149;عون يدعو النوّاب المسيحيّين إلى الرابية ورعد يطالب بحكومــة إنقاذ
قبل 48 ساعة من موعد جلسة انتخاب رئيس جديد، وستّة أيّام من انتهاء ولاية الرئيس الحالي، استدعى القلق من الفراغ والفوضى تصاعد حركة الموفدين الى لبنان وعواصم القرار، مع بروز تشاؤم وقلق مصريّين تحديداً من تطور الوضع

فيما كانت النائبة الأولى لرئيس البرلمان الأوروبي رودي كراتسا تساغاروبولو، تختتم زيارتها للبنان بإبداء القلق من «حالات عدم التسامح والقمع والاضطهاد تجاه المجتمعات المسيحية وغيرها، ولا سيما في أفريقيا والشرق الأوسط»، وبينما كان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والمبعوث الرئاسي السويسري ديدييه بفرتيز، يقومان بجولات مكوكية على المسؤولين اللبنانيين، وصل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، في محاولات إضافية للحلحلة.

كوشنير: «لماذا لم تتقدّم الأمور؟»

بحيرة كبيرة، خرج كوشنير من لقاءاته أمس التي شملت الرئيس نبيه بري والنائبين ميشال عون وسعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، مكثراً من التحذيرات والحديث عن عقبات. وقال «ليس هناك قرارات تتّخذ فقط من لبنان. هناك دائماً دول إقليمية، وهذه الدول كانت موافقة وشجعت فرنسا. إذن، لماذا لم تتقدم الأمور؟». وأضاف «يبقى يومان وأسعى الى معرفة أين هي العقبة. الأسماء لا تهمني أريد أن تقوم الأكثرية والمعارضة بدورهما».
وإذ شدّد على ضرورة التوافق على اسم واحد، قال: «الرئيس ليس الأساس، هناك السلطات والحكومة والمشاريع وإرادات اللبنانيين. لكن هذا الرئيس يجب أن ينتخب الآن. إنني أحذر، ولا أقصد أحداً، ولكن الذين يعرقلون المساعي سيتحملون مسؤولية كبيرة. فرنسا تريد وتتمنى وترغب في إزالة هذه العقبات، ويجب الإعلان صراحة عن المسؤولين الذين يأخذون لبنان نحو الازمة. هناك يومان وسنستمر».
وأعلن عن مفاجأته بوجود «أمر عالق ومجمّد وفي غير محلّه» بعد قبول الجميع بصيغة لائحة البطريرك الماروني نصر الله صفير للاختيار منها، سائلاً: «من الذي لم يوافق عليها، ومن الذي له مصلحة في الفوضى، وفي عدم إجراء الانتخابات؟ في مصلحة من أن تزداد حياة اللبنانيين تعقيداً؟». وهدّد بأن فرنسا «ستطلع العالم بأسره على ما حصل، ومن يتحمّل مسؤولية عدم الاستقرار في لبنان». وذكر أنه سيلتقي عون اليوم أيضاً، قائلاً إنه «ليس مشكلة بل جزء من الحلمن جهته أعلن الحريري أن لائحة صفير «مقبولة بكل أسمائها» من تيار المستقبل، وقال إن «اللبنانيين واستقرارهم أهم من سعد الحريري ووليد جنبلاط وحسن نصر الله وميشال عون وسمير جعجع».
أما عرّاب اللائحة، فبدا أمس كأنه لُدِغ من الجحر نفسه مرتين، حيث كشف أنه بعد تسليمه اللائحة لاحظ في الإعلام وجود «أسماء لم تكن موجودة وأخرى حذفت منها»، وأن الجميع فرح باللائحة «فوراً، ولكن بعد ذلك ذهبت موجة الفرح». ورأى أن ما يجعل العقدة مستعصية هو امتداداتها «الى الدول المجاورة التي لها رأيها في الشأن اللبناني، والدول البعيدة أيضاً». وأبدى تشاؤماً بالغاً من الوضع إذ لم يستبعد الفراغ أو انتخاب رئيسين وحتى «الحرب الأهلية ممكنة». وإذا كان كوشنير تحدث عن نتائج لقاءاته فإن المبعوث الرئاسي السويسري زار أمس بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والحريري، بصمت، إذ لم يرشح شيء عن تفاصيل مباحثاته.

