جبيل ــ جوانّا عازار
إميل العكرا مهندس وأستاذ جامعي من مدينة الحرف، جبيل. علّم العمارة لمدّة 22 سنة، ويملك اليوم مكتبة ضخمة تضمّ نحو 15 ألف كتاب، فضلاً عن أرشيف كبير لعدد من الصحف اللبنانيّة والعربيّة والمجلات العلميّة المتنوّعة

يجمع اميل العكرا (62 عاماً) الكتب منذ نحو 50 سنة، وهي تشمل مواضيع متعدّدة منها السياسة، التاريخ، الاقتصاد، العمارة، الفنّ، النحت، الأدب، الرسم... باللغتين العربيّة والفرنسيّة، وقد جمعها من لبنان ومن خارجه، وخاصّة من فرنسا.
العكرا المولع بالمعرفة، كان يجمع منذ أواسط الثمانينيات أرشيف 5 صحف هي: النهار، السفير، الديار، الحياة، الأنوار، فضلاً عن مجلات، منها الحوادث، نداء الوطن... وغيرهما. ومنذ خمس سنوات حتّى اليوم اقتصر نشاطه على جمع أعداد ثلاث صحف هي النهار، السفير والأخبار، في أرشيف منظّم وشامل لا ينقصه أيّ عدد. فضلاً عن ذلك، يواظب العكرا على شراء مجلات شهريّة لبنانيّة وعربيّة، إضافة إلى عدد مهمّ من المجلات الغربيّة، منها مثلاً مجلات علميّة متخصّصة في العمارة يشتريها منذ عام 1968 وحتّى اليوم. إضافة إلى ذلك يقوم العكرا بزيارة معظم معارض الكتب التي تقام في لبنان، ويولي اهتماماً خاصّاً بمعارض الكتب الفرنسيّة، وهو من الزوّار الدائمين لها.
مكتبة العكرا الغنيّة موجودة في المنطقة القديمة من مدينة جبيل، وهي غير مفتوحة للعموم، لكن يعمل العكرا على تنفيذ مشروع يجمع الكتب التي يملكها والأخرى التي يملكها شقيقه الدكتور أدونيس العكرا وعددها نحو 10 آلاف كتاب ضمن مؤسّسة تحمل اسم العائلة، لتكون عندها مكتبة عامة يستفيد منها أهل المنطقة.
أمّا عن الكتب التي يملكها، فيقول العكرا إنّه اختارها جميعها واشتراها، وهو يعرف ما في داخل نحو 90 بالمئة منها، وبالنسبة إلى الصحف فهو يتصفّحها ويطّلع من خلالها على التطوّرات الأساسيّة في البلد والعالم، وهو في فترة الظهر من كلّ يوم يكون قد اطّلع عليها بشكل كاف وعرف من خلالها الموضوعات التي تهمّه. وتتولّى مساعدة العكرا في مكتبه أمر الأرشيف وتنظيم الكتب والمجلات والصحف، ويبقى اللجوء إلى الإنترنت أمراً بعيداً عن العكرا لضيق وقته.
ويعرف عن العكرا أنّه رائد من روّاد الحركة الثقافيّة في جبيل، وقد شارك في تنظيم نشاطات ثقافيّة منوّعة في نادي أدونيس ـــــ جبيل، ويقوم القيّمون على النادي اليوم بجمع الأرشيف الثقافي منذ 15 سنة ضمن كتاب يضمّ مختلف النشاطات الثقافيّة من مؤتمرات تربويّة، ندوات عن محاور فكريّة وثقافيّة... وجميعها محفوظة.
أمّا عن واقع القراءة والثقافة، فيقول العكرا إنّه لمس للأسف خلال تجربته في التعليم الجامعي أنّ معظم الطلاب الجامعيين لا يقرأون، وهذه مشكلة بحدّ ذاتها تهدّد الأجيال القادمة، رغم بعض الاستثناءات عند بعض الطلاب، لكن القاعدة الأساسيّة حسب قوله تشير إلى أنّ الشباب لا يقرأون. وعن واقع مدينة الحرف يقول العكرا إنّ المكتبات العامّة تغيب عنها، متحدّثاً عن مشروع طرحته بلديّة جبيل في الفترة الأخيرة على وزارة الثقافة لإنشاء مركز ثقافي يضمّ إضافة إلى مكتبة عامّة، لقاءات ثقافيّة، ندوات، محاضرات ومعارض رسم ونحت، مضيفاً أنّه سيكون جاهزاً بعد نحو ستّة أشهر.
وعن شغفه بالكتب والاطلاع الذي ورثه عنه أبناؤه الخمسة، يقول العكرا إنّ القراءة هي جزء من اللذة والمعرفة وهما أساس الحياة، قائلاً للذين لا يقرأون: «الله يساعدن»، مشيراً إلى أننا مقبلون على مرحلة جديدة ستصبح فيها المعرفة مقتصرة على فئة معيّنة، معرباً عن تقديره للسياسة التي هي «جزء من الثقافة»، والتي عكس ما يشاع ما دخلت شيئاً إلا ونظّمته ووضعته على الخطّ الصحيح، قاصداً السياسة بمعناها الشامل وبمعنى الـ Discipline التي هي في خدمة السياسة العامّة للمجتمع. وهو إذ يمضي على الأقل نحو أربع ساعات يومياً في القراءة، يشير إلى أنّ «المعرفة هي أفعَل قوّة في التاريخ، هي أهمّ وأقوى رافعة تحرّك المجتمعات، تقرّر وتصوّب مسارات القوى الباقية منها الاقتصاديّة، السياسيّة وغيرها».