strong> ثائر غندور
• مات مشروعه في وزارة الصناعة سريرياً... والحزب «يتغيّر» في عهدة أخيه سامي؟
في 21 تشرين الثاني اغتيل بيار أمين الجميّل.قال أحد القادة الكتائبيين حينها إن هدف الاغتيال القضاء على حزب الكتائب قبل أن يتمكّن هذاالشاب من إعادته إلى موقعه القديم على الساحة المسيحيّة. فهل حقّق القاتل هدفه؟

عاهد الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميّل ابنه بيار أول من أمس في ذكرى اغتياله على استكمال «ما أنجزته من وثبة جديدة للشباب. ونعاهدك، أنا وسامي، على أن نستمر في النضال حتى تتحقّق كل أمنياتك».
ويقول أحد المسؤولين الكتائبيين إن رئيس الحزب كريم بقرادوني كان قد أعطى بيار الجميّل سنتين حتى يحضّر نفسه لتسلّم قيادة الحزب. اغتيل بيار الجميّل قبل انتهاء هذه المهلة، وسيتحوّل الرئيس الأعلى للحزب أمين الجميّل رئيساً للحزب بعد أن يستقيل بقرادوني الشهر المقبل. يدور اليوم نقاش بين الكتائبيين عن مصير حزبهم ومصير مشروع بيار الجميّل في هذا الحزب. هناك موقفان أساسيان: الأول يقول إن الحزب يسير على خطى «بيار الشاب»، والثاني يرى أن الحزب وقع في فخّ الانقسام بعدما نجح بيار الحفيد في توحيده.
ويدعم الفريق الثاني موقفه، عبر الإشارة إلى عدد من الكوادر الذين يريدون تقديم استقالاتهم بعدما «كان قد نبذهم من الحزب سامي الجميّل» كما يقول أحد هؤلاء المسؤولين، ويسمي رئيس مكتب طلاب بعبدا، ورئيس دائرة المهنيين في مصلحة الطلّاب، وغيرهما من الكوادر. ويقول إن بيار الجميّل فتح بابه أمام جميع الحزبيين، ولا سيما أولئك الذين كانوا على خلافٍ معه، من أجل إتمام المصالحة، «بينما يرى سامي كل هؤلاء، وخصوصاً الفريق المقرّب من كريم بقرادوني وفريق بيار الجميّل أنهم خصومه، ولا يريد أن يتحاور معهم، بل إبعادهم من الحزب». ويقول هذا المسؤول إن محاولات سامي الجميّل إدخال الفيدرالية إلى الحزب تشكّل «مقتلاً للحزب». ويقول إن سامي أسهم في إبعاد الحزب عن 14 آذارويدلّ على ذلك بالقول إن «فريق بيار يجلس في الطبقة الأرضية من مركز الحزب في الصيفي، ولا يصعد إلى الطبقات العليا». لكن رئيس مجلس المحافظات والأقاليم ميشال مكتّف (زوج نيكول شقيقة بيار الجميّل) يرفض هذا الحديث، مشيراً إلى أن الكتائبيين يتهكّمون على الطبقة السفلى لأنها كانت «مستودعاً لا يدخله أحد قبل أن يرممها بيار الجميّل»، مشيراً إلى أن الحزب أصيب بنكسة بعد اغتيال الوزير الشاب، لكنّه يحاول الاستفاقة منها اليوم «لأننا مؤسسة. والمصالحة تمت ولا يمكن العودة إلى الوراء». ويقول مكتّف إن الحزب ما زال يعيش على الرصيد الذي أدخله الجميّل إلى الحزب (ستة آلاف منتسب في عام واحد)، «لكننا سنجدّد هذا الرصيد بعد مؤتمر الحزب الاستثنائي عبر حفل انتسابات جديدة».
ويؤكّد مكتّف أن الوزير الشاب كان يرفض الفيدرالية رفضاً مطلقاً، «فهو مؤمن بلبنان الموحّد، فالحزب هو لصيق صيغة 1943 والعيش المشترك. شعار بيار الجميل كان: نريد دولة قويّة تحمي شعبها». وينفي مكتّف أن تكون قد حصلت «أي استقالات أو أن أحداً ينوي أن يستقيل، وهناك بعض المتضررين الذين يقولون ما يشاؤون». ويؤكّد مكتّف ومستشار بيار الجميل في وزارة الصناعة ميشال خوري أن سامي الجميل حمل الشعلة عن أخيه. ويلفت خوري إلى أن التنسيق كامل بين مكتّف ومجلس الطلاب الذي يترأسه سامي الجميّل. ويرى أن مشاركة مجلس الطلّاب والشباب الكثيفة في قدّاس أول من أمس أكبر دليل على ذلك.
