شتورة ــ نيبال الحايك
تشهد مدينة شتورة، مع بدء ساعات الصباح الأولى، حركة سير نشطة من كل الاتجاهات. فالمدينة تشكل «عقدة» مواصلات استراتيجية بين لبنان والعالم العربي منذ أواسط القرن الثامن عشر، إضافة إلى موقعها الأساسي في وسط سهل البقاع.
موقع مدينة شتورة ودورها وساحتها «المشهورة» أدخلتها في «فوضى» سير تقف معها الأجهزة المعنية عاجزة أمام تنظيم حركة العبور، إذ إن تداخل «خطوط» العبور يشكل حالاً من القلق الدائم الذي يقضّ مضاجع زوارها وعابري سبيل «ساحتها». ففوضى حركة السير الكبيرة وعشوائيتها تحتاجان إلى تنظيم وتحديد وجهات السير والعبور بشكل أكثر «أمناً»، ولا سيما عند مدخلي شتورة الشرقي والغربي، فتتداخل السيارات في ما بينها وتتنافس في أخذ اتجاه العبور. كما أنها تحتاج إلى مواقف سيارات تحد من «التجمع» العشوائي لها وما تسببه من عرقلة في حركة السير، إذ تعبر ساحة البلدة يومياً أكثر من 18 ألف سيارة وشاحنة ووسيلة نقل.
ويقول رئيس بلدية شتورة نقولا عاصي إن شرطة البلدية بالتعاون مع شرطة السير في قوى الأمن الداخلي تعملان على مدار ساعات النهار ومنذ ساعات الفجر الأولى على تنظيم حركة السير والعبور من المدينة وإليها. وشتورة بلدة منظمة نسبياً مقارنة بغيرها من المدن الأساسية في لبنان، نسبة الى انها تضم تجمعاً اقتصادياً كبيراً. وأكثر ما يعوق حركة السير في شتورة آلاف «شاحنات» النقل الخارجي التي تخترق البلدة من كل الاتجاهات، والتي بات عددها الكبير يسبب خطراً على السلامة العامة، ولا سيما أن ساحة شتورة هي معبر إلزامي للشاحنات. ويشكو عدد من أصحاب المؤسسات التجارية من أن شاحنات الترانزيت تقلق الزبائن، ويدعون الى تنظيم حركة سيرها وقمع كل شاحنة تخالف قوانين السير وأوقات العبور المحددة من قوى الأمن الداخلي.
ومن «العوائق» الأخرى في شتورة تحولها إلى «مركز» كبير للمتسولين الذين وجدوا فيها «باباً» للرزق و«مهنة» غير متعبة، لكنها أصبحت «عبئاً» على البلدة التي تعمل بلديتها بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي على قمع هذه الظاهرة التي تكاد تتحول إلى «ميزة» أخرى، تضاف إلى «مميزات» شتورة. ويقول رئيس البلدية «إن الانتشار الكبير لعدد المتسولين أصبح مشكلة مزمنة نعمل على معالجتها ووضع حد لها»، مؤكداً أن «إجراءات بدأنا ننفذها بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي لقمع ظاهرة التسول، لأنها أصبحت تسيء إلى البلدة وإلى دورها الاقتصادي، فضلاً عن المشاكل الأخرى التي يسببها المتسولون مع الزوار أو عابري السبيل».
وقد أدى موقع شتورة الجغرافي دوراً أساسياً في شهرة البلدة، وتحديداً منذ أن «اقتحمتها» الطريق الدولية عام 1858 يوم أسس الكونت إدوار دي برتوي، الضابط في البحرية التجارية الفرنسية مع مجموعة من أصدقائه شركة «طريق دمشق ـــــ بيروت» التي عرفت يومذاك باسم «الشركة الإمبريالية العثمانية لطريق بيروت ـــــ دمشق»، ولم يطل الأمر حتى «اجتاحت» عربات «الديليجانس» الطريق المرصوفة واتخذت من شتورة محطة أساسية لها ما زالت قائمة حتى اليوم، وتحول المبنى إلى مصرف تجاري بعد ترميمه أكثر من مرة، محافظاً على تراثه القديم.
وموقع شتورة الجغرافي و«الاستراتيجي» الذي يتوسط مناطق سهل البقاع ويشكل همزة وصل بين بيروت ودمشق، ما حول البلدة أيضاً إلى أهم «موقع» اقتصادي واجتماعي وثقافي أعطاها «ميزات» ونقطة «جذب» لعدد كبير من المؤسسات التجارية والمصرفية والاقتصادية عامة، وأصبح نجاح كل مؤسسة «اقتصادية» مرتبطاً بوجود فرع لها في شتورة، ولا سيما المصارف ومؤسسات «الصيرفة» التي حولت البلدة البقاعية الذائعة الصيت إلى أهم تجمع «مالي» في لبنان يسهم في تنشيط «اقتصاديات» البقاع عامة.