نهر البارد ــ عبد الكافي الصمد
دفع ارتفاع أصوات نازحي مخيّم نهر البارد، ومن عاد منهم إلى الجزء الجديد من المخيّم، ومن لم يزل مهجّراً خارجه، وتنفيذهم اعتصامات شبه يومية أمام مكاتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في مخيّم البدّاوي وطرابلس، وانتقادهم على نحو حاد تقاعسها في تقديم المساعدات المقدّمة إليهم، وصولاً إلى حدّ اتهامها بـ«العداء للشعب الفلسطيني»، دفع كلّ ذلك المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن، والمفوّض العام للوكالة كارين أبو زايد، للقيام بزيارة خاطفة إلى مخيّم نهر البارد، بعيداً عن الأضواء وأنظار ومسامع الإعلاميين.
بيدرسن وأبو زايد جالا على المخيّم الجديد، فزارا العيادة المؤقّتة التي استحدثتها الأونروا لتقديم الرعاية الصحّية للعائدين إلى المخيّم، والمباني الجماعية حيث يقطن العائدون، وتفقدا آبار المياه التي أعيد تصليحها، ثم قاما بجولة داخل المخيّم القديم.
أبو زايد قالت، في ختام الجولة، إنّها جاءت لترى بنفسها «حجم العمل الذي ينتظرنا، وهو بالفعل هائل»، لافتة إلى أنّ الأونروا «تعمل حالياً مع العائلات المتضرّرة، ومع الجهات العاملة على الأرض، والحكومة اللبنانية والجيش والجهات المانحة والمجتمع المحلي، لضمان تأمين الحاجات الطارئة الآنية والبعيدة الأمد»، مشيرة إلى أنّه «من الواضح أنّ إعادة إعمار مخيّم نهر البارد ستتطلب تعاوناً كبيراً بين الحكومة اللبنانية ووكالة الأونروا، التي تبقى مستعدة وملتزمة هذا التعاون».
أمّا بيدرسن فأشار إلى أنّه «استمعنا إلى هموم ومخاوف سكان المخيّم الذين شهدوا حوادث مؤلمة في الأشهر السابقة، وتحاول الأمم المتحدة والأسرة الدولية، بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية أن تلبّي الحاجات الإنسانية الطارئة للعائلات التي عادت إلى المخيّم وإلى تلك التي ما تزال خارجه، قبل حلول فصل الشتاء»، مشيراً إلى أنّ الحكومة «ملتزمة إعادة إعمار المخيّم بدعم من الأسرة الدولية».
وأعلن أن بيدرسن وأبو زايد سيلتقيان وفد الجهات المانحة من الأسرة الدولية، لإطلاعه على العمل الذي تمّ إنجازه حتى الآن، في مجال المساعدات وإعادة الإعمار، وطلب دعمه للعمل الذي يجب القيام به.
لكنّ هذه الزيارة لم تحل دون صدور أصوات منتقدة للأونروا، ولدورها الإغاثي تجاه النّازحين. فـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» التي عقدت اجتماعاً لها في الجزء الجديد من مخيّم نهر البارد، استبقت الزيارة بتوجيهها انتقادات شديدة اللهجة إلى الأونروا، ولسياستها تجاه النّازحين العائدين، فاتهمتها «بالتقصير في توفير احتياجات أبناء الشعب الفلسطيني»، وحمّلت المدير العام للأونروا ونائبه «المسؤولية، بسبب غياب خطّة الطوارئ الحقيقية التي تستجيب لاحتياجات أبناء المخيّم بنازحيه وعائديه، وخاصة في فصل الشتاء الذي يتطلب لوازم خاصة».
واستنكرت الجبهة «الظروف غير الإنسانية التي تعيشها العائلات في مساكن الإيواء المؤقّت في البيوت الجاهزة، التي عانت بسبب المطر من أوضاع كارثية أبرزت بوضوح تام عدم صلاحية الوحدات السكنية المقامة للحياة الآدمية، إضافة إلى سوء تقنية وتنفيذ المتعهدين»، ومتهمة «قسم الهندسة في الأونروا بالفساد».
وحمّلت الجبهة دائرة التربية والتعليم في الأونروا «مسؤولية التقصير في بدء العام الدراسي لأكثر من 11 ألف طالب فلسطيني في الشّمال»، وطالبت «بخطوة سريعة لإنقاذ هذا العام عبر وضع خطّة لنقل النازحين المقيمين في مدارس الأونروا في مخيّم البدّاوي إلى مساكن لائقة في مخيّم نهر البارد، أسوة بما حصل مع النّازحين الذين كانوا مقيمين في المدارس الرسمية في البدّاوي».