strong>«إذا لم تجر الانتخابات في موعدها فستحدث أمور سيئة»
أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أنه فهم من البطريرك الماروني نصر الله صفير أن الأخير سيضع اليوم أو غداً لائحة بأسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية ليختار منها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري اسماً تتوافق عليه الموالاة والمعارضة، وحذر من أنه إذا لم تجر الانتخابات قبل الثالث والعشرين من الشهر الجاري فستحدث أمور سيئة لن يستفيد منها أحد.
كلام كوشنير جاء في مؤتمر صحافي عقده في مطار الرئيس رفيق الحريري قبيل مغادرته بيروت مساء امس، في ختام زيارة استهلها بلقاء البطريرك صفير في بكركي يرافقه السفير جان كلود كوسران، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية جان فيليكس باغانون، مستشار الوزير كريستوف بيغو والقائم بأعمال السفارة الفرنسية أندريه باران.
وبعد اللقاء الذي استمر 45 دقيقة وتخللته خلوة بين البطريرك صفير والوزير كوشنير لمدة عشر دقائق تناولت موضوع الاستحقاق الرئاسي بكل جوانبه، أعرب البطريرك الماروني عن ارتياحه للاجتماع.
من ناحيته قال كوشنير: «تعرفون أن الرئيس بري والنائب الحريري طلبا من البطريرك المساعدة لإخراج البلد من الأزمة التي يعيشها والمساعدة لإنجاز الانتخابات الرئاسية بشكل جيد، لذلك سألتقي في خلال زيارتي هذه كلاً من النائب الحريري والرئيس بري وكل المسؤولين المعنيين، وسأعود في المساء لأطلع البطريرك على نتائج جولتي والانطباعات التي تكوّنت لديّ».
وكرر كوشنير التزام فرنسا «تأمين الدعم للبطريرك في مهمته الصعبة وخصوصاً أن لديه التزامات تجاه طائفته، لكننا نعلم أنه في النهاية رجل عليه أن يؤدي في هذه الظروف دوراً أساسياً تجاه مصير لبنان».
وزار كوشنير والوفد المرافق رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في قريطم، في حضور نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري والنائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري. وبعد الاجتماع أوضح كوشنير «أن المبادرة الفرنسية هي مبادرة دعم للانتخابات الرئاسية ولإتمام العملية الدستورية في الموعد المحدد وسنستمر في هذا التوجه».
وأكد «أن فرنسا لم تفضّل يوماً طائفة على أخرى بل اختارت أن تدعم المسار والطريق الضرورية لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد» معرباً عن أسفه لما وصفه بـ«أصوات تهديدية ترتفع، تريد أن تقول إن هذه الطريق للانتخابات ليست الطريق الفضلى، ولا الطريق الصحيحة، وهذا ما لا أعتقده. ما أعتقده هو أن الشعب اللبناني يجب أن يثابر على هذه الطريق، وأن يتم انتخاب رئيس توافقي». ولفت الى أن «الايام أصبحت معدودة الآن ويجب المثابرة على هذه الطريق، التي هي الطريق الوحيدة التي تحظى بدعم المجتمع الدولي برمّته».
من ناحيته قال الحريري: «إننا نمر بأوقات صعبة جداً، وهناك أصوات ترتفع لا تريد أن ترى الانتخابات. لكن مع جهود فرنسا ومع النية الصادقة لدى قوى 14 آذار، أنا واثق من أننا سنتمكن من التوصل الى رئيس للجمهورية اللبنانية» معتبراً أن «الاصوات التي نسمعها لا تريد لبنان ديموقراطياً، يؤمن باتفاق الطائف. نحن مؤمنون باتفاق الطائف ونعتبره دستوراً للبنان، ولدينا الحق الدستوري لانتخاب رئيس يكون لبنانياً بامتياز».
ثم زار كوشنير والوفد المرافق الرئيس بري بحضور الدكتور محمود بري. وأمل كوشنير بعد اللقاء «أن تحصل الأسبوع المقبل في التاريخ الذي سيفتح فيه رئيس المجلس النيابي مقر البرلمان». وأعلن أنه سيعود الى بيروت يوم الاثنين المقبل معتبراً أن فرنسا ممثلة جداً من خلال سفيرها أندريه باران. وأكد وجوب الاتفاق على مرشح متمنياً على البطريرك صفير أن يقدم لائحة باسم أو أسماء وقال: «كل ما نريده هو أن تتفق الطوائف، الأكثرية والمعارضة، على اسم معيّن».