موسى: كلّ ساعة لها قيمة

ومساء أمس وصل موسى الى بيروت، والتقى فوراً السنيورة والحريري، بعدما كان قد بدأ من المطار بالتحذير من أن «حمّى الوضع السياسي اللبناني تكاد تنتقل وتسبّب صراعاً وحمى في العالم العربي كله خوفاً على لبنان وتضامناً معه». ووصف المرحلة بـ«المفصلية»، مشيراً الى أن زيارته تتويج لمشاورات عربية كان آخرها لقاءاته في سوريا. وأكد وجود عثرات «وسنحاول أن نساعد حتى نصل الى ما نريده»، مضيفاً ان «كل ساعة لها قيمة: يبقى ثلاثة أيام ولا بد من عمل وحركة ولا بد من توافق»، مشدّداً على أنه إذا وُجدت الإرادة السياسية «لا يحتاج الأمر إلى أكثر من نصف ساعة».
وكان مدير مكتب موسى هشام يوسف الذي يرافقه في الزيارة، قد كشف لمراسل «الأخبار» في القاهرة، أن فترة وجود موسى في بيروت مفتوحة وترتبط بالنجاح في تحقيق الهدف، معتبراً مجيئه «مؤشّراً» على إمكان العبور من الأزمة الراهنة. وقال إن دور الجامعة هو المساعدة «والباقي فى عهدة اللبنانيين، واللبنانيين فقط». لكنه أضاف إن ارتباط بعض الأطراف بأجندات خارجية، يعوق الجهود العربية والدولية، وينعكس سلباً على الوضع الراهن.
الى ذلك، برز أمس نشاط دبلوماسي في كل الاتجاهات، فزار سفراء روسيا سيرغي بوكين والسعودية عبد العزيز خوجة وإيطاليا غبريال كيكيا، قريطم، والتقى المنسق الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن، بري والوزير مروان حمادة الذي التقاه أيضاً السفير الأميركي جيفري فيلتمان.

مبارك متشائم وسلطانوف يأمل

والسباق مع الزمن في بيروت، قابلته سوداوية في القاهرة، إذ أعرب الرئيس المصري حسني مبارك عن تشاؤمه من الوصول الى تفاهم، وقال «سمعت أن اللبنانيين وصلوا مع الأسف الى طريق مسدود». وحذر من أن استمرار الوضع الحالي «سيجعل لبنان ممزقاً بين هذا الطرف وذاك وسيزداد التدخل الخارجي في الشأن اللبناني من دون داع».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني ديفيد ميليباند، أبدى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، القلق نفسه «لفشل القيادات اللبنانية في التوصل للتوافق واتخاذ خطوة لانتخاب الرئيس». وقال «لا يجب إلا أن نقف مع لبنان في هذه اللحظات الصعبة، وأن يتحمّل كل منا مسؤولياته لأن العواقب جد خطيرة».
وفي القاهرة أيضاً التي يزورها في إطار جولة شرق أوسطية، أعرب نائب وزير الخارجية المندوب الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ألكسندر سلطانوف، عن أمل بلاده في إجراء الانتخابات الرئاسية «على أساس الدستور ومن خلال التوصل إلى إجماع ومن دون تدخل خارجي في شؤون لبنان». وانتقل سلطانوف مساءً الى دمشق، في زيارة تستمر يومين يلتقي خلالها الرئيس السوري بشار الأسد، وتتمحور حول الوضع في لبنان ومؤتمر أنابوليس، كما أفاد مصدر دبلوماسي روسي في سوريا.

المواقف الداخليّة على حالها

أما داخلياً، فبقيت المواقف على حالها، لجهة «حرص» الجميع على التوافق ونجاح المبادرات، مع تمسك كل طرف بمواقفه ومطالبه. ورأى النائب وليد جنبلاط «أهمية حصول التوافق» على رئيس جديد من لائحة صفير «من دون زيادة أو نقصان»، داعياً «الفريق الآخر الى إنجاح جهود التوافق وعدم تعطيل الانتخابات الرئاسية وإدخال لبنان في الفوضى والانقسام والمجهول».
وانتقد النائب ميشال عون بعد ترؤسه اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح»، طريقة البحث عن الاسم قائلاً «ما دام البحث هو عن الشخص فالعوض بسلامتكم بالتوافق»، وذكر أنه ليس مرشحاً توافقياً بل «مرشح ضامن لحل توافقي». وأضاف: «إذا أردتم رئيساً توافقياً، فهذا يعني أن الكل يجب أن يكونوا توافقيين من رئيس مجلس النواب الى رئيس مجلس الوزراء، وعليه فالسنيورة ليس توافقياً، إذاً يجب أن يرحل. أما إذا أرادوا رئيساً للوزراء يمثّل طائفته، فأيضاً نحن نريد لرئيس الجمهورية أن يمثل طائفته».
ودعا عون كل النواب المسيحيين «الذين يشعرون بأنهم معنيون بالتمثيل المسيحي»، الى الرابية «ليتضامنوا معنا ولنسمع رؤيتهم لعلاج الأزمة»، آسفاً «لأنه بعد كل هذا الصراع، وبعد الحقوق الكثيرة التي تنازلنا عنها، لم يصل أحد الى أيّ حل».
وفي مقابلة مع تلفزيون «المنار»، استغرب النائب محمد رعد دعوة البعض عون إلى الاتفاق معه على رئيس سواه، متسائلاً: «ممّ يشكو العماد عون؟»، معلناً في الوقت نفسه أن المعارضة تبحث كل أسماء المرشحين، وهي مستعدة للتوافق على مرشّح غير عون شرط أن تتوفر فيه «ضمانات الحل». ودعا إلى تأليف «حكومة إنقاذيّة في الساعات الـ24 المقبلة عربون حسن نية للتوافق، وسعياً لحل الأزمة الراهنة»، متّهماً «بعض أفرقاء الموالاة» بأنّه «يتشاطر ويتذاكى على المعارضة، متذرّعاً باحترام المهل الدستورية للإتيان برئيس يفجّر أزمة في لبنان».
(الأخبار، وطنية)