بسام القنطار
مسيرة بيئية في بيروت بالتزامن مع اجتماعات بالي للفت الأنظار إلى مخاطر تغيّر المناخ

تنتشر في أماكن متعددة من بيروت أشرطة تحذيرية زرقاء وحمراء بعلو ثلاثة أمتار كتب عليها «مستوى مياه البحر». وتهدف هذه الحملة التي انتشرت في الطرق والمطاعم والملاهي إلى لفت الانتباه إلى الآثار السلبية التي يسببها تغير المناخ على المستوى العالمي. وبحسب المعهد الأوسترالي للمناخ فإن منسوب البحار والمحيطات قد يرتفع 1.40 متر في نهاية القرن تبعاً للوتيرة الحالية (3 ملم سنوياً بين عامي 1996 و2006).
وكان خبراء الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ عدلوا في ملخص تقريرهم الذي أقروه في فالنسيا (إسبانيا) قبل أسبوعين عن تحديد المستوى المتوقع لارتفاع منسوب البحار بحلول نهاية القرن الحالي نتيجة شكوك في هذه النقطة (كان المعدل المتوقع في مشروع الملخص الأساسي يراوح بين 0.18 و0.59 متر في نهاية القرن مقارنة بعام 1990).
«تغيّر المناخ أكبر خطر يهدد معيشتنا، لكن الحكومات العربية لا تأخذ أي خطوات جدية لوقفه»، بحسب وائل حميدان المدير التنفيذي لرابطة الناشطين المستقلين «إندي ـــــ أكت» التي تستعد لإقامة مسيرة بيئية في التاسع من كانون الأول 2007، لمناسبة اليوم العالمي، ضد التغيّر المناخي، وذلك بالتزامن مع مؤتمر حاسم عن المناخ يعقد برعاية الأمم المتحدة في جزيرة بالي الأندونيسية، ويُتوقع أن يشهد مفاوضات شاقة لضمان تتمة بروتوكول كيوتو الذي تنتهي مدته عام 2012.
وتسعى «رابطة الناشطين المستقلين» إلى إشراك أكبر عدد من الوزارات والسفارات والقطاع الخاص والجمعيات غير الحكومية المهتمين بالتأثيرات المستقبلية لتغيّر المناخ، بهدف إطلاق «حملة تغيّر المناخ في العالم العربي».
وبحسب حميدان فإن «تغيّر المناخ مشكلة عالمية، وبالتالي الطريقة الوحيدة لمعالجتها هي بالتزام العالم أجمع حلّها، ولا يمكننا أن نعزل أنفسنا عما يدور على الأرض، فجميع مشاكلنا السياسية والاقتصادية لا تقارن بتهديد تغيّر المناخ». وأوضح أن المسيرة ستنطلق من أمام شاطئ عين المريسة، بالتزامن مع أنشطة مماثلة في أكثر من 70 دولة، من بينها لبنان، مصر، الإمارات العربية المتحدة، المغرب، تونس، الجزائر، فلسطين والأردن. وتقوم إندي ـــــ أكت بتنسيق هذا النشاط في العالم العربي.
وتشير الناشطة البيئية سوزان تلحوق التي تنسق فعاليات النشاط البيئي الرياضي في بيروت إلى «أن مسافة المسيرة ثلاثة كيلومترات تقريباً، وشعارها «لحد هون وبس»، ويستطيع أن يشارك فيها الجميع تعبيراً عن وعيهم لهذه المشكلة الخطيرة التي ستكون لها انعكاسات مباشرة على لبنان والمنطقة. وستدعى كل الجهات المعنية بهذا الموضوع من سياسيين وجمعيات وخبراء، بالإضافة إلى القطاع الخاص وتلاميذ المدارس».
