strong>مارون أبي نجم
«إن المحامين، أسوة بسائر المواطنين، ينتظرون من القضاة، وعلى رأسهم مجلس القضاء الأعلى، أن يقوموا بما يجب عليهم لإعادة إعلاء شأن القضاء إلى ما هم يطمحون إليه». بهذه الكلمات عبّر المحامي رمزي جريج عن تطلّعاته لما سيعمل على تحقيقه خلال مدة ولايته نقيباً للمحامين في بيروت، وذلك بعد فوزه بمنصب النقيب في الانتخابات التي جرت أمس في قاعة الخطى الضائعة في قصر العدل ببيروت. وكما كان متوقعاً، لم تُظهر صناديق الاقتراع تنافساً جدياً على مركز النقيب، إذ حصل المرشح المنافس لجريج، المحامي مطانيوس عيد على 613 صوتاً مقابل 2849 للنقيب الجديد، الذي حظي بشبه إجماع من القوى النقابية والسياسية ذات الثقل التمثيلي في الجمعية العمومية لنقابة محامي بيروت.
«الهدوء» الذي اتسم به التنافس على مركز النقيب لم ينسحب على المعركة التي خيضت بين المرشحين لعضوية مجلس النقابة. فقد أظهرت النتائج أن الفارق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين لم يتجاوز 19 صوتاً من أصل 3700 مقترع. وفاز بعضوية مجلس النقابة كل من المحامين: نبيل طوبيا (1478) وسمير الزغريني (1355)، المدعومَين من محامي قوى الموالاة، ووجيه مسعد (1319) وأندريه الشدياق (1309، عضو رديف). فيما حاز أوّل الخاسرين، مرشّح التيار الوطني الحر المحامي ميشال عون، 1290 صوتاً، تلاه سليم غاريوس بـ1276 صوتاً ثم نزيه شلالا (289 صوتاً) وألبير فرحات (234 صوتاً).
ورغم المنافسة الشديدة على مقاعد العضوية، جرت الانتخابات بعيداً عن التشنجات السياسية، رغم قرب المسافة الزمنية من موعد الاستحقاق الرئاسي، ودعم القوى السياسية المختلفة لعدد من المرشحين.
وقد اقترع 3700 محامٍ من أصل نحو 5700 سدّدوا اشتراكاتهم السنوية في «أحلى أيام الديموقراطية»، بحسب قول النقيب الحالي للمحامين الأستاذ سمير ضومط، الذي رأى «أن المحامين يعبرون عن قناعاتهم ولا مرجعية لهم سوى نقابتهم». وعند التاسعة صباحاً، انعقدت الجمعية العمومية برئاسة النقيب ضومط، الذي تلا بياناً عدد فيه إنجازات النقابة خلال ولايته، معبّراً عن شعوره بأنه أدى «الرسالة على ما وَعَد وتمكّن».
بعد كلمة ضومط، تحدث أمين صندوق النقابة المحامي أندريه شدياق، وتلا التقرير المالي عن واردات النقابة ونفقاتها.
ثم تلا أمين صندوق التقاعد المحامي سمير شبلي التقرير المالي للجنة التقاعد، قبل أن تصدِّق الجمعية العمومية برفع الأيدي على موازنة النقابة والمشاريع المالية.
وقد اعترض المرشح لمركز النقيب مطانيوس عيد على التصديق على المشاريع المالية برفع الأيدي، قائلاً إنها مخالفة لقانون تنظيم مهنة المحاماة، مشيراً إلى أن القانون يوجب الاقتراع وإعلان النتائج.
وعند الساعة العاشرة، أعلن ضومط بدء الاقتراع. وأكد المرشح جريج لـ«الأخبار» أن «هذه الانتخابات مناسبة لإظهار الممارسة الديموقراطية في بلد يتوق إلى الديموقراطية». وأكد جريج «نزاهة الانتخابات بروح الألفة والتوافق داخل نقابة المحامين التي لها، منذ نشأتها، دور في الدفاع عن دولة الحق والعدالة، وعن استقلال وسيادة لبنان». وشدد على أنه «على مسافة واحدة من جميع المرشحين للعضوية»، وأنه سيكون «إلى جانب النقابة رأس حربة الدفاع عن حقوق المحامين والمواطنين».
وأكد عدد من المشتركين أن المحامين مارسوا حقهم في الترشح والتصويت في جو هادئ، ومن دون تدخلات، بهدف إيصال الأفضل إلى العضوية ومركز النقيب.
وخلال النهار الانتخابي، تمنى عضو الهيئة المركزية في حزب الوطنيين الأحرار المحامي كميل شمعون أن «تنعكس روح الديموقراطية الموجودة في نقابة المحامين على الساحة السياسية»، مشدداً على ضرورة التوافق لإيصال الأفضل إلى رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أن «الرئاسة كانت فارغة منذ 17 عاماً حتى اليوم، فلا مانع من تأجيلها ريثما يتم الاتفاق على ملئها برئيس قوي».
من ناحيته، أكّد المحامي النائب إبراهيم كنعان أن «هذه الانتخابات هي استفتاء على «الاسم» لكون مرشح التيار الوطني لمركز عضوية النقابة يحمل اسم ميشال عون».
وقد أقفلت صناديق الاقتراع قرابة الواحدة إلّا ربعاً، ليبدأ بعدها فرز الأصوات. وبعد إعلان النتائج، تحدّث النقيب رمزي جريج، واعداً بالتشدد «في تطبيق آداب المهنة والقوانين على الذات، وسنطالب بالتشدد في تطبيق القوانين على الآخرين كائناً من كانوا». وأضاف النقيب جريج: «سنعمل على تصحيح العلاقة بين المحامين والقضاة، وبين المحامين والموظفين، أمنيين ومدنيين».
ووعد جريج بالعمل «للوصول إلى سلطة قضائية مستقلة تحمي الناس وأرزاقهم وحرياتهم، سلطة محصنة من التدخلات والضغوط، سلطة متعاونة مع السلطات الدستورية الأخرى، لا سلطة تابعة لها تحت أي ذريعة كانت».