strong>علي محمد
هل أصبح التصوير في شوارع بيروت ممنوعاً، حتى ولو كان ذلك من أجل مشروع تخرّج لأحد الطلاب؟ سؤال طرحته أستاذة جامعية بعد تعرّض أحد طلابها للتوقيف عندما كان يصوّر حيّاً شعبياً في الطريق الجديدة

رفيق ص. طالب على وشك التخرّج من الجامعة الأميركية في بيروت، ويدرس التصميم الغرافيكي. وفي مشروع تخرّجه، طُلِب منه تصوير أحد الأحياء الشعبية في العاصمة بيروت، فوقع اختياره على منطقة الطريق الجديدة. ويوم الأحد الفائت، توجّه إلى أحياء الطريق الجديدة حيث بدأ التصوير، وكان يُبرز بطاقته الجامعية بتعليقها على سترته. وعند الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً، توجه إلى منطقة الكولا ليأخذ بضع لقطات ينهي بها عمله، والتقى بزميله علاء في المنطقة. وعندما بدأ بالتصوير، مرّت صدفة سيارة عسكرية تابعة لقوى الأمن الداخلي أمام الكاميرا. عندها، توجه عناصر السيارة مباشرة إلى الشابين وسألوهما عن سبب تصوير الآلية العسكرية. فاعتذر رفيق عن ذلك وقال إن ذلك حدث بالخطأ وإن السيارة لم تظهر جيداً في الصورة. فطلبت الدورية من الطالب إعطاءها الصور التي التقطها تحت طائلة توقيفه. خاف رفيق من أن يعرقل الأمر تخرّجه، فقال لعناصر الدورية إنه مستعد لأن يريهم الصور ويحذف منها ما يريدون، شرط عدم مصادرة جميع الصور، لأن مستقبله متعلّق بها. عندها أوقف عناصر الدورية الشابين، بعد تكبيلهما بالأصفاد، وأخذوهما إلى مخفر الرملة البيضاء.
اتصل رفيق فوراً بالأستاذة الجامعية زينة معاصري التي حضرت لإخراج الشابين، لكنها بقيت معهما ثلاث ساعات في المخفر.
تحدث رفيق لـ«الأخبار»، وسرد حادثة التوقيف، وقال إنه عندما حاول العناصر وضع الأصفاد بيديه، اعترض قائلاً لهم: «أنا لست مجرماً، سأصعد معكم بالجيب بإرادتي»، فأجاب أحد العناصر بأن هذا «ضمن الإجراءات». «وتساهلاً في الأمر»، قبِل رجل الأمن أن يصعد رفيق وعلاء في السيارة من دون أصفاد، ثم كبّل أيديَهما داخل السيارة العسكرية. وقال رفيق إنه اتصل بمعاصري لأن رجال الأمن طلبوا منه إثباتاً على أنه طالب في الجامعة الأميركية، «لأنهم لم يكتفوا ببطاقتي الجامعية وأوراقي». وعلّق رفيق على التحقيق داخل فصيلة الرملة البيضاء قائلاً: «إن أكثر شيء أزعجني مزاجية الدركي الذي كان يحقق معنا». وقال إنه كان يغيب ثم يعود مجدداً حتى «بقينا هناك أكثر من ثلاث ساعات». أما بالنسبة إلى صديقه علاء، فقال إن لا ذنب له، «ولكنه رفض أن يتركني وحدي في المخفر». وبعد التحقيق، قرأ علاء المحضر لرفيق، لأن الأخير لا يجيد العربية لكونه ولِد وعاش في فنزويلّا، ثم وقّع عليه وغادر مع معاصري.
وفي اتصال مع «الأخبار»، شرحت معاصري ظروف الحادثة، وتساءلت عن سبب توقيف الشابين وبأية تهمة، وقالت: «هل التصوير جريمة في لبنان؟ ماذا لو كانوا سيّاحاً؟». ولفتت في حديثها إلى التحقيق داخل المخفر فقالت: «انتظرنا ثلاث ساعات لأن الدركي الذي كان يحقق معنا جاع وذهب ليأتي بمنقوشة لحم بعجين». وأشارت إلى أن التحقيق ما زال مفتوحاً حتى يتأكدوا من أن الطالب ليست لديه أية سوابق جرمية. كما قالت إنها مُنِعت من قراءة المحضر قبل أن يوقّعه الشابان، و«المشكلة أن الطالب لا يجيد العربية».
كذلك انتقدت معاصري عملية التوقيف من جانب قوى الأمن الداخلي، متسائلة: «لمَ لا يصدر قرار عن وزارة الداخلية أو مديرية قوى الأمن الداخلي بمنع التصوير في بيروت؟». وقالت إن توقيف الشابين بمثل تلك الطريقة يتعارض مع حقوق الإنسان والحرية الشخصية. وأضافت: «هل هناك قانون ينص على أخذ إذن للتصوير من المخفر؟»، مشيرة إلى أن المحقق طلب من الشابين الحصول على إذن بالتصوير من مخفر المنطقة التي يريدون أن يصوّروا فيها.
من جهة أخرى، قالت معاصري إن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن حدثت مع العديد من الطلاب. ولفتت إلى أن هذا الموضوع «يعود لمزاجية عناصر قوى الأمن، وخاصة إذا كانت الفتيات هنّ من يقمنَ بالتصوير».
وقالت إنه سبق لطالبتين من الجامعة أن قامتا بالتصوير في بيروت، و«إنهما طلبتا من رجال أمن كانوا يستقلّون سيارة عسكرية، كانت تمر بالقرب منهما، أن تصوّراهم فوافقوا، وساعدوهما على ذلك».