فاتن الحاج
تُنهي ريسا بتكجي سنوات الإجازة في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، كما بدأتها، بالتحدّي، بعدما سلكت طريق التفوق لمحاربة ظروفها الاقتصادية والاجتماعية

عاشت الطالبة ريسا بتكجي في كنف أسرة «على قد الحال»، تؤدي فيها الأم دور الأب. ومع ذلك لم تتردد ريسا في الدخول إلى الجامعة اللبنانية الأميركية، «الأغلى» في لبنان، «طمعاً» بإتقان اللغة الإنكليزية التي تعشقها منذ أيام المدرسة. تقول: «كنت أكره الذهاب إلى المدرسة بسبب عدائي للروتين اليومي، وعلاماتي في المواد العلمية «ترسو»، لكنني أحببت اللغة الإنكليزية والفلسفة والكتابة».
تحمّست ريسا لدراسة الصحافة المكتوبة. قدّمت طلباً «بالسر»، لكنّها اصطدمت بالخانة الخاصة بالأهل، «أمي لم تكن تعلم بما أُخطط له، وعندما أُجبرتُ على إخبارها، لم يكن لديها أمل، وخصوصاً أنّ إخوتي درسوا في الجامعة اللبنانية، ما عدا أختي التي نالت منحة من الجامعة الأميركية. لكنني نجحت وبدأ التحدي». بعد قبول ريسا في الجامعة اللبنانية الأميركية، كان عليها أن تبدأ رحلة البحث عن المساعدة المالية (Financial Aid). مرّة ثانية ملأت ريسا طلباً جديداً وأُخضعت لمقابلة طويلة انتهت بمنحها المساعدة التي تنقسم إلى قسمين: 35% حسماً من القسط و40% عملاً في قسم المسرح. تشرح: «العمل هنا تقني ويهدف إلى خدمة التلامذة في العمل المسرحي»، لكن تعلّق ريسا بالمسرح جعلها تدرسه في موادها الاختيارية. وقد شاركت في مسرحيات عدة في السنة الأولى.
«أما الآن فلم يعد لديّ وقت»، تقول ريسا، والسبب أنّها حصلت في السنة الثانية على وظيفة في مكتب العلاقات العامة حيث تقوم بترجمة البيانات الصحافية من العربية إلى الإنكليزية وبالعكس، «ما كان بدي أي سنة تشبه اللي قبلها، لازم ضيف شي لتجربتي، والعمل بالعلاقات العامة حلمي وأكيد بيفيدني باختصاصي وبيقوّي لغتي».
وبما أنّ الحياة الجامعية يجب أن تكون «تصاعدية»، على حد تعبير ريسا، فقد جهدت لتكون على لائحة الشرف (معدل العلامات 3.8/4)، وتثبيت المنحة، و«بتُّ منذ السنة الثانية قادرة على تغطية كامل القسط، ومساعدة أمي».
وفي صيف السنة الثانية، قدّمت ريسا طلباً ثالثاً للمشاركة في برنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية «Middle East Partnership Initiative» الذي تنظمه وزارة الخارجية الأميركية لطلاب الجامعات، من أجل تنمية الشخصية القيادية. «جمعتُ أوراقي من دون علم أمي التي فُوجئت عندما تلقيتُ اتصالاً من السفارة الأميركية لإجراء مقابلة، فرافقتني أمي في السيارة، وضحكت حين أخبرتها أنني أشعر أنّهم سيقبلونني، وقالت: معقول، لماذا سيدفعون عنك؟ وبعد أسبوعين تلقيت اتصالاً آخر، وكنت الوحيدة التي قُبلت من الجامعة اللبنانية الأميركية، إلى جانب تسعة طلاب من لبنان و110 طلاب من العالم العربي».
وهكذا سافرت ريسا إلى الولايات المتحدة لمدة 6 أسابيع خلال تموز وآب الماضييْن. «كان الموضوع بالنسبة إليّ صدمة، وخصوصاً أنّها المرة الأولى التي أبتعد فيها عن أمي، لكنني فرحت لوجودي بين أشخاص يشبهونني، فشاركنا في حلقات تدريبية في السياسة والاقتصاد في «Benedictine University» في ولاية شيكاغو، وناقش كل منا السياسة الخارجية الأميركية في بلده».
عاشت ريسا في أميركا تجربة السفراء، لذا راحت تفتش في السنة الثالثة عن تحدٍّ جديد، «وقد وجدتُ في نموذج الأمم المتحدة في الجامعة ملاذاً لي حيث أعمل على المنشور الذي يصدر عن البرنامج وأُعد التقارير لـ«الأمين العام» والإدارة».
تسأل ريسا عما إذا كانت تخطط للعمل في الصحافة المكتوبة، تقول: «هذا اختصاصي، لكن العمل في الجريدة سيكون تأسيسياً، وخصوصاً أنني أشارك حالياً في تحرير الأخبار المحلية في جريدة دايلي تريبيون الداخلية في الجامعة. أما طموحي فهو العمل في العلاقات العامة والمنظمات الدولية».
بعد ذهابها إلى أميركا، تخلّت ريسا عن معارضة فكرة الهجرة وقد تتابع الدراسات العليا في الصحافة، أو ربما ستختار ماجستير العلاقات الدولية في جامعتها.