strong> ليال حداد
حبل غسيل، ملاقط، «تي شيرت»، وتجارب نساءٍ وأطفال عانوا أبشع أنواع العنف الجسدي والنفسي في منازلهم، اجتمعت كلها في باحة الوست هول في الجامعة الأميركية في بيروت، بدعوة من جمعية «كفى عنف واستغلال». تجمّع الطلاب حول مكان «نشر الغسيل»، وهو عنوان النشاط، وقرأوا ما كُتب من خبراتٍ وشهاداتٍ. أما الحماسة فتفاوتت بين طالب وآخر. «النشاط مهمّ جداًً فكل يوم نسمع عن حوادث مماثلة، ولكن لا تجربة شخصية لي، لذا لست مهتمّة كثيراً بالنشاط»، تقول الطالبة مريم الداعوق. أما تالار مانوكيان فتعتقد بأنّ الموضوع «تابو» لا يمكن التحدّث فيه، ويصعب على من عاش تجربة مماثلة أن يعبّر عنها.
من جهتهم، يرى الشباب الموضوع من منظارٍ مختلف فيراوح تجاوبهم بين عبارات الشفقة «يا حرام»، «معتّرين»، وعبارات الشماتة «يعني لو لم تكن تستحق لما حدث لها ذلك»، يعلّق مازن خليفة على تجربة امرأة تتعرّض يومياً للضرب من زوجها وأولادها. يستفزّ تعليق مازن زميلته ريتا فتمتعض وتعلّق بسخرية «أنت شابّ ولا أحد يغتصبك أو يضربك لذا لن تتأثّر».
أكثر من ثلاثين تجربة حملها الناشطون في جمعية كفى إلى حرم الجامعة لتشجيع الطلاب الذين يعانون العنف المنزلي على التعبير عن تجاربهم، ولكن حتى الظهر لم يكتب أحد خبرته ما عدا إحدى الطالبات التي رَوَت ما حدث لها في سيارة «سرفيس» منذ خمسة عشر عاماً: «حاول السائق اغتصابي في وضح النهار بعدما أخذني إلى وسط المدينة التي كانت خراباً في ذلك الوقت فهربت من السيارة إلى شارع مزدحم، لحق بي السائق وقال لي: كنت مفكّر بدك، إذا ما بدّك برجعك على البيت. آنذاك كنت في الرابعة عشرة من عمري». أما باقي «تي شيرت» فسجّلت معاناة نساء لجأن إلى جمعية كفى الشهر الماضي وقرّرن نقل تجربتهم إلى نساء أخريات لم يفصحن حتى الآن عما يعشنه في بيوتهنّ.
«أنا إيمان، عمري ست عشرة سنة، قتلني أخي لأنه شكّ فيّ». كتبت إحدى الأمهات باللون الأحمر عن تحربة ابنتها. «يا حمارة، يا غبية، إلى متى سأظلّ أتحمّلك»، دوّنت امرأة أخرى تجربتها مع زوجها الذي لا يفوّت فرصة إلا ويهينها. لا تنتهي التجارب على الرغم من حساسية بعض الموضوعات «كل ليلة لازم نام مع زوجي وإلا بيضربني طج، طع»، كما تصف إحدى النساء علاقتها بزوجها، وهي حالة عنف شائعة في المجتمع اللبناني، على حد تعبير الناشطة في جمعية كفى رشا مومنة.
لم تخلُ الكتابات من شهادات أطفال معظمهم من الفتيات، فها هي فتاة بعمر الست سنوات رسمت بطريقة غير مفهومة ما تعانيه في البيت، وتبيّن بعد تحليل الطبيب النفسي أنها تتعرض للضرب المبرح على يد والدها. فتاة أخرى تحدّثت عن لذة لدى والدها بضربها وهي نائمة من دون سبب...
يستمرّ النشاط لأربعة أيام في الجامعة الأميركية. «عندما يتعوّد الطلاب الفكرة سيتجاوبون وسيبدأون بكتابة تجاربهم الشخصية، أنا واثقة من ذلك، فالنشاط جديد من نوعه، وقد يكون مفاجئاً للبعض، لذا لا أستغرب عدم التجاوب في البداية»، تقول مومنة آملةً أن تفتح الأيام الثلاثة المقبلة الباب أمام «نشر غسيل» بعض المعنّفات.