نعمت بدر الدين
يعتبر وزير الثقافة ان وزارته ضعيفة لناحية الامكانيات، لكنها بنظره وزارة مهمة، أنجز بعض مشاريع القوانين لأجلها، الا انه يقول بأن البعض يعتبره مجنوناً لاهتمامه بالثقافة في ظل المعارك السياسية الحادة


• الأزمة السياسية تتمثّل اليوم في عدم التفاهم على اسم مرشح توافقي، هل ترى أي أفق للحل؟
خلافاتنا كثيراً ما تكون أكبر ممّا هي، وقد لا تتعلق على الأرجح بحياتنا السياسية الداخلية في أكثر الأحيان. أجد صعوبة ككل اللبنانيين في مواجهة ما يحصل، وأشعر بخوف وقلق على البلد. علينا أن نستيقظ كلبنانيين، وخاصة أن العرب والأوروبيين والجميع مهتمون بنا، ربما لأسباب تتعلق بهم.

• أما زال هناك فرصة؟
دائماً هناك فرصة، مهما كانت الصعوبات. لو كان كل العالم لا يريد منّا أن ننتخب رئيساً يستطيع اللبنانيون أن يفعلوا ذلك رغم إرادة العالم، فكم بالحريّ إذا كان العالم كله يقول لنا انتخبوا رئيساً؟ لا شيء يمنعنا، والمسؤولية تقع على اللبنانيين.

• ما هي خطوات حكومتكم؟
الحكومة لا ترتجل خطوات، الدستور صريح ويقول إن الحكومة تنتهي اعتباراً من انتهاء الولاية الرئاسية. وما نعيشه حالة غير طبيعية. في كل المجتمعات قواعد يُحتكَم إليها. عندنا الدستور. إلامَ نحتكم؟ نحتكم إلى الدستور، هذه هي الحالة الطبيعية.

• البعض يقول إن حكومتكم غير دستورية فكيف تلجأ إلى الدستور؟
لأن هناك انقساماً حادّاً في البلد. هذه الحكومة لا تعجب الكثيرين لكنها، وهي غير الشرعية على ما يقولون، تصرف معاشات الوزارات، ويكتب لها الوزراء المستقيلون. نحن أكثر الناس إحساساً بنقصانها، وقد عاد منهم ثلاثة شبه عودة. غير طبيعي أن يكون هناك 6 وزراء قدموا استقالاتهم، ثلاثة بينهم مستقيلون وغير مستقيلين.

• يقال إن هناك خطوات قد تلجأ إليها المعارضة.
لا أعرف ما هي الخطوات المقبلة لكن هناك مخارج كثيرة ونتخيل الكثير منها، لكن ما نعرفه من الدستور وحياة الأنظمة الديموقراطية هو أن التهديد بالاضطراب الأمني غير مسموح به. المعارضة سياسية، لها حرية المعارضة السياسية وخاصة في بلد منقسم.

• هل هناك أمل في انتخاب رئيس؟
أنا مواطن ولست نائباً. هناك خلاف دستوري على مسألة النصف زائداً واحداً، لكن الرئيس في الدورة الثانية ينتخب بالأكثرية. لا أعرف ما ستفعله الأكثرية ولكن في آخر المطاف، وأمام خطر الفراغ، قد تلجأ الأكثرية إلى هذا الخيار، لكني لا أعتقد أن الأكثرية متحمسة لهذا الخيار، وأنا كمراقب لا أراه سيحصل.
لا أريد المقارنة بين الفوضى والنصف الزائد واحداً، الاثنان مرّان، علماً بأننا نقارن بين ما يمكن وصفه ونعرف مسبّباته، وحالة ثانية هي الفوضى التي لا نعرف وصفها ومسبّباتها. لم تنته قضية اللبنانيين عند الرئاسة، طول عمرهم ينتخبون رئيساً ويختلفون، لكن نحن اليوم كمواطنين وضعنا في جو يقول: إمّا الانتخاب وإمّا الفوضى، وهذا الخوف لم يأت بشكل تلقائي إنما هو يتنامى منذ 3 أشهر. الخوف اليوم غير طبيعي. في بلجيكا منذ فترة لا يستطيعون تأليف حكومة لكن الناس ليسوا خائفين، بل قلقون على مستقبلهم، قلقون من الانفصال، ولكن ليس هناك مَن يضعهم في جو الترهيب. أنا كإنسان عادي يغضبني هذا ويجرح كرامتي.

