الضنّية ــ عبد الكافي الصمد
اتّسع نطاق الحريق الذي شبّ منذ مساء السبت الماضي في أحراج الصنوبر الواقعة في خراج بلدتي دبعل وبيت حاويك في جرود الضنّية، وامتد إلى الأحراج الواقعة على تخوم بلدة قرحيا المجاورة، محوّلاً أكثر من 30 ألف متر مربع من المساحات الخضراء إلى بقعة سوداء، بعدما أتت النّيران والحرائق على الأخضر واليابس في تلك المنطقة.
شهود عيان أوضحوا لـ«الأخبار» أنّ الحريق اندلع قرابة الساعة الحادية عشرة ليلاً من مساء السبت، إلا أنّه ما لبث أن اتّسع مع ساعات صباح اليوم التالي، الأمر الذي دفع الأهالي، مستعينين بالرفوش والمعاول والأدوات البدائية، إلى حصر الحريق ضمن بقعة جغرافية معينة، والعمل على منع امتداده إلى بقية المنطقة الحرجية، بالتعاون مع عناصر الجيش اللبناني، الذي أرسل طوافة عسكرية للمساعدة في إخماد الحريق.
غير أنّ الحريق الذي أخمد بشكل جزئي قبل مساء الأحد، سرعان ما عاود الاشتعال مجدّداً صباح أمس، قبل أن تتسع رقعته أكثر من السابق، الأمر الذي دفع ما يقارب 50 شخصاً من أهالي البلدات الثلاث إلى الاندفاع بالتعاون مع عناصر الجيش في محاولة لاحتواء الحريق، وهو الأمر الذي نجحوا فيه إلى حدّ بعيد، إنّما من غير أن يُبدّدوا مخاوفهم من احتمال تجدّده لاحقاً، لافتين إلى أنّ الصنوبر لا يمكن التأكد من إخماد الحريق الذي يندلع فيه قبل مرور نحو 24 ساعة على الأقل، نظراً للنيران التي تبقى مشتعلة تحت الرماد، بسبب الطبقة السميكة التي تتكوّن عادة على سطح الأرض من أوراق الصنوبر اليابسة.
وفي الوقت الذي لفت فيه الأهالي إلى أنّ الحريق اندلع في منطقة وعرة وبعيدة عن البيوت ما لا يقل عن 500 متر تقريباً، ولا يمكن الوصول إليها إلا مشياً على الأقدام، رجّح نواطير أحراج تابعون لوزارة الزراعة في المنطقة أن يكون الحريق متعمداً، وخصوصاً أنّه اندلع ليلاً بعد أن كان قد اندلع على نطاق ضيق في ثلاث نقاط أخرى في المنطقة الأسبوع الماضي، نافين أن تكون حدّة الهواء وارتفاع درجات الحرارة هما السبب وراء هذه الحرائق وتكاثرها، لأنّ المنطقة رطبة إجمالاً، وهي ليست معرّضة للرّياح القويّة التي نادراً ما تتعرّض لها المنطقة.
لكنّ الأهالي الذين أبدوا عتباً كبيراً على غياب الدفاع المدني بعناصره وآلياته عن مساعدة المواطنين والجيش، أشاروا إلى أنّ حرائق عدة اندلعت أخيراً في المنطقة من غير أن يُعرف مفتعلوها، وخصوصاً الحريق الكبير الذي اندلع قبل فترة في الرقعة الحرجية الواقعة بين بلدات بطرماز وطاران والسفيرة.
رئيس مصلحة الزراعة في الشمال معن جمال أشار لـ«الأخبار» إلى أنّ المنطقة ليست للتنزه أو قريبة من الأراضي الزراعية حتى نقول إنّ الحريق كان نتيجة خطأ، أو إنّه غير متعمد، لكنه تساءل: «كيف يمكن أن يكون الحريق غير متعمّد وهو لا يندلع إلا ليلاً أو عند ساعات الفجر الأولى؟».
وإذ أشار جمال إلى أنّه لا معلومات لديه حول التحقيقات في أسباب الحرائق التي اندلعت أخيراً، وأنّ هذا الأمر أصبح بعهدة القوى الأمنية المعنية، فإنّه لفت إلى أنّ «تعدّيات تجّار الفحم والحطب على الأحراج، ومحاولات وضع اليد على المشاعات الكبيرة في المنطقة، فضلاً عن الأوضاع المعيشية الصعبة، قد تكون أبرز الأسباب والدوافع وراء الحرائق المتعمدة التي شهدتها أكثر من منطقة شمالية في الآونة الأخيرة».