يبدو أن الكتائب مقبلة على نقاش ضروري وأساسي، وقد يكون صعباً، وخصوصاً مع وجود أفكار متضاربة في موضوع أساسي هو الفيدرالية.
بالعودة إلى بيار الجميّل الوزير، قدّم هذا الشاب في عام 2005 خطّته في وزارة الصناعة تحت عنوان «شباب لبنان 2010»، وارتكزت على ثلاث مراحل: الأولى، خطة طوارئ لإطلاق الطاقات الإنتاجيّة الموجودة وغير المستغلة، عبر معالجة أسعار الطاقة، وخفض أسعار الكهرباء للصناعيين ليلاً، وتوفير المحروقات للمؤسسات الصناعية بأسعار تشجيعية. الثانية، تفعيل القطاعات القائمة عبر برنامج التنمية الصناعية، ضمن برامج متخصصة لكل قطاع، نظراً إلى خصوصية كل منها، وربطها بالطاقات اللبنانية. والثالثة، إطلاق صناعات الغد المبنية على الصناعات الجديدة، ووضع آلية لإطلاق الصناعات الجديدة بالتعاون مع كبار رجال الأعمال والاقتصاد والعلماء اللبنانيين في الخارج دعماً لشباب لبنان. ودعا الجميّل الحكومة إلى إقرار إجراءات المرحلة الأولى ضمن مهلة مئة يوم، على أن تقوم وزارة الصناعة مع جميع المعنيين بإقرار الخطة التنفيذية لتحقيق الأهداف المحددة في برنامج التنمية ضمن روزنامة زمنية وبتوزيع مسؤوليات واضحة للتنفيذ، وأن يتحقّق ذلك ضمن المهلة نفسها، ويصار بعدها إلى إطلاق مرحلة صناعات الغد.
وإذا به يقول قبيل اغتياله: «اصطدمت بتعقيدات الدولة والمكننة والمنطق الآخر في النظرة إلى القطاعات الإنتاجية في لبنان، لكن ذلك لم يؤثر في عزيمتي، وأقول إن لدى الدولة حلّين: إما تطوير الصناعة والاقتناع بأن هذا القطاع أساسي ورئيسي للنمو الاقتصادي، وإما إقفال الدولة لوزارة الصناعة والإعلان أن هذا القطاع غير نافع. وللأسف إن جزءاً من التأخير جاء بسبب المماطلات الإدارية، حيث إن ما يتطلب تنفيذه 24 ساعة يمتد بفعل تركيبة الإدارة إلى شهر».
لكن حكومة «الاستقلال 2005 غيّبت الخطة الإصلاحية للقطاع الصناعي في برنامجها الذي قُدّم لمؤتمر باريس ـــــ 3. فالحكومة قررت أن تقدّم بعض المساعدات المالية المحدودة للقطاعات الإنتاجية، ومن بينها الصناعة، إضافة إلى الدعم عبر برامج قروض يبلغ مجموعها 950 مليون دولار أميركي، مع دعم للفوائد من جانب الحكومة.
وفي المقابل، نرى أنّ خطة الجميل ترفض تدخّل الدولة في القطاع الصناعي عبر بوّابة المساعدات المالية، إذ تدعو إلى تنمية هذا القطاع عبر اتباع بنود الخطة للحصول على صناعة قوية».



أرقام وتواريخ

ينتمي بيار أمين الجميّل المولود في 23 أيلول 1972 إلى عائلة سياسيّة امتدّت من جده بيار فوالده أمين وعمّه بشير، بالإضافة إلى موريس الجميّل خال الرئيس أمين. اغتيل في 21 تشرين الثاني 2006. تلقى تعليمه في مدرسة الفرير ــ الشانفيل ديك المحدي، وفي اليسوعية في مدينة نيس الفرنسيّة. حاصل على شهادة في الحقوق من جامعة الحكمة.
كان عضواً في المكتب السياسي في حزب الكتائب ورئيس مجلس الأقاليم والمحافظات في الحزب بعد المصالحة بين والده ورئيس الحزب كريم بقرادوني. انتخب في عامي 2000 و 2005 نائباً عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، كما عُيّن وزيراً للصناعة في حكومة الرئيس السنيورة المؤلفة في تمّوز 2005. متزوّج من باتريسيا الضعيف منذ عام 1999 ولهما ولدان: أمين وألكسندر.