strong>فداء عيتاني
استماتة في الاحتفاظ بطريق بيروت ــ صيدا سلماً أو حرباً

عقد النائب وليد جنبلاط اجتماعاً لكوادر حزبه في بعض المناطق الساحلية من خلدة إلى الناعمة، أبلغهم فيه ضرورة منع أي محاولة لإغلاق الطرق الساحلية مهما كان الثمن. بينما رصد عدد من القوى السنية والناصرية انتشاراً يقوم به حزب الله لتأمين خط الساحل في حال حصول الأسوأ.
يكثر الحديث عن التسلح، وهو لا شك واقع، على رغم أن حجمه ومستوى التدريب ورقعة انتشار الأسلحة الفعالة لا تشير إلى مرحلة خطر حقيقي يمر بها لبنان، بل إلى استماتة في تعديل ميزان القوى مع حزب الله المسلح حتى الذقن، وإن كان يصر دائماً على أن سلاحه لن يوجه إلى الداخل.
«وماذا يفعل 200 شاب في مبنى مثل كاراج درويش؟»، يسأل أحد الميدانيين في الطريق الجديدة، ويضيف أن همّ تيار المستقبل هو عدم السماح بسقوط مناطقهم، لا بل «الحماية الفردية لمراكزهم ومؤسساتهم».
يحاول جنبلاط اختراق الطريق الجديدة، كما يقول أحد المسؤولين في المنطقة، إذ هو يدخل إلى المنطقة عبر توزيع السلاح، حيث لا يوزع تيار المستقبل، بحسب المصدر نفسه، «ما يشفي الغليل، فاليوم، وبفضل التعبئة المذهبية، الكل يتحرق لاقتناء السلاح ويوزع الحزب التقدمي سلاحاً في المنطقة على سبيل جذب المؤيدين»، ويوضح المصدر أن السلاح الموزع لا يكفي للدخول في حرب أهلية ولا في الدفاع عن المنطقة، ولكنه كاف لتوريط الناس في مشاكل، وشاع كذلك أن الحزب الاشتراكي وزع بعض القاذفات الصاروخية من طراز آر بي جي وعدداً محدوداً من ذخائرها في مناطق الساحل، بينما حصل بعض أنصار المعارضة على قاذفات مشابهة بكميات قليلة أيضاً.
ويقول «قائد ميداني» إن جنبلاط يمتلك مخزوناً من مدفعية الهاون من عيارات مختلفة لم تُسلّم في نهاية الحرب الأهلية، ويمتلك أيضاً العديد من الرشاشات الثقيلة بعيارات مختلفة كان سبق توضيبها عند نهاية الحرب الأهلية، وأُعيد تأهيلها اليوم في مناطق الجبل، وإن ما سلمه جنبلاط لسوريا في نهاية الحرب كان مدفعية الميدان والآليات المصفحة والدبابات، بينما احتفظ بمخزون من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في مناطق متفرقة من الجبل.
من ناحيته يقول «الميداني» نفسه إن حزب الله وحلفاءه اخترقوا أيضاً الطريق الجديدة عبر «جبهة العمل الإسلامي» المتحالفة مع المعارضة، أو عبر مجموعات صغيرة منتشرة على أطراف مخيم شاتيلا، ولكنهم لمّا يتمكنوا فعلياً من الدخول في نسيج المنطقة. ويضيف أن السيدين وئام وهاب وزاهر الخطيب يوزعان على أنصارهما سلاحاً حديثاً مصنعاً في الصين، وبات يمكن التعرف بمصدر الأسلحة من نوعيتها، ففيما لدى تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي أسلحة غربية حديثة الصنع يمتلك أنصار المعارضة الأسلحة الشرقية حديثة الصنع.
ويقول إن النائب السابق زاهر الخطيب بات يجنّد 700 عنصر، بينما يدفع تيار المستقبل مرتّبات لأكثر من 23 ألف عنصر في كل لبنان، تراوح بين مساعدة تبلغ قيمتها مئة دولار ومليون ليرة لبنانية. وهم يقومون بمهمات تتفاوت ما بين السهر ليلاً في الأحياء والتفرغ الكامل في شركات الأمن التي باتت تشغل عدداً من المباني في بيروت كما في طرابلس.
وكانت معلومات سابقة قد أكدت لـ«الأخبار» أن تيار المستقبل في الشمال يملك خطة لتجنيد 14 ألف عنصر من مناطق الشمال المختلفة في إطار الشركات الأمنية المملوكة لمقربين من التيار.
في هذه الأجواء يجمع جنبلاط عدداً من كوادره في مناطق تمتد من خلدة إلى الناعمة، مروراً بدوحة الحص وبشامون وعرمون، ويبلّغ هؤلاء خلال لقائه إياهم في منزله في بيروت نهاية الأسبوع قبل الماضي أن انتخاب رئيس للجمهورية بأكثرية النصف زائداً واحداً هو أقرب الخيارات الى التحقيق، وقد تلجأ المعارضة إلى خطوات احتجاجية، تعمد خلالها إلى إغلاق الطرق الدولية على الساحل فتقطع المرور بين صيدا وبيروت، وكذلك بين الجبل والعاصمة، داعياً إلى فتح هذه الطرق مهما كلف الأمر.
وأكد جنبلاط هذه المرة أمام كوادره أن تعليماته السابقة بعدم التعرض لخلدة، أي منزل الأمير طلال أرسلان، قد تبدلت، واليوم لا مكان للخطوط الحمر، والمهم هو عدم السماح بإغلاق الطرق، «ولا تعتمدوا على المستقبل فآل الحريري لم يقرروا القتال بعد»، بحسب ما ذكر مشاركون في الاجتماع.
وفي المقابل، رصد عدد من القادة الميدانيين لتيار المستقبل شبكة انتشار لحزب الله تبدأ من طرف منطقة الأوزاعي، فخلدة والناعمة والدامور، حيث يتعاون مع التيار الوطني الحر، وصولاً إلى طرف الرميلة حيث لا يزال يواجه الحزب مشكلة في اختراق المنطقة للوصول إلى صيدا فالجنوب. وترى المصادر الميدانية أن انتشار حزب الله عبر مجموعات من العناصر الموالية والصديقة يقع ضمن خطة تأمين طريق الجنوب ومنع قطعها أمام عناصر الحزب.
ويقول من يتابع الرصد ومعلومات تيار المستقبل إن حزب الله يضع نقاطاً رئيسية لعناصر موالية وحليفة له في أماكن عديدة مهمتها الوصل بين الأطراف ومنع حصول ما حدث سابقاً من قطع للطرق يوم حوادث الجامعة العربية في 25 كانون الثاني.