strong>نعمت بدر الدين
لأن الوضع في لبنان يهدد السلام والأمن الدوليين جاءت القوات الدولية أو القوات المتعددة الجنسيات، القوات التي تُنشر في أي مكان من العالم نتيجة عدم وجود استقرار أمني أو محاولة لفصل بين قوات وأخرى، أو لرعاية تطبيق تفاهمات أو اتفاقيات معينة يكون تم التفاهم عليها بين طرفين برعاية الأمم المتحدة وحضورها.
القرار الدولي 1701 الصادر في 13 آب طلب من القوة الدولية «يونيفيل» المساعدة في تأمين الحدود اللبنانية لمنع تهريب الأسلحة، ودعا كذلك الحكومة اللبنانية إلى تأمين حدودها والمداخل الأخرى لمنع دخول الأسلحة والمعدات المتصلة بها إلى لبنان من دون موافقتها، وإلى تقديم المساعدة إلى الحكومة اللبنانية نزولاً عند طلبها.
وانتقل دور قوات الطوارئ من المراقبة وحفظ السلام إلى موقع المساهمة في فرض السلام، أي المساهمة العملياتية في بعض المهمات على الأرض، مجيزاً لها القيام بكل التحركات الضرورية في مناطق نشر قواتها وفي إطار قدراتها، للتأكد من أن مناطق عملياتها لا تستخدم للأعمال العدائية.
مصادر سياسية ودبلوماسية أوروبية تشارك دولها مشاركة واسعة في قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، جزمت أن وضع هذه القوات في الجنوب اللبناني لا يزال صعباً ومعقداً وتبذل جهوداً كبيرةً لضمان السلام والاستقرار ولحماية وجودها، وهي معرضة ليد الإرهاب في أي لحظة، وهذا ما جعلها ترفع درجة الطوارئ الى أقصى ذروتها. وأكدت أن وجود هذه القوات لا يزال موضع جدل وأن هناك الكثير من القضايا التي تثار حولها منذ توسيع عديد هذه القوات وفقاً لما جاء في القرار 1701، معتبرة أن البعض ينظر إلى هذه القوات كقوات مساعدة ويرحب بوجودها، بينما يرتاب البعض من هذا الوجود ويراقب بحذر تحركاتها ومواقفها ويتشكك في مجالسه الخاصة في أدوار مشبوهة وغير معلنة تقف وراء وجود هذه القوات، ويتخوّف من إمكانية تعديل مهماتها وتوسيعها في الفترة المقبلة. وتزايدت هذه الشكوك في ظل المساعي التي تقوم بها الحكومة اللبنانية عبر طلبها المتكرر لتدخّل مجلس الأمن في القضية اللبنانية.
وأكدت المصادر المذكورة «لمن يتوهم أن قوات اليونيفيل ستكون طرفاً في أي صراع لبناني داخلي وستتحول إلى ميليشيا للحكومة»، أن هذا غير وارد على الإطلاق. وحتى لو تطورت الأمور الى الأسوأ، وإن عدداً كبيراً من قوات اليونيفيل سيرحل إن حدثت أية اضطرابات لبنانية داخلية. ولن تكون القوات الدولية طرفاً في أي معركة داخلية لبنانية، ولن تتحول الى قوات ردع لطرف ضد آخر، ولا مصلحة لها في ذلك، وهي لم تأتِ لهذا الغرض».
وأضافت المصادر «أن الجندي الألماني أو الإيطالي، مثلاً، غير مستعد أن يقاتل كميليشيا للسلطة وأن يموت لأجل طرف لبناني داخلي، ولا تعنيه كل الأمور التي يتصارعون من أجلها مهما كانت النتائج، ولن تقبل شعوب الدول المنتخبة ديموقراطياً التي تشارك كتائب من جيوشها في اليونيفيل أن تعود هذه الجنود المتطوعة الى بلادها في أكياس من البلاستيك من أجل أي سبب، ولن تسكت هذه الشعوب عن توريط هؤلاء الجنود في صراعات داخلية».
وأشارت المصادر إلى أنه في حال حدوث أي حرب إسرائيلية أو اجتياح للبنان أو توجيه ضربة عسكرية، فإن قوات اليونيفيل ستتدخل بالشكل الذي تراه مناسباً، بما يتلاءم مع مهماتها، متوقعةً أن تكون الكتيبة الفرنسية أول من يرد على الخروق الإسرائيلية، بينما أكدت أن القوات الألمانية لن تردّ على الخروق البحرية، نظراً لظروف ألمانيا المعروفة، وقد يقتصر الرد الألماني على التدخل الإسرائيلي بتعليق اتفاقات بين بون وتل أبيب أو بممارسة ضغوط سياسية.
وأكدت المصادر أن على إسرائيل أن تفكر قبل القيام بأي خرق، معتبرةً أن إسرائيل ترى في اليونيفيل مكسباً لها في الداخل اللبناني وتعدّ نفسها منتصرةً في لبنان إن استمر الوضع الداخلي على ما هو عليه، وأن أي اتفاق داخلي سيكون له تأثيراته المباشرة على اسرائيل لكونه قد يحجّم دور حزب الله المقاوم أو يقوّيه.
وأشارت إلى أنها منذ تطور الأوضاع في لبنان وتكاثر الحديث عن أن قوات اليونيفيل ستكون الى جانب فريق ضد آخر، قامت بإيصال رسائل مباشرة وغير مباشرة الى نواب ووزراء في السلطة ومقربين من رئيس الحكومة مفادها أن قوات «اليونيفيل» ليست قوات ردع، ولن تستخدم سلاحها في الداخل اللبناني، وهي قد تنسحب في مثل هذه الحالة، وأن الموقف الأوروبي لن يكون في حال قيام حكومتين، وهذا ما نستبعده، مع حكومة ضد أخرى، ولن يرى في إحداها شرعية وفي الأخرى غير شرعية.
يذكر أنّ موازنة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان قد ارتفعت في عام 2007 الى 522 مليوناً و735 ألف دولار بعدما كانت في العام الماضي 2006 حوالى 97 مليوناً و597 ألف دولار. والدولة اللبنانية تساهم في هذه الموازنة بمبلغ رمزي قدره 41 يورو. يُذكر أن ارتفاع الموازنة يعود الى زيادة عديد هذه القوات ليصبح نحو 15 ألف جندي من جنسيات مختلفة.
وتجدر الإشارة إلى وجود اتفاق ينظم العلاقة بين قوات اليونيفيل ولبنان يعرف بـ«اتفاق حول وضعية القوات». وقد جرى التجديد لليونيفيل بموجب القرار الدولي 1773. أما القرار 1701 فهو الذي أدى الى توسيع عديد هذه القوات الى 13500 عنصر وحدد مهماتها ضمن الفصل السادس. وقد أشارت المصادر الى أن التمديد لهذه القوات سيصبح سنوياً.