strong>غسان سعود
500 عنصـــر درّبتهـــم «شركـــات الأمـــن الخـــاص» و«السرايـــا» تفاجـــئ «المستقبـــل» فـــي عقـــر داره

حطّت الاتهامات المتبادلة بين الموالاة والمعارضة بشأن موضوع التسلّح رحالها أخيراً في إقليم الخروب، آخذة، للمرة الأولى، بُعداً سنّياً. وتتزامن الاتهامات مع استعادة الإقليم الشوفيّ بعض ملامح المعارضة التي تركت الساحة لخصومها طوال السنتين الماضيتين.
ويسرّ أحد رجال الدين في بلدة بسابا بأن معظم أهل البلدة «يزيّتون أسلحتهم»، ويتواصلون مع مرجعياتهم السياسية لمدّهم بما ينقصهم من عتاد عسكري. ويؤكد أن مؤيّدي تيار «المستقبل» كانوا السبّاقين، في هذه المنطقة، إلى إنهاء الترتيبات المتفق عليها مع قيادتهم، والمتمثلة بتأمين عدد كبير من الأسلحة وتوزيع المهام على الشبان وتقسيم المنطقة إلى قطاعات عسكرية، وذلك منذ أحداث الجامعة العربية في بيروت في 25 كانون الثاني الماضي. ويوضح الشيخ المطّلع على بعض التفاصيل أن استعدادات «المستقبل» دفاعية أكثر منها هجومية، «وهدفها الرئيس منع اقتحام المنطقة وحماية الشوف». لكن المفاجأة، بحسب الشيخ نفسه، تمثلت بالصعود المفاجئ لـ«سرايا دعم المقاومة» التي فاجأت تيار «المستقبل» في عقر داره.
ويتهم أحد مخاتير بلدة برجا، النائب السابق زاهر الخطيب، مؤسس «السرايا»، بـ«طعن تيار المستقبل في ظهره. فبعدما تجنّب خوض الانتخابات النيابية عام 2005 لعدم إثارة النعرات داخل الطائفة الواحدة»، فاجأ الجميع بتطوّعه لخوض «معركة الشيعة في بلاد السنّة».
ويؤكد شبان من «مقاومي السرايا»، التقتهم «الأخبار»، أن هدف نشاطهم ينحصر «بالاستعداد لمقاومة إسرائيل إذا قررت التعدي على لبنان مجدداً». ويشير أحدهم إلى صورة الرئيس رفيق الحريري المعلقة في رقبته، منوّهاً بدفاع الرئيس الراحل عن المقاومة واحتضانها دبلوماسياً في اللحظات الحرجة. ويؤكد هؤلاء أن شباناً من بلداتهم، تابعين لتيار المستقبل، «سافروا إلى مصر والأردن للتدرب على قتال الشوارع، وهم يتحدثون في مجالسهم عن إنهائهم الاستعداد للمعركة الداخلية».
في بلدة وادي الزينة، يؤكد الأهالي أن كل ما يتردد عن تدريبات لتيار المستقبل في محيط بلدتهم عار من الصحة، وأن «ما يحصل هو مجرد تدريبات لشركة أمنية ترفد مؤسسات تيار المستقبل المدنية بالشبان»، لافتين إلى وجود شبان من غير المؤيدين لـ«المستقبل» في هذه الشركات، إضافة إلى عسكريين متقاعدين معروفين بكرههم للميليشيات. علماً بأن هناك من يؤكد أن عديد من دربتهم هذه الشركات الأمنية يناهز خمسمئة عنصر في الإقليم فقط، متسائلين عن الهدف الحقيقي لهذه الشركات.
بدورها، تحجم قوى الأمن الداخلي عن الإدلاء بأية معلومات تتعلق بهذا الملف. ويكتفي أحد الضباط المتابعين لأوضاع الإقليم بالقول إن المديرية سلّمت مجلس الوزراء كل ما في حوزتها من معلومات، مشيراً إلى اقتناعه بأن «سرايا المقاومة» تمثّل في نهاية الأمر «شوكة لحزب الله في خاصرة الشوف، يمكنه استخدامها في اللحظات الحرجة لافتعال أزمة حقيقية دون أن يُتهم بإثارة نعرات سنيّة ـــــ شيعيّة». ويوضح المصدر نفسه أن خطورة «السرايا» تتعدى الإقليم لتصل إلى الشوف، بما يمثله من «كيانية درزية»، لافتاً إلى أن رفع النائب محمد الحجار نبرة صوته في مقاربته لهذا الموضوع إنما أتى من موقعه في «اللقاء الديموقراطي» أكثر منه في تيار المستقبل، الذي تفضّل قيادته، بحسب الضابط نفسه، معالجة هذا الملف بتروٍّ وبعيداً عن الأضواء.
