علي شهاب
«إذا كان من شأن المفاوضات مع سوريا تعزيز موقعها على حساب حكومة السنيورة، فإن إسرائيل تكون في موقع الإساءة إلى نفسها، والتسبب بأذى لأهم إنجاز حققته خلال حرب الصيف الأخيرة: احتواء وكيل إيران اللبناني (حزب الله)، وتقوية السنيورة وحلفائه. أي مفاوضات مع سوريا يجب أن تسبقها ضمانات بعدم حصول هكذا ضرر»، بهذه الخلاصة ختم مدير معهد موشي دايان للدراسات عن الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب اشير سوسير تقريره الأخير الذي صدر أمس تحت عنوان «الصراع من أجل لبنان: ما هي حقيقته؟».
ويستهل الباحث الاستراتيجي الاسرائيلي تقريره بالإشارة الى أن «المواجهة الحالية بين حزب الله وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة هي جزء من صراع يمتد إلى ما وراء الحدود اللبنانية»، معتبراً أن الهدف من هذا الصراع هو «السيطرة الإقليمية»، بين إيران من جهة و«عدد من الدول العربية واسرائيل من جهة ثانية».
ويرجع سوسير الى الغزو الاميركي للعراق عام 2003، باعتباره حدثاً مفصلياً، أسفر عن «تحول العراق الى قاعدة اقليمية لتغلغل النفوذ الايراني»، وبالتزامن مع هذا الأمر «أصبح الشيعة في لبنان أكبر جماعة ديموغرافية من حيث العدد»، مشيراً الى مخاوف الدول العربية من هذه التحولات، علماً أن الكاتب الإسرائيلي لا يربط بشكل مباشر بين سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين و«الصعود الشيعي» في لبنان.
ويقرّ الباحث الاسرائيلي بأن «لبنان أصبح ساحة الصراع حول الشرق الأوسط الجديد»، لكن الجديد في الموضوع هو أن إسرائيل و«بعكس المرات السابقة، حين كانت منعزلة عن أي تحالف اقليمي، تنتمي اليوم، لأول مرة في تاريخها، الى أحد المعسكرات في المنطقة؛ المعسكر العربي المعادي للجبهة الشيعية»، في اشارة الى ايران والعراق ولبنان.
ولئن كان اشير سوسير يستعيد تاريخ إنشاء لبنان الكبير عام 1920، بالتذكير بأن الصراع آنذاك كان حول هويته النهائية، فإنه يعرى أنّ الأزمة الحالية مماثلة من حيث الهدف، مع اختلاف وحيد يكمن في كون «حكومة فؤاد السنيورة وحلفائها السني (سعد الحريري) والماروني (سمير جعجع) والدرزي (وليد جنبلاط) يبدون عزماً غير متوقع»، في اشارة الى مواقفهم السياسية.
ويرى الباحث الاسرائيلي أن هذا الحلف المعارض لحزب الله «يعلم جيداً على ماذا يراهن»، موضحاً أنه «إذا كانوا قد تعلموا شيئاً من الحرب الأخيرة ، فهو الثمن الباهظ لتحول لبنان الى نقطة إنذار أمامية لإيران وسوريا عند الحدود مع اسرائيل».
ويؤسس سوسير على هذا الواقع، لينطلق الى مجال اوسع، بالحديث عن مصلحة اسرائيل في استئناف المفاوضات مع سوريا، من باب أنه على تل ابيب مراعاة عدم الإضرار بمصالحها القائمة في لبنان، بعد العدوان الأخير.