عكار ــ خالد سليمان
قبل خمس سنوات، لم تكن هناك مهنية رسمية واحدة في عكار مقابل بعض المهنيات الخاصة المنتشرة في حلبا مركز القضاء، التي استقطبت معظم طلاب التعليم المهني من قرى السهل والجرد والدريب. أما اليوم فتضم عكار 8 مدارس مهنية رسمية منتشرة في مناطق مختلفة هي: مدارس حلبا الفنية، ببنين، بزال، تكريت، مشمش، القبيات، وادي خالد، وأكروم.
أما عدد المعاهد والمهنيات الخاصة فيبلغ 16 معهداً تضم نحو 4 آلاف تلميذ في معظم الاختصاصات الإدارية والصناعية والخدماتية. واللافت أنّ الطلاب يتوجهون إلى اختصاصيْ المحاسبة والمعلوماتية، بخلاف حاجات سوق العمل الزراعي في عكار، ما يدفع المتخرجين إلى البحث عن فرص العمل في طرابلس وبيروت أو في الخارج.
ويقترب عدد الأساتذة في المهنيات الرسمية من عدد التلامذة كمدرسة أكروم الفنية، إذ يبلغ عدد الأساتذة 87 أستاذاً، مقابل 100 تلميذ، أي بمعدل أستاذ لكل تلميذ ونصف. وفي مهنية ببنين الفنية، هناك أستاذ واحد لكل ثلاثة تلامذة، وغالبية الأساتذة هم من المتعاقدين وأصحاب المهنة الحرة (أطباء ومهندسون)، ما جعل هذه المهنيات سوق عمل «مقنّع» لشريحة واسعة من حملة الشهادات الجامعية في عكار.
ويعمل الأستاذ المتعاقد في أكثر من مهنية، تفصل بينها مسافات واسعة تجعله يعيش حالاً من اللااستقرار الوظيفي والنفسي مع بداية كل عام دراسي، في ظل غياب الحقوق الاجتماعية كالضمان الصحي وبدلات النقل والتثبيت في الملاك.
أما في المهنيات الخاصة، فالواقع مختلف، وفي المعهد التقني اللبناني في منطقة السهل 12 أستاذاً لـ140 تلميذاً، أي بمعدل أستاذ واحد لكل 11 تلميذاً، وفي المعهد الوطني هناك 49 أستاذاً لـ280 تلميذاً.
ويشهد التعليم المهني في عكار إقبالاً كثيفاً من التلامذة من مختلف الأعمار لأسباب عدة. فمن 67 تلميذاً في أول عام دراسي في مهنية وادي خالد أصبح عدد التلامذة اليوم 320 موزعين على 33 شعبة. ووفق دراسة حديثة أعدّتها الباحثة الاجتماعية ميراي المصري حول دوافع اختيار التعليم المهني في عكار، فإنّ نسبة كبيرة (48%) من التلامذة اختاروا الانتساب إلى التعليم المهني رغبة في اكتساب وظيفة في أقصر مدة زمنية، إضافة إلى الاستجابة لمتطلبات العصر وضمانة سوق العمل في المستقبل.
وقالت نبيلة الحمد التي توظفت في مركز وادي خالد الطبي التابع لجمعية المقاصد براتب مقبول إنّ اختصاص التمريض حقق لها فرصة عمل بعد تخرجها هذا الصيف، وهذا الأمر ما كان ليحصل لو تابعت دراستها في التعليم الجامعي.
ويواجه التعليم المهني في عكار مشكلات كثيرة، أهمها غياب اهتمام الدولة بهذا القطاع والصورة النمطية للتعليم المهني في أذهان الناس وعدم تطوير المناهج التعليمية وغياب المختبرات والمصانع المتطورة، والأبنية الحديثة.
ووفق الدراسة السابقة، فإنّ نسبة الإناث فاقت نسبة الذكور في مهنيات عكار (55%)، وذلك يعود إلى أنّ التعليم المهني جاء كخيار للفتيات اللواتي توقّفن عن التعلّم لفترة لعدم قدرتهن على متابعة التعليم الأكاديمي، لذا اخترن هذا النوع من التعليم لأنه يُكسبهن مهنة مفيدة في المستقبل، مع توافر بعض الاختصاصات التي تتناسب مع طبيعتهن مثل رعاية الأطفال والتربية الحضانية.
ويقول مدير مهنية وادي خالد أحمد الصاج إنّ نسبة النجاح في التعليم المهني الرسمي أفضل من التعليم الخاص «لأن المدارس الرسمية مجهّزة بمصانع ومختبرات أفضل من المدارس الخاصة»، مشيراً إلى أنّ الراسب في التعليم المهني الرسمي ينتقل إلى التعليم الخاص بخلاف التعليم الأكاديمي.
في المقابل، يرى مدير المعهد الوطني التقني في حلبا حمزة الأحمد أن نسب النجاح في التعليم المهني الخاص أفضل من التعليم الرسمي، موضحاً أنّ القطاع المهني في عكار يشهد نمواً مطّرداً من خلال ازدياد عدد المدارس المهنية، نافياً أن يكون التعليم المهني ملاذاً للفاشلين في المدارس الأكاديمية. وانتقد عدم دعم الدولة لهذا القطاع في عكار.
وعن أسباب الميل إلى التعليم المهني في عكار، قال إنّه يخلق فرص عمل سريعة مقارنة مع التعليم العادي، «فالحائز شهادة البكالوريا الفنية في المحاسبة أو التمريض يستطيع العمل مباشرة بخلاف الحائز شهادة الثانوية العامة.