ورداً على سؤال أوضح أن البطريرك لم يرفض أبداً وضع لائحة مشيراً الى أن لديه ميلاً قليلاً نحو التفاؤل.
بعد ذلك التقى الوفد الفرنسي رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا قبل أن يلتقي في مقر السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر الرئيس أمين الجميل، ثم رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ومساءً انتقل كوشنير الى الرابية حيث التقى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي شكر لفرنسا مبادرتها «لمساعدتنا في إيجاد حل لأزمة الانتخابات الرئاسية» وقال: «من جهتنا، سهّلنا كل السبل لتكون المناسبة بداية حل، ليس فقط لانتخابات رئيس للجمهورية، ولكن أيضاً للمشاكل اللبنانية. ولا نريد أن نكون عرّابي انتخابات تسبّب مشكلة، بل لانتخابات تكون بداية حل لمشاكل لبنان».
ورداً على سؤال أكد عون أن ليس لديه «علم بلائحة أسماء، ولكن كان التلاقي في وجهات النظر وكيفية مقاربتنا لموضوع الرئاسة» وقال: «لقد أعطينا مفهومنا ونريد مشروع حل زائد الضامن له، وهو شخص الرئيس. ومن يتحلَّ بهذه الصفة ويحمل مشروع حل، فنحن نؤيّد ترشيحه وانتخابه، ولا نستطيع أن ندخل بتفاصيل أكثر دقة».
ثم زار كوشنير البطريرك صفير للمرة الثانية وقال بعد اللقاء الذي استمر نصف ساعة: «النتائج ممتازة ولكن لبنان بلد معقد». وتوجه الى المطار حيث عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه: «لاحظنا بعد ستة أشهر من الإصرار والعزم، وفي الأسابيع الأخيرة، أن الأمور توضع في إطارها، وإذا احترم رئيس المجلس النيابي المهل الدستورية فستجري الانتخابات الرئاسية في موعدها» محذراً من أنه إذا لم يتم ذلك قبل الثالث والعشرين من الشهر الجاري فسيحدث في اليوم التالي الأسوأ وآمل أن تحصل الانتخابات بوجود مرشح أو عدة مرشحين تتوافق عليهم الموالاة والمعارضة.
وأكد أن فرنسا ليس لديها أي مرشح وهي تحترم كل المجموعات السياسية والطائفية اللبنانية، وأعلن أنه فهم من البطريرك صفير أنه سيضع لائحة بأسماء مرشحين اليوم أو غداً وعلى الرئيس بري والنائب الحريري أن يختارا بينهما، لكنه رأى أن «هذا الأمر يتطلب شجاعة من 14 و8 آذار»، وأشار إلى أنه بعد لقاءاته شعر بأن العملية تسير على السكة وأن الجميع لديه شعور بأن الانتخابات ستحصل.
ورأى كوشنير أن الفشل والنجاح سيكونان للبنانيين، محذراً في حال الفشل «من أن كل شيء قد يحدث وقد يكون الأسوأ وعندها ستبدأ مرحلة فراغ سياسي أو حكومة ثانية، لكن هذا الأمر لن يستفيد منه أحد».
ولفت كوشنير إلى أنه تأسّف قليلاً لرد فعل السيد نصر الله منذ يومين، وقال: «أنا أفهم خطابه. أعتقد أنه نسب إلى فرنسا نيات ليست هي نياتها الحقيقية. نحن نريد أن تكون كل المجموعات متساوية»، مشدداً على أن القرار هو للبنانيين.
ورداً على سؤال آخر تمنى كوشنير أن تُحترم كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان.
وعن وضع قوات الطوارئ الدولية في الجنوب، أوضح كوشنير أن وضعها جيد للغاية «لأنهم نسجوا شبكة علاقات مع السكان... ونحن لن نتأثر بأي أحداث. فقد أتينا لنعزز دورهم لا لنقلص عددهم». وقال إن لبنان سيشهد خلال الأيام المقبلة زيارة وزيري خارجية إيطاليا وإسبانيا ماسيمو داليما وميغيل أنخيل موراتينوس.