إنه موسم الزيتون في لبنان، ينهمك خلاله المزارعون من الشمال إلى الجنوب ومن عكار إلى البقاع بتقليد يعود إلى آلاف السنين في منطقتنا: قطاف وعصر أحد أثمن وأهم إنتاجات أرضنا.لطالما كان زيت الزيتون السلعة الأساسية في إنتاجنا ونمطنا الغذائي والركن الأساسي في مطبخنا. حتى في البلدان غير المنتجة، مثل ألمانيا وبريطانيا، تخطّت مبيعات هذا «الذهب السائل» مبيعات الأنواع الأخرى من الزيوت. فمنافع هذا الزيت الصحية والاهتمام المتصاعد بالمطبخ المتوسطي عاملان يحفّزان السوق، حيث من المتوقع في الفترة المقبلة أن يرتفع الطلب الاستهلاكي العالمي على زيت الزيتون الذي يساوي اليوم 1.25 مليار دولار أميركي، والذي سجّل ارتفاعاً بنسبة 1.5% سنوياً خلال العقد الماضي.
تسيطر اليوم على سوق زيت الزيتون العالمية عدة بلدان هي إسبانيا وإيطاليا واليونان وتونس. ورغم أن الشرق الأوسط يبدو لاعباً متواضعاً في هذا المجال، فإن الإمكانات التي يحويها سوقه المتنامي معروفة للجميع وإنتاجه في ارتفاع. فقد أصدر «مجلس زيت الزيتون العالمي» إحصائيات تفيد بارتفاع الإنتاج العالمي لزيت الزيتون خلال السنوات العشر الماضية من نحو 1.7 مليون طن إلى نحو 2,5 مليون طن. وفيما تدنّى الإنتاج اللبناني من 25 ألف طن عام 2004 إلى 11,500 طن عام 2005 بسبب ظاهرة المعاومة، ارتفع المحصول السوري من 76 ألف طن إلى 155 ألف طن خلال العقد الماضي، والمنتج الأخير وصل إلى نحو 200 ألف طن من زيت الزيتون. أما الأردن، فقد تضاعف إنتاجه تقريباً خلال السنوات العشر الأخيرة، ومن المتوقع أن يرتفع من 22 ألف طن إلى 36 ألف طن بحلول السنة القادمة.
استناداً إلى نشرة مشروع التنمية الزراعية في وزارة الزراعة، بلغ حجم الصادرات اللبنانية عام 2006، 1820 طنّاً، وكانت الولايات المتحدة الأميركية على رأس قائمة الدول المستوردة حيث بلغ استيرادها 468 طناً. خلال الفترة ذاتها، استورد لبنان نحو 1224 طناً من زيت الزيتون، معظمه من سوريا. وقد ارتفعت واردات زيت الزيتون في لبنان من 61 طناً عام 2004 إلى 1643 طناً عام 2005، أي بنسبة 2500%، وذلك بعد دخول اتفاقية التيسير العربية حيّز التنفيذ.
يمنح متذوّقو زيت الزيتون العالميّون الزيت اللبناني أعلى المراتب في تصنيفات الجودة حين ينتج مع احترام العادات الزراعية الجيدة وحين يتم استخراجه في معاصر حديثة تستوفي شروط النظافة. وتنتج مناطقنا عدة نكهات من زيت الزيتون، بحسب اختلاف التربة والارتفاعات في الحقول التي تتم زراعتها. لكن التنافس على المستوى العالمي يستدعي توفير أساليب إنتاج حديثة تحترم قواعد الهندسة الزراعية وأساليب الإنتاج التي تهتم بالجودة.
وفي مجال الزيتون، تبدو إدارة الزراعة وتقنيات الإنتاج من أهم العوامل لضمان محصول عال من الزيت ومثمر من الزيتون. كذلك للتخزين الجيّد دور جوهري في الحفاظ على جودة الإنتاج.
