باريس ـ بسّام الطيارة
في باريس كما في بيروت، يسود التشاؤم حول الاستحقاق الرئاسي، مع اختلاف في اللغة الدبلوماسية التي تحاول تجنّب «الخبر الأسود» والتغطية على الارتباك الناتج من تداخل الملف اللبناني بعوامل عدة، وتشابك الرسائل الإعلامية المعتمدة على تصريحات وزير الخارجية برنارد كوشنير الذي قرر البقاء في لبنان ما دام وجوده ضرورياً.
ففي الساعات الماضية، قفزت معظم ملفات المنطقة إلى واجهة الملف الرئاسي. وفي هذا الإطار، تحدّثت مصادر في باريس عن «تسرّب مؤتمر أنابوليس إلى صلب الأزمة»، مشيرة الى طلب فرنسي بأن يكون موعد انعقاده بعد الانتخابات الرئاسية، بعدما كانت الناطقة الرسمية في وزارة الخارجية باسكال أندرياني نفت وجود علاقة بين الأمرين.
كذلك أسهمت التسريبات عن «رفض إيران استقبال» السفير جان كلود كوسران، في إقحام ملف العلاقات الإيرانية ـــــ الفرنسية في الموضوع اللبناني. وقد رفضت أندرياني تأكيد أو نفي صحّة هذه التسريبات. بينما أكدت مصادر دبلوماسية عربية أنّ كوسران واجه «رفضاً دبلوماسياً إيرانيّا مهذّباً» لزيارته، وفسّرت ذلك باستعمال فرنسا لغتين مع إيران، الأولى «ملطّفة ومادحة تتعلق بالملف اللبناني مع إشارات مغرضة الى تأثير طهران على حزب الله»، بينما الثانية «متشددة في الملف النووي».
وتلفت هذه المصادر إلى الاتهامات لسوريا وإيران بعرقلة التوافق في لبنان، معتبرة أن اندرياني استعملت أمس «لغة دبلوماسية خشبية» في نفيها أن يكون في تصريحات كوشنير في بيروت ما يمكن تفسيره بأنه «اتهامات مباشرة لسوريا بشكل خاص»، وقولها إن حديثه موجّه لدول المنطقة، «وخصوصاً إيران وسوريا، بضرورة عدم وضع عراقيل أمام انتخاب رئيس توافقي يجمع عليه اللبنانيون».
ويرى مراقبون في مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى إعادة إرسال مبعوثه الخاص كلود غيان إلى دمشق «رسالة ذات قراءتين: من جهة تؤكد رأي القائلين بأن دمشق تضع عراقيل في وجه التوافق، ومن جهة أخرى هي اعتراف فرنسي بأن لسوريا مصالح يجب أخذها في الحساب، وبالتالي تيسير أمور كوشنير في بيروت».
ويفسّر مراقبون «هذا التمازج في الملفات الإقليميّة، بقرب ساعة الحسم»، مشيرين إلى أن الدبلوماسية الفرنسية «التي تعرف هشاشة التكليف الأميركي لها في الملف اللبناني، بدأت تدرك تعدد الأوراق المؤثرة على هذا الفصل من الأزمة». ولذلك، يفسر مصدر مطلع تهديدات كوشنير بفضح معرقلي التوافق «بأنه موجه للأكثرية والمعارضة، بعدما تكشف له مدى ترابط مواقفهما بأوراق إقليمية».
ويضيف المصدر أنّ «رمي الانتخابات إلى الـ24 ساعة الأخيرة، هدفه تقصير فترة السماح لوضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم»، وأن كوشنير «يبني ما بقي من تفاؤله على إشارات من مصادر غربية إلى إمكان حصول انشقاق في المعارضة في الساعات الأخيرة، يسمح بانتخاب رئيس من لائحة
بكركي».