ويقول الحجار إن القصة «بدأت قبل نحو ثمانية أشهر، حين بدأت الأموال تتدفق من حزب الله على النائب السابق زاهر الخطيب، المعروف بتواضع إمكاناته المادية، بحجة تعزيز «سرايا دعم المقاومة» التي أسهم الخطيب في إنشائها، «وحُدد للوافدين الجدد راتب شهري يتراوح بين 400 و600 دولار. كما عمد الخطيب إلى تجميع شبان من الإقليم وإرسالهم في دورات تدريبية إلى معسكرات تابعة لحزب الله في الضاحية الجنوبية وبلدة النبي شيت وجرود بريتال في البقاع». وتخطى عدد المتدربين، بحسب الحجار، «مئتين، معظمهم ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة. وقد شارك الخطيب بأكثر من حصة تدريبية، وهرع مع المتدربين في إحداها إلى المخبأ بعدما حلق الطيران الإسرائيلي على علوٍّ منخفض فوقهم».
وبحسب رواية النائب نفسه، «يعود المتدربون إلى قراهم، ثم يصار إلى تزويدهم أسلحة فردية بين مسدسات وأسلحة رشاشة، وآر بي جي، وقنابل ومتفجرات، إضافة إلى أجهزة لاسلكية ولباس عسكري موحد». ويُصنّف الحجار الوافدين إلى «السرايا» ضمن ثلاث مجموعات رئيسية، «أكبرها أهل العوز المادي الذين يذهبون ضحية مخططات الخطيب ومن يقف وراءه، وأخطرها بقايا الأجهزة الأمنية السابقة، وأصغرها تلك المؤيدة تاريخياً لأحلام الخطيب العبثيّة»، مشيراً إلى محاولة «المستقبل»، عبر قنوات تواصل مختلفة، «تنبيه حزب الله إلى خطورة توتيره الأجواء بين أبناء الإقليم»، مؤكداً أن أبناء منطقته «ضحايا مخطط رسمه حزب الله، إذ أزّم الأوضاع الاقتصادية وأفقر المواطنين، ثم أوجد لهم الحل المتمثل باقتناء السلاح والتدرب لقتال بعضهم البعض الآخر لقاء حفنة من الأموال».
من جهته، يؤكد الخطيب أن «مقاومة العدو الإسرائيلي هي نهج غالبية أبناء الإقليم»، لافتاً إلى أن الخطر «لا يأتي من هؤلاء، بل من تدريبات سريّة ومُريبة يقوم بها تيار المستقبل تحت مظلة بعض الشركات الأمنية، ويعلن عناصرها عن أهدافهم عبر تردادهم أمام كل من يخالفهم الرأي بأننا قريباً سنشرب دماً، وسنضبضبكم». ويُلفت الخطيب إلى أن استفزازات «أنصار المستقبل شبه يومية، وقد حصل هؤلاء على ثياب تشبه تلك التي يرتديها عناصر القوى الأمنية»، محذراً من «مخطط مسرحي يحاول جرّ السرايا إلى صدام مع هؤلاء، يتطور لاحقاً ليأخذ شكل الصدام بين مجموعة مسلحة والقوى الأمنية اللبنانية». ويؤكد أن «حركة تيار المستقبل والتصريحات الموتورة لقادته، تأتي أشبه برد فعل متأخر لمن انتبه فجأة إلى تضييعه التأييد الشعبي وخسارته الغالبية الشعبية المطلقة، وفق ما دلت عليه نشاطات المعارضة المتعددة في الإقليم أخيراً». ويُنهي رئيس رابطة الشغيلة بسؤال من يغمزون من قناة «المال الطاهر» عما «يبذرونه هنا وهناك من مال سعودي».
وفيما يشن الخطيب حملة على «الأكثرية النيابية التابعة للولايات المتحدة والمتآمرة على المقاومة»، يرى الحجار أن «الخطر الرئيسي يكمن في هذا التخوين الذي يبيح لاحقاً للمتشجعين لمقاومة إسرائيل ملاحقة من يصفونهم بأنهم أنصارها».