strong>راجانا حمبة
أحيت التعبئة التربوية يوم الشهيد في عدد من الجامعات اللبنانية، فأقامت المعارض وأنجزت أفلاماً توثق الشهادة والشهداء

كتبت والدة الشهيد وسيم شريف أمام صورته كلمات لم تميزه فيها عن رفاقه الشهداء في معركة «الوعد الصادق»، فهم في نظرها هي ـــــ الأمّ التي استطاعت الوقوف أمام صور ابنها وفي مكانه ـــــ «أبنائي أيضاً». كتبت أم وسيم على سجلّ شهيدها وفي معرضه «وسم الشرفاء» الذي أقامته التعبئة التربويّة في حرم كلّية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية: «إليك يا وسيم ويا عشّاق الشهادة أروي...» ولم تبكه، فكانت قويّة ومتماسكة بما يكفي للتجوّل في ممرّات المعرض بين كتبه ومفكّرة قصائده وسجّادة صلاته وخوذته وبندقيّته... وتركته بالقوّة نفسها مزوّدة برسالةٍ منه كتبها قبيل استشهاده وستّ مقطوعاتٍ شعريّة. أمّ وسيم مرّت في المعرض كغيرها، وكأنّها تتأمّل للمرّة الأولى طفولة ابنها وشبابه، تتمعّن في أشعاره وخطّ يده وفي الغرفة الصغيرة في قلب المعرض التي تضم أشياء مبعثرة من أغراضه الشخصيّة وكتبه الدراسيّة، ومفكّرة الأشعار التي شهدت بعضاً من معركته في جنوب لبنان، حيث كان يستغلّ فترات الراحة بين المواجهات لكتابة خواطره عن اللحظات التي يعيشها وبضعة أبياتٍ من الشعر التي غنّاها بعض الرفاق في ما بعد. كما أم وسيم، كذلك رفاقه في التعبئة التربويّة وفي الكلّية، جالوا في المعرض كأنّهم يرونه للمرّة الأولى، أو كأنّها كانت المرّة الأولى التي يرون فيها «الشيخ وسيم» طفلاً في الأشهر الأولى من عمره وكشفياً ومراهقاً وشاباً، قبل أن يعرفوه طالباً في سنته الأخيرة في فرع العلوم السياسيّة وشهيداً في «الوعد الصادق». حاول الرفاق قدر الإمكان أن يهدوا وسيم بعضاً ممّا قدّمه لهم في الكلّية وعلاقاته الشخصيّة مع بعضهم، فأقاموا لمناسبة يوم الشهيد المعرض الذي ضمّنوه كلّ ما يمتّ لوسيم بصلة، من الولادة إلى التشييع، مرفقاً بصورٍ لزملائه الثلاثة عشر في الجامعة اللبنانيّة وفي الوعد الصادق، ورسالتهم إلى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله وردّ نصر الله على الرسالة.

وكانت التعبئة التربويّة في الكلّية قد استبقت المعرض بندوة سياسيّة حاضر فيها عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن، في حضور عائلة الشهيد شريف والطلّاب. وبدأت المحاضرة بفيلمٍ قصير اختصر الشهيد في محطّاتٍ بارزة في حياته. ولم تستطع والدة الشهيد تمالك نفسها لحظة طُلب منها الحديث عن وسيم، استجمعت قواها وقالت كلمتها باسم «شهداء الوعد الصادق جميعاً، فهنا لن أتكلّم عن وسيم، لأنّه تكلّم عن نفسه». كما تحدّثت عن صفات الشهداء وحبّهم للشهادة، معزّية نفسها بأنّ «وسيم والرفاق لم يغيبوا وهم والله المنتصرون». أمّا النائب الحاج حسن فقد تناول الاستحقاق الرئاسي، مطالباً بإفساح المجال أمام المساعي التي يقوم بها البعض لانتخاب رئيس توافقي، ومؤكّداً موقف المعارضة من دعم المساعي إلى اللحظات الأخيرة. وشدّد الحاج حسن على أنّ خطّة فريق الأكثريّة أو «ما يسمّى الفريق الأميركي في لبنان» في انتخاب رئيس «بالنصف زائداً واحداً أو بمن حضر أو الوصول إلى الفراغ لتتسلم حكومة السنيورة مقاليد الحكم، مرفوضة من قبلنا». وأشار إلى أنّه في حال عدم وصولنا «إلى انتخاب رئيس توافقي، فمن واجبنا ألا نسمح لهم بأخذ البلاد إلى حيث يريدون هم والأميركيون». كذلك جدّد دعوة حزب الله والمعارضة اللبنانيّة إلى «الشراكة وتأليف حكومة وحدة وطنيّة».

وفي معهد العلوم الاجتماعية ـــــ الفرع الأول، حاضر الشيخ إبراهيم بدوي عن شهداء الوعد الصادق، ولا سيما شهيد المعهد مصطفى زلزلي الذي عرض الطلاب فيلماً يوثق استشهاده بعنوان «العابرون».

من جهة ثانية، أقام النادي الثقافي الجنوبي في الجامعة الأميركية في بيروت لقاءً مع أحد المقاومين في حزب الله، تحدّث عن تجربته في عدوان تمّوز. وللتمويه، ارتدى المقاوم الملقّب باسم فراس، نظارات شمسية سوداء، وقبعة وسترة واسعة. وتحدث عن اعتقاله في الخيام مرات عدة، وتفاصيل عن يوميات المقاومين في حرب تموز. كما عرض فيلماً عن بعض تقنيات استعمال السلاح، ما قوبل بحماسة كبيرة من الطلاب. غير أن أكثر ما تفاعل معه الحاضرون كان صورة والدة أحد الشهداء، وقد تجاوز عمرها السبعين عاماً تتعلّم استعمال بندقية الـ«كلاشنيكوف».