strong>عفيف دياب
فشل مجلس النواب حتى اللحظة في انتخاب رئيس للجمهورية. لم يستطع أصحاب «النمَر» الزرقاء والسيارات الفارهة المعفاة من الرسوم الجمركية على حساب المكلف اللبناني، القيام بواجبهم الوطني والدستوري بعيداً عن تدخلات الخارج وإملاءاته. أصاب «الإحباط» و«الملل» الشارع اللبناني ممن يتولى زمام إدارة البلاد. تحول حديث الناس الى «سخرية» مما يجري بشأن استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية يتأجل من موعد الى آخر، فيُحدث إرباكات لا تعدّ ولا تحصى، أبرزها إحجام عدد من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود ويتصاعد الدخان الأبيض من «حسينية الرئيس نبيه بري وجامع النائب سعد الحريري» على حد قول المواطن وليد مرسل الذي ارتفعت اسهم أمله بالتوافق بين أفرقاء الصراع المحلي بعد أن أخرج البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير لائحة مرشحيه لرئاسة الجمهورية إلى العلن، لكن سرعان ما تبدّد أمله وأصبح سراباً أدخله في قلق قد يطول كما قال.
اصبح حديث الناس والشارع «تهكمياً» مما يجري. أصبحت «النكتة» السياسية خير وسيلة للتعبير عن قلق على المصير والحاضر والمستقبل و«السخرية» من نواب لم ينجحوا عبر كل الحقبات اللبنانية في انتخاب رئيس للجمهورية من دون تدخلات الخارج.
ويقول نضال ابو خالد إن «نوابنا فشلوا فشلًا ذريعاً. لقد صدقوا برفع الأيدي على قرار فشلهم المرحلي والتاريخي، فمنذ أن عرف لبنان الكبير العمل البرلماني لم يكن نواب الشعب عند رغبة الشعب وإرادته، فالطوائف وغرائزها، والمال الحلال والحرام، ووصايات الدول وأجهزة مخابراتها هي مجلس النواب عندنا». ويختم خالد بالقول: «لقد فشل النواب وعلينا سحب الوكالة منهم وأن ننتخب نحن الشعب الرئيس مباشرة».
«الشر المستطير» الذي أصبح قاب قوسين أو ادنى، يشغل بال رواد مقهى ابو حمرا في مدينة زحلة. فالحوار الدائر على طاولات المقهى الصغير تعطي مشهداً واضحاً عن «نبض» الشارع اللبناني وما يقلقه. يؤكد أكثر من شخص في المقهى أن مرشحي البطريرك صفير أصبحوا في «غربال» الرئيس بري والنائب الحريري حسب وصف الزميل عيد الاشقر الذي "تتطاير" نحوه الاسئلة بالعشرات عن «في انتخاب رئيس يا أستاذ حتى نخلص من هالوضع؟».
أصبحت انتخابات الرئاسة الاولى في لبنان «فوق برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة» يقول الاشقر الذي يؤكد أن البطريرك صفير «نفذ ما عليه وما طلب منه، وعلى الرئيس بري والنائب الحريري أن يثبتا أنهما خلف البطريرك كما كانا يقولان. لقد قال البطريرك كلمته وعلى الآخرين أن ينفّذوا ما وعدوا به». كلام الأشقر أثار حفيظة سيدة احيلت أخيراً على التقاعد بعد عمر مضن في التعليم الرسمي وتوجهت الى الحاضرين من دون استثناء بالقول : «ليش البطرك الو حق يسمي مرشحين لرئاسة الجمهورية؟ ما فينا نعمل خلاصنا من دون الاكليروس»؟ وتختم كلامها بحدة «حاجي بقا يضحكوا علينا.. صار لازم ننتخب الرئيس مباشرة".
انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب بعد فشل النواب في القيام بواجبهم، يرفضه حالياً الدكتور محمود الميس الذي يأمل انتخاب رئيس للجمهورية حتى لو في آخر ربع ساعة قبل انتهاء المهلة الدستورية».
ويقول: «نحن مع انتخاب رئيس من الشعب مباشرة، ولكن الوقت اليوم غير مؤات لتعديل دستوري. على رئيس الجمهورية المقبل أن يضع بنداً واحداً في برنامجه وهو تعديل الدستور ليتسنى لنا انتخاب الرئيس مباشرة ووضع حد لتدخلات الخارج». ويرى الميس أن النواب «لا دور لهم نهائياً سوى الاجتماع والتصويت على اسم المرشح الذي تقرره القرارات الاقليمية والدولية، وتالياً فهم يمارسون الديموقراطية المزيفة».
هذا الكلام يستفز وليد مرسل الذي يدعو الى "التعلم من تاريخنا وتجاربنا». ويقول متهكماً» وساخراً من الواقع والوقائع أننا «تحولنا الى قطيع يقوده كل يوم راع حسب مزاجه، ونحن لم نختر يوما الراعي الصالح، فالرعاة في لبنان ليسوا صناعة وطنية وهم جاءوا خلافا لارادتنا".
ويتابع محتدّاً: «على الشعب اللبناني أن يحدد موقفه ومصيره بيده، وعليه ان يعلن رفضه للامر الواقع. نحن كتب علينا ان نكون قطيعا، ولكن الا يحق لنا ان نختار اي نوع من القطعان سنكون". ويضيف «انا أفضل أن نكون قطيعا من الماعز وليس من الاغنام»! ويوضح أن «قطيع المعزة هوي اللي بيختار الكراز اللي بدو يقوده.. اما قطيع الغنم فبيمشي ورا مين ما كان.. حلّنا بقا نفهم ونستوعب اللي عم بيصير بالبلد، انا ما حدا سأل عن رأيي، ومين بدي رئيس للجمهورية"!!
كلام مرسل يثني عليه ايضاً صديقه نضال الذي يختم بالقول : «نحن مجرد كومبارس محدود الدور في فيلم من سيناريو اميركي، واخراج فرنسي، وتصوير سوري، وتمويل ايراني ـ سعودي ومكياج مصري ـــــ اردني مترجم الى لغات اكثر من 15 دولة.. فكيف سنكون أصحاب القرار»!