طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
كاد التصرف الذي أقدمت عليه مديرة ثانوية طرابلس الرسمية للبنات (الغرباء) أميرة الشعراني، بطردها الطالبات المتغيبات عن صفوفهن الأسبوع الماضي، يؤدي إلى أزمة كبيرة لو لم يتم احتواء الموقف بسرعة، مع ما طرحه هذا التصرف من تساؤل عن حق المديرة القانوني والتربوي في إقدامها على عمل كهذا من دون مبرر وجيه؟
وكانت الشعراني قد طلبت صباح يوم أمس من النظّار والمعلمين إخراج جميع الطالبات اللواتي تغيبن عن صفوفهن يومي الخميس والسبت الماضيين، وهن يبلغن نحو 80 في المئة من عدد طالبات الثانوية، إثر انتهائهن من تقديمهن الامتحانات النصفية للعام الدراسي الجاري، بعدما كانت قد حذرت الطالبات يوم الأربعاء الماضي، وهو اليوم الأخير من الامتحانات المذكورة، من عدم غيابهن عن الثانوية تحت طائلة عدم السماح لهن بدخول الثانوية، إلا بعد مراجعة أولياء أمورهن.
إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، بل إن الشعراني لم تسمح للطالبات بالبقاء في الملعب داخل حرم الثانوية، بل أخرجتهن إلى الشارع، وأقفلت الباب الرئيسي في وجههن، الأمر الذي دفع عدداً منهن إلى العودة إلى منازلهن، بعدما تجمع عدد كبير من الشبان في محيط الثانوية التي تقع في حي الزاهرية الشعبي، وبدأوا بـ«تلطيش» الطالبات، فيما عمد بعضهم إلى رفع صوت الموسيقى والأغاني من مكبرات الصوت في سياراتهم، الأمر الذي دفع ببعض الطالبات إلى التجاوب مع هذه الأغاني، فبدأن بالرقص مع بعض الشباب على أنغام هذه الأغاني والموسيقى!
وقد دفع هذا التطور عدداً من رجال قوى الأمن الداخلي الذين كانوا قرب المكان، وآخرين قدموا بعدما تبلغوا بأمر التجمع أمام الثانوية من غير أن تتضح لهم الأسباب، إلى الطلب من المديرة إدخال الطالبات إلى داخل الملعب، إن لم تقبل بعودتهن إلى صفوفهن، تجنباً لحفلة الهرج والمرج التي دارت أمام مدخل الثانوية؛ غير أن الشعراني رفضت ذلك، ما أدى إلى حصول تلاسن كلامي حاد بينها وبين العناصر الأمنية، من غير أن تتنازل عن قرارها.
غير أن الأمور تطورت على نحو أكبر لاحقاً، عندما صودف مرور بعض أولياء الطالبات بالقرب من الثانوية، فجنّ جنون البعض منهم، فدخلوا إلى غرفة المديرة وكالوا لها الشتائم والتهديد، وخصوصاً أن أكثريتهم يحرصون على إيصال بناتهن إلى الثانوية وإعادتهن منها بأنفسهم، وهو أمر دفع أحد أولياء الطالبات، الذي أوضح أن له سبع بنات في الثانوية، إلى القول إنه لن يدع هذا الأمر يمر مرور الكرام، وإنه سيوصله إلى المسؤولين في وزارة التربية وهيئة التفتيش التربوي.
وإزاء تطور الوضع على هذا النحو، رضخت الشعراني لاحقاً للضغوط، وسمحت بدخول الطالبات إلى الصفوف، بعدما كانت الحصتان الدراسيتان الأوليان قد مضتا.
تجدر الإشارة إلى أن الثانوية ذاتها، كانت قد شهدت أوائل العام الجاري اعتصاماً احتجاجياً للطالبات، بسبب تعيين الشعراني مديرة للثانوية بدلاً من المديرة السابقة فاديا ازمرلي الصوفي، وهو إجراء لم تنته تداعياته الـــــــــــتربوية والسياسية المرتبطة به بعد.