يارين ــ آمال خليل
يعلو صراخ ربيع على زوجته سلوى التي اعتادت تعنيفه لها بسبب أو من دونه. يغضب فيكيل لها وابلاً من الإهانات والسخرية ويحاول ضربها ويقوم بتكسير الكراسي. وكان كلما ازداد صراخهما ازداد ضحك الجمهور المؤلف من 13 رجلاً و30 امرأة يتحلقون في قاعة مسجد بلدة يارين الحدودية ـــــ قضاء صور حول الممثلين من «مجموعة الليالي للفنون والتربية»، اللذين قدما مشهداً تمثيلياً مقتبساً عن قصة حقيقية لسيدة تدعى هيام تعرضت للعنف الزوجي لكنها كسرت الصمت ولجأت إلى الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة لمساعدتها.
بهجة النساء خصوصاً جعلتهن يبدون كأنهن من كوكب آخر يشاهدن ويسمعن للمرة الأولى قصصاً من نسج الخيال وليست ضاربة في يوميات كل منهن ونفسها وجسدها، مثلما أشارت تعابيرهن وأمانيهن التي كتبنها على الجدران على غرار (أعطني الأمان وخذ ما يدهش العالموالحقيقة أن أكثر من ضحكت من قلبها بينهن على الزوجة المعنّفة، يعلم الجميع أن «تعذيب» زوجها لها هو حديث الناس. إحدى اليارينيات، المدرّسة ليندا أبو دلّة، استبعدت أن «تحلّ المحاضرات ودورات التوعية قضية العنف الممارس ضد النساء المنتشر في البلدة مثل سواها في مجتمعنا الذكوري والمتغلغل في عقول الرجال وثقافتهم منذ صغرهم».
وتشير إلى «الذكور الحاضرين الذين يتصرّفون في بيوتهم بطريقة أسوأ من المشهد التمثيلي الذي يستمتعون بمشاهدته؛ فالأمر يحتاج إلى (نفضة) لطرق التربية»، معتبرة أن «الاستقلال الاقتصادي للمرأة هو سبيلها الوحيد نحو الحرية وامتلاك قرارها، وحينئذ تمنع أياً كان من استغلالها أو الإساءة لها».

WE PASS
يأتي تقديم العرض التمثيلي الذي دعت إليه الهيئتان لشؤون المرأة ومناهضة العنف ضدها، في إطار مشروع «WE PASS» (مشروع تمكين المرأة والعمل السلمي نحو الأمن والاستقرار) الذي تنفذه الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة من ضمن النشاطات التي تنفّذ في المناطق المتضررة بعد الحرب من أجل المساهمة في عمليّة بناء السلام وحلّ النزاعات والمساعدات الإنسانيّة والتأهيل والإصلاح، عملاً بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 حول النساء والسلام والأمن في بلدات عيترون وبنت جبيل ودير ميماس والدوير والغازية والكفير والنبطيّة ويارين ورأس بعلبك والغبيري. وتتمحور النشاطات حول تقويم احتياجات النساء الصحية والاجتماعية والمشاركة والتربية عبر حلقات نقاش مع الفئة المستهدفة في المجتمعات المحلية وإنشاء 10 لجان نسائيّة من خلفيّات اجتماعيّة وثقافيّة متعددة في البلدات المختارة وإقامة نشاطات تحفيز وتوعية حول قضايا المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان والمشاركة في صنع القرار والعنف ضدّ المرأة واستخدام وسائل ترفيهيّة وتنمية قدرات النساء في اللجان العشر حول مواضيع ومهارات عدة مثل إدارة ميزانيّة العائلة والصحة الإنجابية والعنف ضد المرأة والمهارات التّنظيمية وتعبئة المجتمع المحلي ومهارات التّواصل وتقويم الحاجات ومهارات القيادة والتنسيق وتقسيم المهمات وإدارة الوقت والتقويم. وقد تمّ تدريب مدرّبين لـ38 مقدّم خدمة حول الخدمات النوعيّة في مجال الصحّة الإنجابيّة. وتضمّن التدريب مهارات التواصل المختصّة بعمل القابلات وأطباء العائلة وأطباء النساء والممرّضات، إضافة إلى 130 شخصاً في المجتمع المحلّي درّبوا على «مبادئ الإغاثة في حالات الطوارئ» لتمكين قدرات المستهدفين من معالجة بعض المشاكل الصحية والإصابات خلال الحرب في الحقول الزراعيّة.

مناهضة للعنف

أطلقت بعض الهيئات النسوية نشاطاتها حول العنف ضد النساء ابتداءً من يوم أمس حتى العاشر من الشهر المقبل، ومنها منظّمة «كفى عنف واستغلال» التي تنظّم حملتها السنوية على مدى 16 يوماً من النضال لمناهضة العنف ضد المرأة عبر تسليط الضوء على العنف وتشجيع النساء خاصة والمجتمع عامة على التعبير عن رفضه. فيما ستنشر المنظمة خلالها «غسيلها» على حبال طرابلس وبيروت وإقليم الخروب وصور وتعلّق عليها قمصاناً دونت ورسمت عليها نساء معنّفات من وحي تجربتهن. بالإضافة إلى معرض «الشاهدة الصامتة» الذي سيجول بمجسّمات 45 امرأة قتلن في أحداث عنف منزلي، يحمل كل منها أسباب القتل وظروفه ومصير القاتل.