وترافق النشاط حملة توعية على أحد أخطار تغير المناخ، وهو ارتفاع مستوى مياه البحر، لذلك وُضعت أشرطة تحذيرية في بعض شوارع بيروت مكتوب عليها «مستوى مياه البحر»، وأُلصقت أشرطة مماثلة على واجهات عدد من المطاعم والمقاهي، بالإضافة الى رسم لوحات في بعض شوارع العاصمة تظهر بيروت تحت الماء. وتهدف جميعها إلى لفت المواطن الى مستقبل المدينة إن لم يُحدّ من مشكلة تغير المناخ.
وبحسب حميدان فإن هذا النشاط من شأنه أن يعزز حضور «حملة تغيّر المناخ في العالم العربي»، وستسعى الحملة إلى إثبات حضورها في مختلف أنحاء العالم العربي «الذي له دور كبير في مسألة تغير المناخ العالمي، لأن تغيّر المناخ سيؤثر في مصادر المياه وقطاع الزراعة في العالم العربي، ما سيهدد الأمن الغذائي وسبل العيش في المنطقة، إضافة إلى أن العالم العربي يتشاطر مسؤولية كبرى إزاء هذه المشكلة بسبب دوله الغنية والمنتجة للنفط».
ويُعتبر العالم العربي غنياً بالطاقة المتجددة، وبإمكانه الاضطلاع بدور ناشط في الحل، ولا سيما في تكنولوجيا csp وتصدير الطاقة الشمسية إلى أوروبا (مشروع ترانسميد Trans-Med) وإفريقيا.
ويؤكد حميدان أنه، حتى الآن، ليس هناك شعور كاف بالمسؤولية عن تغير المناخ في العالم العربي، ويعود الأمر للمجتمع المدني العربي أن يحقق التغيير المطلوب. لذلك أطلقت «إندي ـــــ آكت» حملتها «تغير المناخ في العالم العربي» لضمان انخراط الدول العربية بنشاط وإيجابية في المناقشات والمفاوضات حول تغيّر المناخ، ولتصادق جامعة الدول العربية على بروتوكول كيوتو لفترة الالتزام الثانية، الذي يتضمن وضع سقف خاص لانبعاث ثاني أوكسيد الكربون للدول النامية، وفرض موجبات خاصة على الدول المنتجة للوقود الحجري.
وتنظر رابطة الناشطين المستقلين (إندي ـــــ أكت) بتفاؤل حذر إلى مبادرة كل من السعودية والكويت والإمارات وقطر إلى تقديم مبلغ 750 مليون دولار لدعم البرنامج، وذلك خلال افتتاح قمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» الأسبوع الماضي، من أجل الأبحاث في مجال الطاقة والبيئة والتغير المناخي.
وغالباً ما تتعرض منظمة «أوبك» التي تنتج 40 في المئة من النفط العالمي لانتقادات من الناشطين البيئيين، لأنها تركّز على تطوير تقنية تواجه التغير المناخي من خلال التقاط ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه بدلاً من دعم الطاقة المتجددة.
وتؤكد المنظمات المدافعة عن البيئة أن تجميع الكربون نوع من التفكير الخيالي يؤجل التحول إلى الطاقة المتجددة. ويعدّ استخدام الطاقة بكفاءة والمصادر المتجددة هو الخيار الأفضل، لكن، على رغم ذلك، يرى البعض أن تجميع الكربون وتخزينه نوع من مخارج الطوارئ.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير رفعته إلى زعماء مجموعة الدول الثماني في تموز 2006، أن تجميع الكربون وتخزينه حل رئيسي من شأنه تحقيق ما يصل إلى 28 في المئة من خفض الانبعاث الذي يمكن تحقيقه.
ويقدّر أحد التقارير وجود سعة تحت الأرض لتخزين انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون على مدى 80 عاماً، أي نحو 2000 مليار طن، لكنه ذكر أن تكلفة ثاني أوكسيد الكربون ينبغي عندئذ أن تراوح بين 25 و30 دولاراً للطن الواحد كي تكون مجدية اقتصادياً، وهي تكلفة تزيد كثيراً على أسعاره في أسواق الاتحاد الأوروبي.