وفاء عواد
خلال الأسبوع الفائت، فوجئ نائب «القوات اللبنانية» فريد حبيب، الموجود منذ مدّة طويلة خارج بلدته كوسبا، بوجود «خمسة مكاتب حزبية جديدة» في الكورة، ما استدعى منه إصدار النداء نفسه مرتين متتاليتين، في 8 و14 الحالي، خصّ به الأهالي بالتنبّه الى أن منطقتهم «بدأت تعجّ بمكاتب، فيها عناصر مشبوهة وغريبة عنها»، وإلى أن «الأغراب المندسّين يريدون أخذ المنطقة الى الحرب».
وإذ شدّد على ضرورة التنبّه لهذه الظاهرة «المرضيّة الغريبة» عن تراث المنطقة وعاداتها، توعّد نائب الكورة «الأغراب» بالقول: «إننا والدولة بالمرصاد لكل تحركاتكم، وسنمنعكم من تنفيذ مخططاتكم التخريبيّة، ونبشرّكم بأن أعمالكم سترتدّ عليكم وعلى من وراءكم».
وإذا كان نداؤه الأول لم يفِ بالغرض المنشود، لكونه لم يوزّع إلا على عدد محدود من الوسائل الإعلامية، لسبب غير معلوم، فإن النائب حبيب أعاد توزيع نسخة أخرى من ندائه، مرفقة ببعض «التحسينات» اللغوية، مع خلوّها أيضاً من أسماء «المتهمين» الذين يحمون «الأغراب».
وفي اتصال أجرته معه «الأخبار»، أشار حبيب بأصابع الاتهام الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار «المردة» والتيار الوطني الحرّ، لافتاً الى أنه «جرى فجأة فتح خمسة مكاتب في بلدات: كفرعقّا، كفرمى ـــــ الذي افتتح فيها مكتبان ـــــ ضهر العين، وددة».
وإذا كان نائب الكورة قد وجّه نداءه «التحذيري» ومضى نحو هموم الاستحقاق الرئاسي، فقد كان لا بدّ من سؤال المعنيّين «المتهمين» عن خفايا وحقائق موضوع استحداث المكاتب وملئها بـ«الأغراب». وذلك، نظراً لأن هذه القضية تلبس لباس النزاع القائم بين الأكثرية والأقلية.
فجواباً على حيثيات الموضوع، استغرب منفّذ عام الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي المحامي جورج ديب الكلام «الغريب» عن منطقة الكورة وثقافتها، والتي «لم تكن يوماً منغلقة على سكانها»، لافتاً الى أن تاريخ وجود مركز للحزب في ددة يعود الى أكثر من خمس سنوات، إضافة الى المراكز الأربعة الموجودة في بلدات: أميون، أنفة، فيع وعفصديق.
وإذ أشار ديب الى أن «القومي» لم يستحدث أي مركز جديد في الكورة، بـ«علم كل الأجهزة الأمنية والقوى السياسية»، وصف كلام حبيب بأنه «يخفي في مضمونه ذرائع لنيّات سيئة وتحضيرات ما، تحاك فصولها ضدّ الكورة وأهلها»، واضعاً توقيت توجيه النداء في خانة «التغطية على تنفيذ مشاريع ما».
بدوره، نفى منسّق التيار الوطني الحرّ في الكورة جورج عطا الله صحّة كلام النائب حبيب، وأشار إلى أن مكاتب التيار الموجودة في الكورة يعود تاريخ افتتاحها الى أواخر عام 2004، ومنها المكتب الرئيسي في بلدة كفرعقا، بعيداً عن وجود أي مكاتب في البلدات الثلاث الأخرى، عازياً سبب صدور بيانَين للنائب حبيب خلال أسبوع واحد، مع ما تضمّناه من تكرار للعبارات نفسها، الى وجود «إفلاس سياسي» لديه، وواضعاً كلامه في خانة «تلفيق التهم من أجل إحداث البلبلة».
من جهته، كشف مسؤول العلاقات العامة لـ«المردة» في قضاء الكورة بربر معرّاوي أن المكاتب الثلاثة التي افتتحها التيار في بلدات كفرعقّا وبصرما والسامرية «لا تضمّ أي غريب عن الكورة»، كما أن فتح مكاتب أخرى «أمر وارد، تماشياً مع ما تستوجبه الحاجة إلى ذلك»، لافتاً الى أن لدى النائب حبيب أكثر من ثمانية مكاتب (خلايا) في بلدات الكورة (أنفة، كفرحزير، كفر صاروم، كوسبا، بصرما، ددة، برسا، وضهر العين)، و«لا مشكلة لدينا في هذا الأمر»، أما هو «ففي رأسه خطة معينة».
وإذ أجمع المسؤولون الثلاثة على الإشارة الى وجود «مربّع أمني» يحيط بمنزل حبيب في بلدة كوسبا، مع ما تستلزمه أصول الحماية من انتشار مسلّحين «أغراب»، من بشري وطرابلس والضنيّة، يفوق عددهم الثلاثين شخصاً يتوزّعون على «حواجز مستحدثة»، الى حدّ جعل سطح البناية التي يقطنها «ثكنة عسكرية»، اكتفى أحدهم بتوجيه النصيحة الى «المتهِم»، قائلاً: «اللي بيتو من زجاج، ما يراشق الناس بحجارة»!..