نشرت وكالة «رويترز» أمس، تحقيقاً عن موجة التسلح في مختلف المناطق اللبنانية جاء فيه:الأزمة السياسية في لبنان هي مكسب لـ«أبو وليد»، تاجر السلاح، الذي يؤكّد أنه لا يستطيع تغطية الطلب. ويقول عن سوق السلاح في لبنان إنها مزدهرة، وإنه لو كانت هناك مصانع سلاح في البلاد لما استطاعت تغطية الطلب، مشيراً إلى أن سعر بندقية «كلاشنيكوف» الجيدة قفز إلى ثلاثة أمثال، وزاد على ألف دولار.
ويقول «أبو وليد»، كما أراد أن يعرّف عن نفسه، إن الطلب كان «قوياً على غير العادة» خلال الخمسة أشهر الأخيرة، مضيفاً: «لا يهمني من يشتري. ما يهمني من يدفع أكثر». وأوضح أنه يبتاع إمداداته من السلاح من فصائل فلسطينية، بينما يهرب آخرون السلاح إلى البلاد.
وفي بلاد متخمة أصلاً بالسلاح، ازداد الإقبال على التسلح من المخاطر والرهان المعلق على الجهود الجارية لحسم المواجهة السياسية القائمة. ويتبادل السياسيون من الجانبين الاتهامات ببدء سباق التسلح وتدريب أنصارهم، ما ألقى بالشكوك على المحادثات الجارية لإنهاء الأزمة. ويُتهم «حزب الله» بتدريب حلفائه في المعارضة عسكرياً، وهو ما ينفيه الحزب، مؤكداً أن سلاحه هو فقط للاستخدام ضد إسرائيل.
كما يقر مسؤولون أمنيون بأن الجانبين يتدربان عسكرياً. وتقول مصادر أمنية إن المشكلة ما زالت محدودة، ويمكن الجيش التعامل معها بعدما تمكن من الحفاظ على حياده خلال الأزمة المستمرة منذ عام. لكن مع انتشار السلاح، وتصاعد العداء بين أنصار الزعماء المتناحرين، يمكن أن يؤدي أي تدهور في الموقف الأمني إلى نزول الأسلحة إلى الشوارع وتفجر أعمال العنف. وهناك شكوك متنامية بين الشيعة والسنة من أنصار الفريقين المتنافسين وأيضاً وسط المسيحيين الذين يساند زعماء لهم التيارين.
وقال ناشط سياسي سني من بيروت رفض الكشف عن اسمه: «طلبنا من الشبان استخدام أموالهم لشراء السلاح. هناك اجتماعات مع مجموعات يضم كل منها 20 فرداً، نقول لهم فيها إن أي شخص لديه أموال عليه أن يشتري سلاحاً، لأنه لا يُسكت السلاح إلا السلاح». وأضاف أنه تم الاتصال بسكان في منطقته السنية، ممن لهم خبرة عسكرية، وطُلب منهم التحرك في حالة الاحتياج إلى ذلك. ووصف كيف أن السكان في منطقته شكلوا ما يصل إلى حد مراقبة أمنية للحي، مؤكداً أن «منطقتنا ستحول إلى حصن كامل».
لكن رغم ارتفاع مبيعات السلاح وتصاعد التوترات لا يرى المحللون إمكاناً لتفجر صراع بحجم الحرب الأهلية (1975) عندما كانت لدى الفرقاء ميليشيات منظمة تنظيماً جيدا وترسانات أسلحة تضم أسلحة ثقيلة. لكن الآن لا يملك سوى «حزب الله» إمدادات كبيرة من السلاح. والبعض يقول إن موقف الحزب يحول دون أي صراع.
ويقول تيمور غوكسيل، وهو خبير في الشؤون الأمنية في لبنان: «لم أتوصل بعد إلى تصور أحدد فيه من سيحارب من. إذا كانت هناك تدريبات جارية فلا أعتقد أنها تجري على نطاق واسع لدرجة يمكن وصفها بالنزعة العسكرية». وأضاف: «كل ما نسمع به حتى الآن هو في الأغلب اجتماعات أسبوعية تشارك فيها جماعات صغيرة لتطلق أسلحتها». لكنه يشير إلى أن ظهور مجموعات «مراقبة في الحي» هو إشارة إلى صراع آخذ في التشكل، «وإذا لم يكبح سريعاً يمكن أن يؤدي بمرور الوقت إلى تشكل ميليشيات».