القليلة ـ آمال خليل
قلاقل حول الإعمار في بلدة القليلة مجدداً. ولأن الزيت وافر في إبريقها، يطول عمر حكاية إعادة إعمار البيوت المهدمة حتى لا تكاد تظهر نهاية لها بعدما ضاعت بين البلدية ومجلس الجنوب والمتعهدين، إلى أن قرر الأهالي حسم خاتمتها بأنفسهم بالتواصل المباشر مع وزارة الإسكان السورية التي أوكلت إلى مجلس الجنوب، عبر اتفاق وقِّع في 2 نيسان الفائت، إدارة الهبة السورية التي تبنّت إعادة إعمار 360 وحدة سكنية موزعة على بلدات قانا (60 وحدة) وصديقين (150 وحدة) والقليلة (150 وحدة).
الحكاية التي بدأت أصلاً متأخرة تسعة أشهر بعد انتهاء العدوان، لم تصدق روايتها تماماً؛ فبعدما وعد المعنيون مرتين في شهري نيسان وتموز «فور موافقة الأهالي، ببدء الإعمار» الذي بدأ فعلياً منذ أربعة أشهر في ست وحدات «محسوب أصحابها على إحدى الجهات السياسية» بحسب الأهالي، في عملية إعمار بطيئة جداً لم تنجز من البيوت بعد أكثر من الأساسات. وفيما تنص الآلية المقررة على أن المتعهد يقدم الفواتير إلى سوريا بعد إنجازه مجموعة من الوحدات، ينقل أحد المتضررين، نصر محسن، أن «المقاول المشرف يشترط أن يعيد بناء وحدته السكنية المؤلفة من طابقين لأنه يستفيد من مكاسب الطابق العلوي»، بالإضافة إلى «اعتماده خريطة بمساحة 200 متر عوضاً عن مساحة البيت الحقيقية وهي 240 متراً». وبالرغم من أن حصة البلدة من الهبة السورية، زادت انسحاب صديقين وتوزيع حصتها بين القليلة وقانا، ويرى محمد رمضان أن «رائحة المقاولات المنبعثة من صفقة تنجز على ظهور الأهالي تمنع البعض من القبول بتسليم رقابهم إلى المقاولين الحاليين الذين يهتمون أولاً بالربح المادي بغض النظر عن معاناتهم التي تستمر رغم انقضاء 15 شهراً على العدوان». وما يزيد من غليان الوضع في البلدة، قرار المقاول المشرف، وهو أحد مهندسي مجلس الجنوب، القيام باستقصاء للتأكد من المساحة الحقيقية لكل وحدة إثر شكوك بتزوير بعض الأشخاص لبيانات بيوتهم؛ علماً بأن مهندسي المجلس هم من قام بالكشف لمرات عدة على الوحدات.
أما كامل حيدر، المتضرر الأكبر في القليلة ومنطقتها، بعد خسارته ما يفوق 4 ملايين دولار في قصره ومشاتله وبستانه فقدّرت له الهيئة العليا للإغاثة 14 وحدة سكنية، لم يخف نية الأهالي تصعيد تحركهم قبل حلول الشتاء «بعد أن جالوا على القوى المحلية لاستبيان مصيرهم وشرح أسبابهم لرفض الإعمار السوري المباشر عبر مجلس الجنوب واختيارهم قبض مساعدات عينية يعمّرون بها بيوتهم كما يشاؤون، من دون جدوى، وخصوصاً في ظل انهماك مسؤوليهم بالاستحقاقات السياسية، قرروا التوجّه مباشرة إلى سوريا للوقوف على حقيقة الاتفاق المبرم بين وزارة الإسكان والتعمير لديها ومجلس الجنوب والبحث بإمكان دفع الهبة مباشرة إلى أصحابها لمنع الهدر والسرقة، إضافة إلى تنظيم تظاهرات دائمة لتحقيق المطالب».