إعداد: وفيق الهواري
تطلق جمعية عمل تنموي بلا حدود (نبع) صباح اليوم دراسة عن العنف ضد الأطفال في مخيم عين الحلوة أعدّتها بالتعاون مع الجمعية السويدية لحماية الأطفال، وبإشراف الدكتور سلمان قعفراني... الدراسة التي تعود إلى حزيران 2006 تكشف بعضاً مما يعانيه أطفال عين الحلوة


يتعرّض 91.8% من أطفال عين الحلوة داخل المدارس للضرب بشكل متقطّع أو دائم، كما يتعرّض 90.5% ممّن هم خارج المدرسة أيضاً للضرب، من بينهم 60.9% تركوا المدرسة قبل وصولهم إلى الصف الابتدائي الخامس بسبب العنف المستخدم فيها.
تعدّ هذه أبرز نتائج الدراسة التي أجرتها جمعية «نبع» مطلع حزيران 2006، وطالت 85 طفلاً ما زالوا يتابعون دراستهم، و41 طفلاً تركوا صفوف الدراسة، وعينة من 14 والداً أو والدة داخل منازل اختيروا عشوائياً. كما طالت الدراسة 25 عاملاً في الحقل الاجتماعي و15 طبيباً عاملاً في العيادات أو مستشفى الهمشري التابع للمخيم و10 معلمين في مدارس المخيم. وقد أُعدّت استمارة خاصة لكلّ فئة من الفئات تضمنت عدداً مختلفاً من الأسئلة وصلت في إحداها إلى التسعين. وتوزع الأطفال مناصفة تقريباً بين الجنسين، يعيش معظمهم في ظروف متشابهة. ويصل متوسط عمر أفراد العينة إلى 13 عاماً، فيما تشكل الشريحة العمرية 9ـــــ14 عاماً ما نسبته 74.6% من أفراد العينة.
وقد تأخر إطلاق الدراسة للأسباب الآتية: النتائج ـــــ الفاجعة التي أظهرتها الدراسة، حرب تموز 2006 وتداعياتها، حوادث مخيم نهر البارد وما نتج منها.

العلاقة مع الأهل والمدرسة

وصف 72 طفلاً من العينة، أي ما نسبته 57.1% علاقتهم مع الأهل بالعادية. وقال 49 طفلاً، أي ما نسبته 38.8% إن علاقتهم جيدة. وأعرب 52 طفلاً عن العجز عن التعبير عما يجول بخاطرهم داخل منازلهم، فيما أكد 73 طفلاً أنهم لا يستطيعون الحصول على حاجياتهم الشخصية بسهولة.
تقول الدراسة إن 23 طفلاً وصفوا مدرستهم بأنها لا تطاق و22 طفلاً بأنها مهملة، و40 طفلاً بأنها نظيفة. وأكد 47 طفلاً من أصل 85 داخل المدرسة أن أجواء مدارسهم عنيفة لا تطاق وأنّ 82 طفلاً من أصل 85 تعرضوا للضرب بالعصا في المدرسة. وأشار 3.7% من الأطفال الى تعرضهم للقصاص بوضع القلم بين الأصابع فيما تعرّض 91.2% من الأطفال للضرب باليد والقدم، العصا، النربيج، الحزام وشد الشعر.
وقال 18 طفلاً، أي ما نسبته 43.9% من خارج المدرسة إن السبب الرئيسي لترك المدرسة هو الضرب والعنف ومعاملة الأساتذة السيئة، في حين أن تسعة أطفال، أي ما نسبته 21.9% تركوا المدرسة بهدف مساعدة الأهل مادياً أو في العمل المنزلي، فيما ترك 14 طفلاً، أي ما نسبته 34.1% لأسباب مختلفة. ومن جهة أخرى قال 31.6% من الأطفال إن سبب رسوبهم هو عدم اهتمام الأهل بهم و23.3% إن السبب هو طردهم من المدرسة وممارسة العنف ضدهم. وصرّح 69% من الأطفال، أي 87 طفلاً بتعرّضهم بشكل متقطع ودائم للكلام القاسي والشتم في المنزل، كما أن 105 أطفال تعرضوا للضرب و79 طفلاً يتعرضون للضرب الدائم.

