عمر نشابة
سُمع أمس إطلاق نار في منطقة الصيفي في وسط بيروت. انتشر الخبر وهرع الصحافيون الى المنطقة لتغطية الحدث الأمني. وأثناء الانتظار في زحمة السير الخانقة التي تؤدي الى المكان، توقّع الصحافيون سيناريوهات عديدة للحدث. فمنهم من اعتقد أن الأمر يتعلّق بمشكلة أمنية بين شباب من أنصار المعارضة المعتصمين في وسط بيروت من جهة وعناصر أمنية أو مناصري قوى السلطة من جهة أخرى. وتوقّع آخرون أن إطلاق النار ناجم عن اعتداء مسلّح تعرّض له بيت الكتائب في منطقة الصيفي في سياق استهداف الكتائب بعد اغتيال النائبين الشهيدين بيار الجميل وأنطوان غانم. واعتقد آخرون أن الأمر مرتبط بمطاردة قوى الأمن مشتبهاً فيهم كانوا يحاولون وضع عبوة ناسفة في الوسط التجاري من أجل إشاعة جو من الرعب وزعزعة الوضع الامني قبل موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بأيام. وذهب البعض إلى ترجيح أن اطلاق النار ناتج من استهداف أحد نواب السلطة. وكان يمكن أيضاً توقّع أن يكون إطلاق النار ناجماً عن مطاردة الشرطة القضائية لتجّار ومروّجي مخدرات أو لصوص، أو أن الأمر يتعلّق بجريمة سرقة أو سطو مسلّح. وفي أبسط الاحوال قد يكون الأمر مجرّد مفرقعات نارية من بقايا العيد.
لكن ما لبث أن وصل الصحافيون إلى المكان حتى تبيّن لهم أن الأمر يخالف جميع التوقّعات. لا بل أن الأمر مدهش للغاية لكأنه جولة من جولات عنف العصابات في منتصف القرن السابق أو اشتباك بين رعاة بقر (cowboys) في الـ«وايلد ويست» الاميركي... فالقضية لا علاقة لها بالسياسة أو باعتصام المعارضة أو حزب الكتائب أو حتى بمكافحة الشرطة لمشتبه فيهم بارتكاب جرائم. ما حدث هو إطلاق ضابط في أحد الاجهزة الامنية النار على مواطن يبدو أنه كان أيضاً مسلّحاً، وذلك على خلفية إشكال بسبب أفضلية المرور. كأن الوضع الامني في البلد ينقصه حوادث أمنية من هذا النوع.
انطلقت التحقيقات القضائية في الحادث، لكن مهما كانت نتيجتها لا شكّ في أن ما حدث يشير الى استسهال في سحب السلاح وإطلاق النار، وينذر بجوّ خطير يلفّ البلد خصوصاً مع انتشار السلاح بأيدي العديد من المواطنين. والناس يسألون: أين الدولة التي تحمينا؟