ليال حداد
مئتان وخمسون ألف ليرة لبنانية هو رسم التسجيل في الجامعة اللبنانية. قد يبدو المبلغ ضئيلاً مقارنةً مع أقساط الجامعات الخاصة، إلاّ أنّه ليس كذلك بالنسبة إلى عدد من طلاب الجامعة. مرام وإيلي... وطلاب آخرون قرّروا التعبير عن مشاكلهم الاقتصادية التي قد تكلّفهم عامهم الدراسي.
«أنا شابة في الثامنة عشرة من عمري، لا يتجاوز راتب والدي خمسمئة دولار، أمي لا تعمل ولي أخ صغير»، بهذه الكلمات تعرّف مرام بنفسها وتشرح سبب عدم قدرتها على دفع رسوم التسجيل في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـــــ الفرع الثاني. تبدو مرام متفائلة بإمكان إيجاد فرصة عمل تنقذ الموقف.
من جهته، يتحدث مدير الفرع الدكتور جورج روفايل عن تفاقم المشاكل المعيشية لدى عدد من الطلاب: «بدأتُ هذا العام أسمع عن طلاب لا يستطيعون دفع الرسوم، وحتى هؤلاء الذين يتمكنون من التسديد يطلبون مساعدات من الإدارة لتوفير النقليات مجاناً». لا ينكر روفايل استحالة مساعدة الطلاب العاجزين اقتصادياً، فـ«موازنة الجامعة اللبنانية لا تسمح». ويستنتج روفايل مما يواجهه يومياً في الكلية أن البلد أصبح مقسوماً إلى طبقتين أساسيتين: «هناك طبقة غنية تستولي على المال، وهناك الطبقة التي تأتي للتعلم في الجامعة اللبنانية ولا تجد إمكانية لدفع رسم تسجيل رمزي». تستمر مدة التسجيل في الكلية حتى آخر الشهر الجاري «ولكن إذا طلب منّا أحد الطلاب تمديد المهلة لوضع استثنائي فسنوافق، لأننا ندرك صعوبة الأوضاع المعيشية».
لا يخجل إيلي جرجي من الحديث عن هاجسه الأساسي: «أريد أن أتسجّل في كلية العلوم في اختصاص علوم الأحياء، لأنني أطمح إلى دخول كلية الطب». غير أن طموح جرجي يصطدم بمشكلة دفع رسوم التسجيل: «لا أعرف كيف سأدفع الرسم، الله يدبّر، ولكن لم أتخيّل أنه سينتهي بي المطاف إلى البحث عن وسيلة لدفع رسم جامعة رسمية». أما الطالبة ريتا الحاج فتشرح الطريقة التي استطاعت بها تدبّر مال التسجيل: «استدنت المال من صديقتي لأني لم أكن أملكه، ولولا الاستدانة لما استطعت تسديد المبلغ».
أما مدير معهد العلوم الاجتماعية ــــ الفرع الثاني الدكتور جورج سوتيري فيشير إلى تأجيل معظم الطلاب دفع رسوم التسجيل حتى آخر الشهر في انتظار الانتخابات الرئاسية. «لا أحد يخاطر بدفع ماله قبل الوقت خوفاً من أن يحصل تطوّر ما في البلد». وتأكيداً لكلام سوتيري، تقول رئيسة الهيئة الطالبية في الكلية ليال فتوح إنّ هذا العام هو الأسوأ لجهة الأوضاع الاقتصادية: «عدد الطلاب الذين يطلبون منّا المساعدة كبير ونحن نفعل ما بوسعنا، فاستطعنا تمديد مهلة التسجيل للسنوات كافة حتى آخر الشهر الجاري». وتتحدّث فتوح عن نسبة الحضور القليلة مقارنة مع السنوات السابقة: «الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية مترابطة، وعلينا الانتظار حتى انتهاء انتخابات رئاسة الجمهورية».