كمال شعيتو
لا يزال عناصر «الانضباط» موزعين على بعض التقاطعات في الضاحية الجنوبية بغية تنظيم السير للسنة الثانية على التوالي، لغياب العدد الكافي من أفراد الشرطة البلدية، وحتى من أفراد مفرزة سير الضاحية في قوى الأمن الداخلي. وبينما يصر أفراد «جهاز الشرطة الخاص» على عملهم «المجاني»، يتناقل المواطنون أن الفرد منهم يتقاضى 400 دولار شهرياً

للسنة الثانية على التوالي يستمر عناصر الشرطة البلدية بالغياب عن شوارع الضاحية الداخلية، وخاصة حارة حريك، حيث تشهد النقاط الأساسية زحمة سير خانقة، لا سيما مع الموعد اليومي لانتهاء الدوام المدرسي. بموازاة ذلك، لا يزال 54 مدنياً بزي موحّد يتولون مهمة تنظيم سير منطقتهم، تحت اسم «جهاز شرطة السير». و«يتمدّد» هؤلاء أحياناً إلى بعض الطرقات الرئيسية، التي يغيب عن بعض تقاطعاتها، أحياناً، عناصر مفرزة سير الضاحية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
يقول بلال مراد، مسؤول «جهاز الشرطة» إن «فكرة تكوين هذا الجهاز نشأت بمبادرة فردية بعدما لفتت زحمة السير في شهر رمضان 2006 نظرنا، فألّفنا فرقة من المتطوعين للانتشار على التقاطعات الداخلية والرئيسية، لنقوم مقام الدولة والبلديات الغائبة عن مهماتها في تسهيل حركة السير». أما عن التنسيق مع قوى الأمن الداخلي والبلديات، فيلفت مراد إلى أن الأمر «رهن بمبادرة هاتين الجهتين اللتين تتحملان كل المسؤولية عن التقصير الحاصل». لكنه يؤكد على «التعاون» مع عناصر الدرك، الذي يقتصر على أنه «إذا حضر دركي ليتسلم نقطة ما فإن عناصرنا تنسحب له، أو تساعد عناصر الدرك إذا لم يكن عددهم كافياً».

تمويل من حزب الله أم تطوّع؟

يظهر على عناصر الجهاز تطور في الأداء والتجهيز على مدى فترة عملهم، مما يدفع للشك في أن تمويلاً ما يُدفع لهذا الجهاز، وهو ما أعاده العديد من المواطنين الذين التقتهم «الأخبار» إلى حزب الله. ويؤكد أحد عناصر السير في قوى الأمن الداخلي أن كل عنصر في «جهاز السير الخاص» يتقاضى راتباً شهرياً من حزب الله يبلغ 400 دولار أميركي، قائلاً: «الواحد منن بيقبض أكتر مني». لكن مراد ينفي هذا الأمر، وكذلك مسؤولو حزب الله، مشيراً الى أن التجهيزات التي بحوزة عناصر «جهازه» توافرت عبر تبرعات بعض فعاليات المنطقة، أما «حزب الله، فقد زوّدنا بالأجهزة اللاسلكيةوقد شهدت تجهيزات «عناصر الشرطة» المذكورين نقلة لافتة منذ بداية انتشارهم الميداني عام 2006، عندما كان لباسهم عادياً قبل أن يجري توحيده باللون الأسود، ليصار بعدها إلى اعتماد بزات كاملة لون بيج، تحوي خطوطاً فوسفورية تعكس الأضواء ليلاً. أضف الى ذلك، التزوّد بعصي برتقالية اللون تضاء مع حلول الظلام، كتلك التي يحملها عناصر السير في قوى الأمن الداخلي.
أما على صعيد الخطط المتبعة، فيقول مراد إنه جرت دراسة النقاط المهمة التي تشكل محور الزحمة، و«تبين أننا بحاجة الى 52 شاباً للانتشار على تلك المحاور، إضافة إلى مراقبين لضمان أداء الواجب على أكمل وجه».
وعلى هذا الأساس، يضيف مراد، جرت عملية التوزيع على التقاطعات التالية، بعد ترميزها رقمياً: حي المعلّم، الجاموس والقائم والرويس والبنك الفرنسي والعاملية والسندريلا فضلاً عن توزيع عناصر على الخط الممتد من الرويس (قرب محلات محفوظ) الى محطة دياب (آخر شارع بئر العبد). ويؤدي «المتطوعون خدمتهم على دوامين: من السابعة صباحاً حتى الثالثة ظهراً، ومن الواحدة والنصف ظهراً الى التاسعة والنصف ليلاً». أما الساعات المشتركة بين الدوامين «فهي لتلازمها مع ذروة الزحمة لخروج التلامذة
من المدارس».
ميدانياً، يشرح ولاء، وهو أحد الدراجين المكلّفين مراقبة أداء «عناصر الشرطة»، أن مهمته تكمن في مراقبة دوام العمل والتأكد من أن الجميع في مواقعه، فضلاً عن حل الخلافات التي تحصل مع بعض «السائقين المشاكسين»، مؤكداً أنها تنتهي «بنت ساعتها». وإذا تطور الأمر «فإننا نتصل بالقوى الأمنية من خلال مسؤول جهاز شرطتنا». وفي الإطار يؤكد ولاء على انضباطية العناصر لأنها محدودة الصلاحيات ولا يحق لها أن تتصرف خارج إطار السير «فنحن لسنا قوى أمنية رسمية وهدفنا تيسير أمر الناس».
ويقول حيدر، الذي انضم للجهاز منذ إنشائه، إن «تجاوب الناس معنا هو الدافع الرئيسي لاستمرارنا». يشاركه زميله عادل هذا الرأي، موضحاً أن «هدفنا خدمة الناس وليست مصلحة تجارية يستفيد منها العاطلون من العمل كما يردد البعض».

غياب رسمي وبلدي

من جهتهم، أجمع معظم المواطنين الذين التقتهم «الأخبار» على عبارة «يعطيهم العافية. فهم يعطون من وقتهم لتنظيم السير والسهر على راحتنا»، وإن فضّل عدد كبير منهم وجود القوى الأمنية الرسمية، «لما لها من صلاحيات واسعة في ضبط المخالفين وتنظيم مخالفات بحقهم». لكنهم في الوقت عينه يتساءلون عن سبب غياب عناصر مفرزة سير الضاحية عن عدد من التقاطعات الرئيسية وقت الذروة، إضافة إلى غياب الشرطة البلدية عن الطرقات الداخلية. وتساءل عدد من المواطنين عن السبب الفعلي لعدم إمداد مفرزة سير الضاحية بالعديد الكافي لملء الثغر.