها بعلامة تعجب. الخبر يعني أنّ الطوائف أوقفت القلب الذي يضخ الدم في عقلانية ضد الموت. وهذه حقيقة مفزعة، فأنتَ مسيحي متهم بالانحياز الى حزب الله الشيعي. أنت لا مسيحي ولا منحاز إلى طائفة. تسير كلماتك وراء حقيقة تراها عن بعد. قد يراها الآخرون خطيئة. لكنك لا تركب الموجات العالية. ولا تغطس في بحر الاستسلام المريح. هل تأكدت من كذب الخبر الآن. أرجو ذلك، فأنتَ رجل طيب رغم خبراتك المذهلة في عالم الصحافة. وقد تصدق لأول مرة خبراً كاذباً. وتتصور أنّها قصّة تستحق الصفحة الأولى. لكن أرجوك لا تفعل. فرغم كل اللخبطة التي نعيشها، هناك صحافة معلقة بقدرتك على التسرب تحت السطح وكشف المستور.
جوزف... أخيراً القاهرة تسلّم عليك ولن يصدّق أحد من عشاقك الكثيرين هنا... الخبر... فأنتَ فقط ستعبر من اليوم السابع حيث اكتمال الخلق الى يوم ثامن... هذه كل القصة... سلام الآن.