العلاقات اللبنانية ـــــ الأميركية بالمنظار اللبناني»، كان عنوان الحلقة الثانية من الندوة التي ينظمها مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية حول ثوابت ومتغيرات العلاقات بين البلدين، في حضور ممثلين للسفارتين الأميركية والمصرية وحشد من المهتمين.وبدأت الحلقة التي أدارها الزميل نقولا ناصيف، بمحاضرة للنائب فريد الخازن تحدث فيها عن مرحلتين للتدخل الاميركي، الأولى ثقافية وتربوية قبل استقلال لبنان، والثانية بعد «بروز اميركا دولة عظمى بعد الحرب العالمية الثانية» ودخول منطقة الشرق الأوسط «باكراً، في الحرب الباردة»، معتبراً أن أزمة 1958 جاءت على خلفية الثانية، وأنه كان للبنان أهمية استراتيجية في ذلك العام بالنسبة إلى الغرب «ولا سيما بعد سقوط النظام العراقي وفي زمن التمدد القومي العربي».
وردّ الاستقرار والازدهار في الستينيات، الى انهماك أميركا بحرب فييتنام، إلى أن أعاد «زلزال حرب 1967 خلط الأوراق والتحالفات، وأدخل لبنان في النزاع العربي ـــــ الإسرائيلي من الباب الخلفي». ثم تطرق إلى اتفاق القاهرة «وكيف بدأ العد العكسي للحرب في لبنان التي اندلعت عام 1975 والتي كانت لمصلحة الاطراف جميعها: الدول العربية، اسرائيل والدول الكبرى»، معتبراً أن تحرك واشنطن عام 1976 وتأييدها لدخول الجيش السوري كان هدفه «وضع حد للتمدد الفلسطيني المسلح».
وعزا التدخل الأميركي بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 إلى «أسباب اسرائيلية»، معتبراً اتفاق 17 أيار «أقصى الاهتمام الأميركي بلبنان». ثم تناول «التدخل المباشر لوضع حد لحرب التحرير في عهد العماد ميشال عون صيف 1989 بغطاء أميركي ـــــ سعودي». وقال «ان اتفاق الطائف اطلق يد سوريا في لبنان بدعم اميركي».
ورأى أن تطورات السنوات الأخيرة «كان لها التأثير المباشر والتغيير الجذري في المشهد الاقليمي والدولي وفي لبنان»، وأن «تدويل الوضع اللبناني بلغ درجات غير مسبوقة»، ليخلص إلى «أن لبنان الآن، على تقاطع مصالح وأزمات، وأمامه فرصة لتوظيف هذا الوضع لمصلحته أو لإضاعة الفرصة، ونسبة اللبننة في الانتخابات الرئاسية أكثر بكثير مما نظن».
ثم تحدث المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور احمد ملي، فوضع العلاقات بين البلدين «في اطار العلاقة بين دولة كبرى ودولة صغرى. وتبعاً لذلك فإن لبنان هو في وضع المنفعل اكثر مما هو فاعل»، و«ليس بوسعه أن يكون بمنأى عن الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة والتهديدات لإيران وسوريا»، إضافة إلى أنه «يحتل مكانة متقدمة في الأجندة الأميركية لنشر الديموقراطية، باعتبار أن ذلك يمثّل حماية للأمن القومي الأميركي». وتوقع انعكاس رفض أميركا لحق عودة الفلسطينيين ودعمها للخصخصة، على نظرة اللبنانيين إلى سياستها.
أما مدير «مركز الشفافية الدولية» في بيروت محمد مطر، فتناول علاقات البلدين من زاوية «انقسام اللبنانيين ونظرتهم المختلفة لهذه السياسة بما ينسجم مع رؤية كل فئة أو جماعة لنفسها وللآخرين». ورأى «أن الحماية الحقيقية للبنان هي بالعودة الى الشرعية الدولية كما عبرت عنها المواثيق والأعراف والقواعد الدولية، ولا يكون ذلك الا بمحاولة إرجاع الولايات المتحدة إلى هذه الجادة».
(الأخبار)