الأطباء والعاملون الاجتماعيون

أكد معظم العاملين في الحقل الاجتماعي تواصلهم مع أطفال من الجنسين تعرضوا للعنف. وقدّر 13 من العاملين في الحقل الاجتماعي عدد الأطفال الذين تعرّضوا للضرب المبرح بـ 334 طفلاً تم التواصل معهم ومع أهاليهم في بعض الأحيان.
وصرّح ثمانية أطباء بأنهم عاينوا خلال العام الماضي نحو 300 طفل (6ـــــ 14 عاماً) عليهم آثار كدمات، جروح وكسور وتمزّق لطبلة الأذن. وقال11 طبيباً إنهم عاينوا 170 طفلاً (14ـــــ 18 عاماً) مصابين بجروح في الصدر والوجه والرقبة وكسور. وأكد 15 طبيباً معاينتهم 470 حالة لأطفال دون 18 عاماً تعرّضوا للعنف المبرح من الأهل.

العنف الجنسي

اعترف طبيبان فقط بمعاينتهم 12 حالة لأطفال تعرضوا لسوء الاستغلال الجنسي والدعارة. وصرح طبيبان فقط عن معاينتهم 51 حالة اغتصاب بين 6 و14 عاماً بينها حالتان دون ستة أعوام. كما اعترف أربعة أطباء بمعاينتهم 43 حالة اغتصاب لأطفال بين 14 و18 عاماً، أي إن أربعة أطباء عاينوا ما مجموعه 94 حالة اغتصاب لأطفال دون 18 عاماً خلال العام الماضي.
وذكر تسعة من العاملين في الحقل الاجتماعي تعاطيهم مع 85 حالة لأطفال تعرضوا لسوء الاستغلال الجنسي والدعارة خلال العام الماضي.
كما أكد 10 منهم تواصلهم مع 55 حالة اغتصاب العام الماضي. ويشير جميع من تمت مقابلتهم من الأطباء والعاملين في الحقل الاجتماعي إلى أن الاطفال الذين يتعرضون للعنف الجسدي ينتمون إلى الفئات المعدمة والفقيرة، وأن العنف يطال الجنسين في كل الحالات، لكن نسبة الإناث أعلى بكثير من الذكور بشكل دائم وفي كل الحالات.

اكتساب الأطفال لعادات سيئة

أدّت ممارسة العنف ضد الأطفال إلى اكتسابهم عادات سيئة. اذ ان 27.7% من الأطفال، أي 35 طفلاً أشاروا إلى اكتساب رفاق لهم عادة التدخين وشرب الكحول. وأقرّ ثلاثة أساتذة بوجود 22 حالة إدمان كحولي دون سن 18 عاماً. فيما أكد أربعة أطباء معاينتهم 84 طفلاً يتعاطون بعض أنواع التدخين المخدر وغيره من المخدرات (حبوب مهلوسة، حشيشة، حقن بالإبرة إلخ). وأشار ستة من العاملين في الحقل الاجتماعي إلى تواصلهم مع 19 حالة إدمان مخدرات خلال العام الماضي.

إلى من يلجأ الأطفال؟

أشار 49 طفلاً من أصل 87 أجابوا عن السؤال إلى أنهم لا يلجأون إلى أحد في حال تعرّّضهم للعنف، فيما يلجأ تسعة أطفال إلى الشارع و22 طفلاً إلى الأقارب. واستطاع الأطفال وصف أنفسهم خلال تعرضهم ومشاهدتهم للعنف على الشكل الآتي: 67 طفلاً يشعرون بالعزلة، 38 طفلاً يشعرون بأنهم غير مقبولين من الآخرين، 57 طفلاً يصبحون عصبيي المزاج، و55 يشعرون بالخوف، و26 يشعرون بالقلق، و35 بالحزن و22 بالوحدة، و64 يتخيلون أحلاماً مختلفة و34 يحسون باللامبالاة و35 تتراءى لهم أمور غريبة و3 أطفال لا يحبون الآخرين.
تدفع نتائج هذه الدراسة إلى مزيد من التدقيق بأوضاع المخيم المذكور وتدعو كل الهيئات المعنية لدراستها واجتراح الحلول الممكنة التي يفترض أن تطال مختلف الفئات من الأطفال ـــــ الأهالي ـــــ المدرسين والجمعيات الأهلية غير الحكومية العاملة في الوسط الفلسطيني.