«أهلي كانوا يعيدونني الى منزل زوجي في كل مرة يضربني فيها، لأنهم يخافون حكي الناس والمجتمع»، هذا ما تتذكره منى ب. من سنوات زواجها، وتكمل «غالباً ما كنت أنام وابنتي من دون عشاء لأن زوجي لم يكن يجلب الطعام دائماً إلى البيت». فمنى التي قاربت الأربعين من العمر، كانت ضحية زوج يضربها دائماً، واليوم حصلت على الطلاق وتعيش مع ابنتيها بعدما تعلمت مهنة الخياطة لتنال استقلالها المادي.وعلى حبل غسيل نُصب في معرض متنقّل انطلق من الجامعة الأميركية في بيروت بعنوان «نشر الغسيل» ونظمته جمعية «كفى»، طبع عدد كبير من النساء أيديهنّ بألوان مختلفة على قمصان كتبت عليها كلمة «ستوب» (كفى). وقدّمن شهادات حية عن العنف الممارس ضدهن، لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي صادف أمس.
بدأ نشاط الجمعيات المختصة بمكافحة العنف ضد النساء في لبنان في الأعوام العشرة الأخيرة، ويشمل مراكز استماع وإرشاد وخطاً ساخناً وخدمات مساعِدات اجتماعيات. وقالت منسقة المشاريع في منظمة «كفى» بشرى مومنة لـ«الأخبار» إن «المرأة أو الطفلة لا تأتي لتروي قصتها إلا بعدما تصل الى مرحلة لا تطاق، والقانون لا يساعد، فإذا اشتكت المرأة، مثلاً، يمكن الزوج أن يطلّقها ويحرمها أولادها، وهي غالباً لا تتمتع باستقلال مادي».
وتقول رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة لورا صفير «إن ثلث النساء اللبنانيات معنّفات، بحسب التقديرات، في غياب إحصاءات رسمية».
وترى «أن الدولة لا تساعدنا كفاية وتعاملنا كأننا شركة تجارية، ولا توفر لنا حماية إذا أراد الرجل الانتقام منا لمساندة زوجته أو شقيقته أو ابنته».
وشددت صفير على أهمية توفير «ملجأ آمن» ليستقبل المعنفات مع أطفالهن ويوفر لهن الحماية والمساعدة المادية، وتقول «على الدولة أن تتحمل مسؤولية هذه المساعدة لأن كلفتها مرتفعة».
وأوضحت أن هدف الجمعية «كسر جدار الصمت بالتشجيع على التعبير لأن الموضوع من المحرمات». وأكدت سعيها لـ«تعديل قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالمرأة في كل الأديان، والى تعديل قوانين العقوبات التي لا تفرض عقوبات رادعة، وخصوصاً في حالات الاغتصاب وجرائم الشرف».
ومن جهة أخرى، رأت رئيسة اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة أمان شعراني أن جرائم الشرف تمثّل «أقصى أعمال العنف عبر سلب الحياة»، ولفتت الى أن «قانون العقوبات يعطي جرائم الشرف ظروفاً تخفيفية، ونحن نريد اعتبارها جريمة قتل عادية». وشددت شعراني على ضرورة «استحداث قانون لتشديد العقوبة في حالات الاغتصاب التي تنص حالياً على السجن ثلاث سنوات».

دور الجهات الرسمية

تنسق الجمعيات الأهلية مع وزارة الشؤون الاجتماعية في مشاريع «تدريب المساعِدات الاجتماعيات» لتوفير المساندة النفسية والقضائية للمعنفات، بالإضافة الى مشاريع أخرى مموّلة بغالبيتها من منظمات دولية أو أجنبية.
ويموّل مجلس الإنماء والإعمار الحكومي مشاريع «تمكين اقتصادي واجتماعي للمعنفات» لتدريب على مهن مثل التجميل أو صناعة الحلويات والمعجنات، لمساعدتهن على الاستقلالية المادية.
(أ ف ب، الأخبار)