عباس بيضون
أحسب أنّ جوزف سماحة كان بين القليلين الذين يخبروننا بأن صحافتنا قد أوفت على نهايتها، وأنّ طورها الحرفيّ الأول قد بلغ تمامه، ومن دون نماذج مستقبلية كجوزف، لا يمكن لهذه الصحافة أن تستمر.
لم أكن الوحيد الذي يقول إن جوزف سماحة أهمّ صحافي لبناني، وقد يكون أهم صحافي عربي. إذ رغم أننا لم نلتقِ كثيراً على مواقف أو على أفكار، فجوزف سماحة هو بين الندرة الذين يستنطقون كل شيء، ويعطون لكل حادثة، مهما كانت، عمقاً سوسيولوجيّاً واقتصادياً وسياسياً على الصعيد المحلي والعربي والعالمي.
لم يسعَ جوزف سماحة إلى كتابة كتب، وعندما سألته بدا غير مبالٍ بنشر الكتب، وبالفعل رفض ذات يوم أن تُنشر له مختارات من مقالاته.
كان صحافياً بكل معنى الكلمة، ويكتفي بالصحافة ويعرف كيف يكون «الصحافي». لكن جوزف سماحة كان أيضاً خير من يصوغ وجهة نظر، ومن يقدّم رأياً مضاداً، وغالباً ما كنت أقول إننا بدونه، لا نستطيع أن نصل إلى سجال.
ثم إن جوزف سماحة الذي زاملته وتعلّمت منه، كان من القلّة الذين يحوّلون الصحافة إلى فن، وإلى ما يشبه أن يكون شعره الخاص.