تتصدّر الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وأستراليا والبلدان العربية قائمة مستوردي زيت الزيتون اللبناني، وهي البلدان ذاتها التي تستهدفها سوريا والأردن لتصريف إنتاجهما، من خلال لجوء البلدين إلى الوجود أكثر في المعارض العالمية، مثل مشاركتهما خلال هذا العام في معرض سيول الغذائي. أمّا لبنان، فلديه القدرة على زيادة إنتاجه شرط أن يتضاعف غرس الأشجار في المستقبل القريب. فبحسب النشرة ذاتها لوزارة الزراعة، تبلغ المساحات المزروعة في لبنان بأشجار الزيتون 59 ألف هكتار تتوزع حسب المناطق بنسب تتفاوت بين 40% في الشمال و38% في الجنوب و17% في جبل لبنان و5% في البقاع. ومن ناحية أخرى، يمتلك لبنان إمكان التركيز على النوعية وليس فقط على الكمية والتميّز في التخصص بإنتاج زيت الزيتون العضوي والبكر وهو الأكثر طلباً في الأسواق العالمية.
أما في مجالات التوظيف والعائدات، فباستطاعة زيت الزيتون أن يصبح من أهم مصادر قطاع الزراعة اللبناني، خاصة أن رقعة توزيعه تتسع في جميع المناطق. معظم ملّاك حقول الزيتون هم من صغار المنتجين الذين يزرعون الزيتون لاستهلاكهم الشخصي وللتجارة على مستوى ضيّق. بدعم هؤلاء المزارعين، وبزرع المزيد من الأشجار وتطوير تقنيات الإنتاج وإدارة الزراعة، ستستفيد شرائح اجتماعية مهمشة من هذا القطاع وتتحقق تنمية مستدامة للزراعة في الأراضي الجافة. فأشجار الزيتون تغطي 7% من الأراضي اللبنانية، أي ما يفوق مساحة غابات لبنان بأكملها. أما إذا استمرّ تهميش هذا القطاع، فسيخسر لبنان الكثير أمام جيرانه على مستويي الإنتاج وفرص التصدير.
(الأخبار)



منافع صحّية

تبدو المنافع الصحية لزيت الزيتون لا نهاية لها. فقد أظهرت الدراسات أن استهلاك زيت الزيتون يومياً قد يخفف من احتمالات الإصابة بالذبحة القلبية، إذ يحتوي هذا الزيت على الدهون المشبعة الأحادية (monosaturated fats)، وعلى مواد مقاومة للتأكسد تمنع انسداد الشرايين وتساعد على خفض ضغط الدم، كذلك هو يخفف من خطر الإصابة بمشاكل القلب.
يساعد زيت الزيتون أيضاً على الحماية من تخثّر الدم والجلطات، وينشّط الكبد ويحمي المعدة من التقرحات. تؤدي أهم مكوناته، فيتامينات A1,B1,E والأوميغا 3 و6، دور مواد مقاومة للتأكسد تحمي خلايا الجسم من الأضرار التي تسببها الجذور الحرة (free radicals)، وهي جزيئيات غلافها مفتوح.
يستطيع جسمنا إنتاج معظم الأحماض الدهنية ما عدا حمضي الزيتيك واللينوليك الأساسيين لسلامته. هذان النوعان من الأحماض موجودان في زيت الزيتون. كذلك يعتقد اختصاصيّو التغذية أن مادة الـ «polyphenol» الموجودة فيه قد تساعد على مقاومة الخلايا السرطانية.
ويقي زيت الزيتون من ارتفاع السكّر في الدم ومن ضعف الذاكرة وهشاشة العظام، إذ يسهّل على الأمعاء امتصاص الكالسيوم والفوسفور والفيتامين «د». كذلك يحمي من التهاب المفاصل ويسهّل عملية الهضم، ويفضّل استهلاكه بدل استهلاك أنواع الزيوت الأخرى خلال فترات الحمية الغذائية لأنه صحي أكثر رغم احتوائه على الدهون.