strong>كمال شعيتو
طلبت الفتاة القاصر فيكتوريا ن. (مواليد 1993) من بيرم م. (مواليد 1960 والمعروف بجورج) العمل داخل محله بعلم والدها، فطلب منها بيرم تنظيف الرفوف من الغبار لقاء مبلغ 10 آلاف ليرة. وبعد أسبوعين من عملها، تكشّف لوالدة فيكتوريا أن ابنتها تتعرض للتحرش الجنسي من جانب صاحب العمل، ما دفعها إلى الادعاء عليه.
فقد أصدرت محكمة جنايات جبل لبنان حكماً بحبس المتهم بيرم م. ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة، مخففة إلى الاكتفاء بمدة توقيفه التي تجاوزت سنة، بجناية القيام بأفعال منافية للحشمة، فضلاً عن دفع مبلغ مليون ليرة بدل تعويض للجهة المدّعية. وفي متن قرار الحكم، أن المدّعى عليه يملك محلاً باسم «وان دولار»، وقد أقدم على استدراج الفتاة القاصر فيكتوريا إلى داخل محله وخلع ملابسها وداعبها. وتبين أن القاصر أدلت، في مواجهة المتهم أمام المحكمة، بأن الأخير كان يستدرجها، ويدخلها إلى غرفة صغيرة لينزع عنها ملابسها، بما فيها الداخلية، ثم يقبّلها في مختلف أنحاء جسدها من دون رضاها. وقالت فيكتوريا، التي أصرت على أقوالها، إن المتهم قام بفعلته حوالى خمس مرات، عمد في آخرها إلى إدخال عضوه في شرجها، فشعرت بألم شديد، ما حملها على البوح لوالدتها بما فعله معها المتهم. مع الإشارة إلى أن الفتاة أدلت خلال إحدى جلسات التحقيق بأن والدتها المدّعية س. م.، لاحظت يوم 20ـــــ9ـــــ2006، تاريخ التحرش بالفتاة والتقدم بالادّعاء، اصفرار وجهها وعلامات الخوف البادية عليها، فسألتها عن السبب. ولمّا لم تخبر فيكتوريا والدتها، عمدت الأخيرة إلى ربطها بالحبل لإجبارها على البوح بالسبب، ما دفع خالتها للتدخل لحل الموضوع. بدوره، أنكر المتهم خلال جميع مراحل التحقيق وأمام المحكمة ممارسة أي فعل مناف للحشمة بحق القاصر، من دون نفي معرفته بها أو حضورها إلى محله أسوة بغيرها من الزبائن، مع العلم بأن بيرم رفض تعيين محام له للدفاع عنه.
وفي معطيات طبية نفت ما ادّعته القاصر، فإن مضمون تقرير الطبيب الشرعي الذي كشف على الفتاة والمدّعى عليه أظهر التالي: للمدعى عليه: «لا توجد أية علامات عنف على كامل الجسم أو كدمات أو رضوض أو جروح. كما وأنه لا توجد أية علامات عنف على عضوه والخصيتين، ولا يوجد أي أثر لسائل منوي أو غيره على سرواله الداخلي. النتيجة: (...)لا توجد أية علامات تدل على أنه مارس الجنس بالقوة». أما في الكشف على فيكتوريا: «لا توجد أية علامات عنف من كدمات أو رضوض أو غيرها على كامل الجسم. كما وأنه لا توجد أية علامة تدل على أنه قد حصل أي عنف على المهبل أو غشاء البكارة أو على الشرج. النتيجة: لا يبدو أن الطفلة قد تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي». تجدر الإشارة إلى أن التقرير الطبي كان في اليوم نفسه الذي ادّعت فيه القاصر قيام المدّعى عليه بفعلته.
بالمقابل، وفي قرار لافت، لم تأخذ المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي، إذ إنها «وهي تستعرض وقائع الدعوى، لا يمكنها التوقف عند إنكار المتهم ومضمون التقرير الطبي الذي يؤكد أن القاصر لا تزال عذراء»، بل اقتنعت المحكمة بالأسباب المخففة لعقوبة المادة 509 وفقاً للإفادة التي أدلت بها القاصر خلال مراحل التحقيق وأمام المحكمة. وذكر قرار المحكمة استناداً إلى «القانون وتقدير الأدلة»، أن نص المادة 509 من قانون العقوبات، والأفعال المنافية للحشمة «لا تتطلب القيام بفض البكارة، بل إن مجرد مداعبة المجني عليها وخلع ثيابها ومشاهدة عوراتها من جانب الجاني، والانفراد بها وحملها على إمساك عضوه، كلها أمور تجعل شروط عناصر المادة 509 عقوبات مخففة، وبالتالي فإن المحكمة تكون مقتنعة بصحة أقوال القاصر فيكتوريا، وأن المتهم أقدم على التحرش بها».
رغم القرار الصادر عن المحكمة، فإنه يبدو مبرراً التساؤل عن أسباب عدم الأخذ بتقرير الطبيب الشرعي. أضف إلى ذلك، عدم ذكر ما ورد خلال التحقيق من قيام الوالدة بربط ابنتها بالحبل لحملها على البوح بسبب خوفها!