باريس ـ بسّام الطيارة
هل تسلّل مؤتمر أنابوليس إلى ملف الرئاسة اللبنانية عبر جسر ارتفاع حظوظ ميشال إده في الساعات الأخيرة التي سبقت مبادرة ميشال عون والرفض الذي جوبهت به؟
سؤال لا بدّ منه، استناداً إلى إجابات الأوساط الدبلوماسية الفرنسية حول «بروفيل المرشحين» قبل ساعات قليلة من الإعلان غير المباشر لـ«فشل مبادرة كوشنير» الذي عاد إلى باريس في الساعة الثالثة من صباح يوم إعلان تأجيل الجلسة الانتخابية.
وقد أجاب مصدر مطّلع عن سؤال مباشر حول سبب «الرفض المطلق» لترشيح ميشال إده عبر تحويل السائل «إلى ماضي إدّه» المعادي لإسرائيل، وخصوصاً «ظهوره الدائم على شاشات تلفزيون المنار» الممنوعة على الأقمار الصناعية الموجّهة نحو أوروبا بمبادرة فرنسية في عهد شيراك.
وعادت بعض الأوساط إلى نبش «خلفيّة إده السياسية المعادية لإسرائيل» وإخراج تصاريح له تعود إلى عام ٢٠٠٠ في مركز الإمام موسى الصدر للدراسات والأبحاث، تحدث فيها عن خطر إسرائيل على لبنان بشكل عام وعلى مسيحييه بشكل خاص. ويعلن فيها موقفاً مؤيداً للمقاومة، ورابطاً بين «دعوة الإمام الصدر للتصدي لإسرائيل وأفكار ميشال شيحا المناهض للصهيونية»، وذلك رغم كونه من أكثر المرشحين «فرنكوفونية».
وتقول بعض المصادر إن وجود اسم إدّه على لائحة البطريرك بين أسماء عدّة لم يسبب أي ارتباك، إذ تُرك أمر «التصدي لترشيحه» للعبة الفيتوات السياسية الداخلية.
لكن عندما أحسّت القوى الداعمة للتوافق بأن سعد الحريري وبدرجة أقل وليد جنبلاط قد خفّفا من حدّة الفيتو على اسم إده، تغيّرت الأمور ليعود «التصدي لوصول ميشال إده» من أهداف الحركة الدبلوماسية خلف ستار التحركات الفرنسية.
ولا يؤكّد البعض أن مهاتفة ساركوزي للنائبين الحريري وعون هدفت لقطع الطريق إلى الاتفاق على ترشيح إده، إلا أنهم يقولون بأن «حرج الموقف» جعل ساركوزي مجبراً على التحرك من أجل تليين موقف الفريقين المتواجهين «في اتجاه توافق لا يمرّ بميشال إده». وتضيف هذه المصادر: إن «مبادرة ساركوزي الهاتفية» جاءت على شكل بالون أوكسيجين لكلا الفريقين، وكانت إجابة كل فريق عنها بالشكل المناسب له.
والمهم حسب بعض المصادر الفرنسية كان إبعاد «شبح رئيس مناهض بشكل مزعج لإسرائيل، ومؤيد بضجيج عال» للمقاومة، ما كان يمكن أن يسبب «عرقلة أكبر من واشنطن» التي كان يمكنها أن تعتبر أنه «خروج عن التكليف» الذي أنيطت به باريس حتى ٢٣ الشهر.
وكانت الدبلوماسية الفرنسية قد كرّرت مراراً رغبتها بأن تحصل الانتخابات الرئاسية قبل مؤتمر أنابوليس، مفسرة ذلك بأنه «يخلق ديناميكية إيجابية» يمكنها أن تنعكس على المؤتمر الذي دعت إليه واشنطن. ويمكن تفسير هذه «التمنيات» على ضوء المعارضة التي واجهت ترشيح ميشال إده بأن فرنسا كانت تحمل «بروفيلاً» للرئيس المقبول من واشنطن، كي تكون انعكاسات الانتخابات على أنابوليس إيجابية. ولما تبيّن لها أن رياح الترشيح التوافقي تجري بعكس ما تشتهي سفن العم السام في قاعدة أنابوليس البحرية حيث مؤتمر السلام، تراجعت عن ضغوطها المباشرة وحلّت محلّها تمنّيات جسّدتها تصريحات كوشنير الأخيرة «المطمئنة» في نهاية الأسبوع عقب عودته من بيروت قائلاً: «لا أعتقد بأن الوضع ينذر بمرحلة توتر»، واستدرك «لا أظن أنه سيكون هناك توتر خطير جدا»ً.
ورغم رفض الناطقة الرسمية باسكال أندرياني في مؤتمرها الصحافي نهاية الأسبوع «وضع اللوم مباشرة على سوريا» في عملية التأجيل، إلا أن كوشنير قال في إشارة إلى دور سوريا وإيران في لبنان «إن هذا الوضع ليس جديداً». وأضاف: «في كل مشكلة لبنانية توجد أسباب خارجية، وقد أخذنا كل ذلك في الاعتبار»، مشيراً إلى أن الفرنسيين تحدثوا مع الجميع، دون أن يوضِح ما إذا كان يشمل إسرائيل، رافضاً تحديد مسؤولية المأزق الحالي، ومتأمّلاً «تسوية في الأسبوع المقبل»، أي بعد مؤتمر أنابوليس.