• لكن الرئيس المطلوب دولياً هو رئيس القرار 1559، قرار نزع سلاح المقاومة، فضلاً عن القرار 1701...
رئيس الجمهورية ليس وحده مَن يحكم، فنحن لا ننتخب إمبراطوراً. بعد انتخاب الرئيس هناك تأليف حكومة، هذه المشاكل ليست بالحجم الذي يصوَّر في ظل الانقسام السياسي الحاصل، ولكن لم أسمع أنا شخصياً أن أحداً سيذهب لينزع سلاح المقاومة، كل ما قيل إن موضوع سلاح المقاومة سيُبحث عبر الحوار السياسي، وهناك وجهات نظر مختلفة، لكن الكل متفق على أن معالجته سياسية.
لبنان ملتزم القرارات السياسية، وهو محتمٍ بالشرعية الدولية، ونحن انتظرنا 22 سنة لتطبيق القرار 425، وبجهود المقاومين المعروفة عند كل اللبنانيين تحرّر الجنوب. قبلت الدولة القرار 1701 قبل استقالة الوزراء، نحن مع 1701 ونستخدمه سلاحاً ضد إسرائيل. لبنان ينفّذ بنوده، بينما الإسرائيلي لا ينفّذه، لم يعطنا خرائط الألغام، وإسرائيل تقوم بالانتهاكات الجوية ولا تلتزم القرار، فلنستخدمه سلاحاً معنا لا علينا.
وهناك أمور أساسية يجب الاتفاق عليها: رئيس معتدل ووفاقي يجمع اللبنانيين هو ما نحتاج إليه لنحمي لبنان قدر المستطاع من تأثير التطورات في المنطقة. ولكن رئيس يحمي لبنان. لبنان لا يطلع من المنطقة، بعض اللبنانيين حسّاس تجاه هذا الموضوع، وهؤلاء قدريون ويضعون هذا معياراً لانتخاب الرئيس. هم قدريون، يفترضون أن لبنان ساحة، ولكن يجب أن يكون هناك ما يحميه نسبياً من أن يخضع للتأثيرات. لنفترض أن ما يجري في لبنان له علاقة بما يحصل بين أميركا والغرب وإيران، فلماذا يذهب أولادهم إلى المدارس وأولادنا يخافون الذهاب إلى المدارس؟
لا يمكن أحداً إعادة النظر في هوية لبنان العربية ووجوده في محيطه العربي، لكن لبنان ليس ساحة لدفع الأثمان.

• يقول منتقدوك ـ وبعضهم من محبيك ـ إن مكانك، أنت المثقف، ليس في هذه الحكومة وكان يجدر بك تركها وحفظ نفسك لحكومة أخرى غير ملوثة بالمشروع الأميركي في المنطقة؟
أنا لست مجرماً أو لصاً ولا تابعاً لأميركا أو لإسرائيل، وأحتقر نفسي إذا دافعت عن نفسي بهذه اللغة. الحكومة الحالية يُختلَف معها في السياسة لا بالتخوين. ونتمنى أن يكون تخوينها واتهامها بالعمالة والسير بالمشروع الأميركي هو مجرد أسلحة لفظية.
الحكم العام على الحكومة قاسٍ وظالم وغير صحيح وغير مبنيّ على الوقائع. أنا لعبت كوزير دوراً صغيراً جداً في الدفاع عن لبنان أمام إسرائيل، ورأيي معروف في الصهيونية والمشروع الأميركي، وكتاباتي تشهد.
البعض قال: مَن يمثّل طارق متري؟ أقول له أنا وزير ولست نائباً، والوزير غير النائب، فالنائب منتخب لكنه ينفّذ البيان الوزاري. الحكومة التزمت مقررات هيئة الحوار.
أنا لا أرضخ للابتزاز ولست مستعداً لإعطاء فرصة للتهمة عبر الدفاع عنها، ولن أتنصل من الحكومة. أنا لا أمثّل ناخبين بل أمثّل جهة في النظام الطائفي.

• مارست دورك كوزير وكيل لوزارة الخارجية والمغتربين، ما هي عصارة هذه التجربة؟
وزارتي بالوكالة كانت وجيزة، وأهمّ ما فيها كان تمثيل لبنان في الخارج عندما كان الوزير الأصيل معتكفاً ما بين نصف عودة ونصف استقالة، فقد كان في فترة مدّ وجزر بدرجة ممارسته لمسؤولياته وما سمّي تصريف أعمال.
لم أكن وزير خارجية بالمعنى الحقيقي للكلمة، فقد مارستُ جزئياً، وبالأخص على صعيد الدفاع عن لبنان في المحافل الدولية. وقد حاول بعضهم إقحامي في قصص لا علاقة لي بها مثل «الهيمنة على مفاصل وزارة الخارجية». كنت أقوم ببعض المهمات قدر المستطاع. أتذكر الخطابات التي كتبتها بيدي، لم يكن لديّ جهاز في الوزارة يحضّر لي الوثائق والمراجع أو يكتب لي، كتبت خطاباتي في مجلس الأمن، والقمة الفرنكوفونية والأونيسكو وغيرها. تذكرني هذه الخطابات بكيف أرى علاقة لبنان بالعالم.