طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
بعدما تحوّل كورنيشها البحري إلى متنفّس ورئة مهمّة لهواة التنزّه والركض من كلّ المناطق الشّمالية، تشهد مدينة الميناء ورشة جديدة لتنفيذ مشروع «جزيرة الميناء للبيئة البحرية»، الذي يُنتظر له أن يجعلها واحدة من أهمّ المدن الساحلية اللبنانية الجاذبة للسّياحة البيئية، بالإضافة إلى «محميّة جزر النخل» الطبيعية على بُعد مرمى حجر من شواطئها.
المشروع الجديد الذي بدأ العمل به مطلع آذار الماضي، ويُنتظر له أن يبصر النور نهاية العام الجاري، سيُشيد فوق «جزيرة البقر»، إحدى الجزر الصغيرة والكثيرة المتناثرة أمام شاطئ الميناء، والتي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن الشاطئ، وتمّ ربطها به بجسر للمشاة، عرضه نحو ثلاثة أمتار وطوله يتجاوز مئة وخمسين متراً، تمّ إنشاؤه عام 1996 في عهد وزير النّقل السابق عمر مسقاوي، وقد تمّ إغلاقه ببوابة حديدية، ومُنع دخول المواطنين إلى الجزيرة التي كانت مشرّعة أمامهم، قبل الانتهاء من إنجاز المشروع.
المشروع الذي طرح فكرته رئيس «لجنة رعاية البيئة في الميناء» عامر حدّاد، مُموّل من البنك الدولي عبر مشروع التنمية الاجتماعية في مجلس الإنماء والإعمار، إضافة إلى تعاون كلّ من بلدية الميناء ومؤسسة الصفدي، وقام بإعداد دراساته وتصاميمه ويشرف على تنفيذه مكتب حداد للدراسات الهندسية، وهو يتضمن وفق الكتيّب الخاص به «زرع عشب «غازون» بحري ومساحات خضراء من أشجار وشتول ملائمة للبحر، و8 أكشاك لتقديم الخدمات للزائرين، وممرّات للنزهة مع مقاعد، ومساحة ترفيهية وملاعب للأطفال، وملعباً للكرة الطائرة الشاطئية، وقاعة للتثقيف عن البيئة البحرية، تتضمن نماذج وصوراً عن الثروة البحرية في الميناء، وإنشاء حوض سمك لتعريف الزائرين بأنواع السمك الموجودة في بحر الميناء».
حدّاد أوضح لـ«الأخبار» أنّه جهد «لنقل تجارب الاهتمام بالبيئة البحرية من كندا، التي عشت فيها لسنوات، إلى مدينتي الميناء»، وشرح أنّ المشروع «سيُستخدم لأربعة أغراض أساسية، هي: غرض تثقيفي لنشر التوعية البيئية، وغرض ترفيهي لتنفيذ النّشاطات الرياضية والشبابية المشتركة، وغرض اقتصادي لتوفير فرص عمل، وغرض سياحي لتعزيز السّياحة البيئية»، مشيراً إلى أنّ لجنة رعاية البيئة «أقامت دورات تدريبية لإعداد أفراد كي يتمكنوا من القيام بمهمة دليل متنزه، وأفراد كي يصبحوا مُدرّبين في لعبة الكرة الشاطئية، وأفراد متخصّصين بالألعاب الترفيهية للأطفال، ومجموعة مدرّبة على الإسعافات الأولية، والقيام بعلمية تدريب أطفال المدارس وتوعيتهم».
لكن حدّاد الذي قدّم مكتبه دراسة المشروع مجاناً، أشار إلى أنّ «الاهتمام في دول الغرب بهذه الناحية أكبر بكثير ممّا هو عليه في لبنان، وكذلك الدّعم الرسمي والمحلي، فالفكرة التي طرحتها منذ عام 1995، والتي تتضمّن إقامة مسرح عائم فوق الجزيرة، لم يتسنّ لها أن تبصر النّور إلا هذا العام، بعدما وافق مجلس الإنماء والإعمار على تمويل المشروع عن طريق البنك الدولي بنسبة 80 في المئة، على أن نتحمّل نحن النّسبة الباقية، وهذا ما حصل».
وإذ أوضح أنّ «المشروع بيئي وتثقيفي بالدرجة الأولى»، أبدى أسفه الكبير «لغياب الاهتمام بالجزر»، فهي «حسب رأي الكثيرين ثروة لم نعرف قيمتها الحقيقية بعد، ولا كيفية استغلالها وتنميتها»، لافتاً إلى أنّه «في بعض دول العالم يردمون البحر من أجل إنشاء جزيرة، ونحن عندنا جزر لكن ليس من يهتم».
ويبقى التحدي الأساسي لهذا المشروع، بحسب العديد من الناشطين البيئيين، أن يصار إلى إدارته وفق المعايير البيئية السليمة وعدم حصول تعديات على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي المحيط بالجزيرة.