فلسطين لم تعد فلسطين. القضيّة تغيّرت والعدوّ كذلك. فعريف احتفال ذكرى استقلالها واستشهاد رمزها لا يرى عدواً إلّا «مجموعة انقلابيين في غزّة يقودهم سعيد (صيام) و(محمود) الزهار». لكنّ الجمهور الذي ملأ قاعة الأونيسكو استعاد تحديد البوصلة: صفّق لأبو عمّار وللشهيد أحمد ياسين (مؤسس حركة حماس) وقائد المقاومة السيّد حسن نصر الله. دار الحديث بين الفلسطينيين عن «الشهداء الذين سقطوا في غزة على يد الانقلابيين»، وقد توجّه عريف الحفل بالتحية إلى الشعب الفلسطيني في الداخل «الذي يشاهدنا عبر الفضائيّة الفلسطينية»، ودعاه إلى استكمال الاحتفال مع «إخوتهم في الشتات».وقال شفيق الحوت لـ«الأخبار» إن مؤتمر أنابوليس هو محاولة أميركيّة تستهدف الداخل الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر انتهى قبل أن يبدأ، وهو محاولة من الرئيس الأميركي جورج بوش لتلميع صورته. وأضاف: «الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يتنازل عن الثوابت الفلسطينية».
ولفت تحدّث بعض مرافقي الشخصيات الفلسطينيّة عن انتقال الرموز القديمة إلى خارج لبنان، وذلك «لتصفية الحسابات». ولم يكن حضور الجبهة الشعبية بارزاً، بل اقتصر على علم واحد!.
فلسطين المقسّمة، جمعت لبنان المقسّم على منبرها. حزب الله خطب عبر الوزير المستقيل طراد حمادة، وتيار المستقبل ممثلاً بمسؤول القطاع التربوي فيه الدكتور حسن منيمنة، وسبقهما النائب علي بزي ممثلاً رئيس مجلس النوّاب نبيه بري.
تميّز الخطباء اللبنانيون باستخدامهم لغة وجدانيّة، في ذكرى هي عاطفيّة وسياسيّة، الذكرى الثالثة لغياب «أبو عمّار»، وذكرى إعلان استقلال دولة فلسطين.
تحدّث ممثل السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة في لبنان، عباس زكي، عن الاستراتيجيّة الفلسطينيّة في التعاطي مع الشأن اللبناني، التي تنص على التعاطي مع الشرعيّات اللبنانيّة الثلاث: رئاسة الجمهوريّة ومجلس النوّاب ومجلس الوزراء. وأشار إلى أن الفلسطينيين يعترفون بلبنان بلداً نهائياً للبنانيين. وقال إن الفلسطينيين يرفضون التدخل في الخلافات اللبنانيّة الداخليّة، «ولا نريد أن ننقل خلافاتنا في الداخل إليكم». لكنّه دعا جميع اللبنانيين إلى عدم تقسيم الفلسطينيين بين «مقاوم ومستسلم».
وأعلن أن الفلسطينيين يقبلون بمؤتمر أنابوليس في حال وجود آلية جدولة لحل المسائل النهائية، وقال: «سنقطع رأس كل من يسيء إلى شعبنا، وما يروّج عن رغبتنا بالاقتتال غير مقبول».
ولم يتطرق بزي في كلمته إلى تفاصيل الملف اللبناني، لكنّه توجّه إلى أبناء فلسطين قائلاً: «يا أبناء الثورات والانتفاضات، يا أبناء القسم وياسر عرفات وأبوجهاد والشيخ أحمد ياسين وأبوعلي مصطفى. إن اسرائيل تريد أن تستكمل تبديد قوتكم، وهي تريد وضعكم على خطوط تماس بعضكم مقابل البعض الآخر، من غزة إلى الضفة إلى مخيمات لبنان والوطن والمواطنة والعاصمة والحدود».
بدوره تحدث منيمنة عن «أبو عمّار» الذي وضع القضية الفلسطينية على خريطة العالم، بحيث أصبحت الحرب تبدأ من فلسطين والسلم يبدأ أيضاً من فلسطين.
وقال الوزير حمادة : «إن القضية الفلسطينية تتعرض منذ بداية الألفية الثالثة إلى عدوان أميركي مباشر، يهدف إلى تصفيتها. ولذلك «فإن الشعب الفلسطيني يحتاج أكثر من أي يوم مضى، إلى نبذ الخلاف وتوحيد جهده وجهاده في وجه العدو المحتل، والحفاظ على مكتسباته الوطنية، والاحتكام إلى ثقافته الديموقراطية في حل الخلافات». وأكّد أن لا أحد يستطيع أن يفرّق بين الشعبين اللبناني والفلسطيني أو يفتعل إشكالات بين المخيّمات ومحيطها.
(الأخبار)