جنبلاط يواصل «هدوءه» والحريري «يمتحن» المرشّح إدّه وحزب اللّه يعتبر الجنرال «نقطة ارتكاز الحلّ»
مضى يومان على خلوّ سدّة الرئاسة الأولى وتسلّم الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية وسط استياء ماروني سياسي وروحي وتحذير من إطالة أمد الأزمة، وما يمكن أن تجرّه على البلاد من فوضى واقتتال يطيح ما سمّي «الفراغ المنظّم»

يباشر العماد ميشال عون، اليوم، سلسلة من المشاورات مع عدد كبير من الشخصيات المسيحية بشأن الخطوات المقبلة، فيما يتابع الجميع الاتصالات الجارية إقليمياً ودولياً بعيداً عن الأضواء، لمعرفة ما سيجري في اجتماع أنابوليس غداً، حيث اتّضح أن التفاهم السوري ـــــ الأميركي على المشاركة في المؤتمر ترك الباب مفتوحاً أمام تصورات وتقديرات لانعكاس ما يحصل على الملف اللبناني.
في هذه الأثناء، بدا الجميع متمسّكاً بمواقفه، وعاد «حزب الله» إلى دعم ترشيح عون. وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن عون هو نقطة الارتكاز في أي حل. وهو الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس نبيه بري الذي كان يعتقد أن فشل المساعي السابقة سيعيد الملف الرئاسي برمّته إلى عين التينة. أمّا رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع فقد أعاد «تعويم» ترشيح النائب بطرس حرب والنائب السابق نسيب لحود، مؤكداً الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية ولو «بعملية قيصرية». ومن المنتظر أن تتبلور المواقف أكثر، ومعها آفاق المرحلة المقبلة، خلال مؤتمرين صحافيين اليوم: الأول للنائب وليد جنبلاط، والثاني لأحزاب المعارضة التي كانت قد أعلنت على لسان أكثر من قطب فيها أن أي تصعيد في مواقفها «يتقرر في ضوء أداء الفريق الانقلابي».

المساعي المفتوحة وتوقعت مصادر متابعة أن يكون مصير جلسة الجمعة المقبل التأجيل كسابقاتها وأن يتأخر إنجاز الاستحقاق الرئاسي بضعة أشهر، أو حتى نهاية ولاية مجلس النواب الحالي.
ونصح قطب معارض بأن تجرى المفاوضات من الآن فصاعداً في شأن الاستحقاق الرئاسي بين النائب سعد الحريري وعون، وهي مفاوضات كانت قد بدأت في باريس واستؤنفت في بيروت ويجب أن تتابع، باعتبار أن الرئيس نبيه بري استنفد كل قدراته وطاقاته وكان في كل مرة يصل فيها إلى تفاهمات مع فريق الموالاة يجري الالتفاف عليها وإجهاضها. وقال القطب «إن الحريري لو سار بالمرشح التوافقي ميشال إده الأسبوع الماضي لما كنّا قد وقعنا في الفراغ الرئاسي».
وكان الحريري قد التقى خلال الأيام الثلاثة الماضية المرشح إده لأكثر من مرة، وأخضعه الى «امتحان» تركز على مسائل تتصل بالموقف من سلاح حزب الله والعلاقات مع سوريا وملف التحقيق الدولي في جريمة اغتيال والده وموقفه من السجال حول استمرار توقيف الضباط الأربعة، وصولاً الى الملفات الاقتصادية ولا سيما متطلبات مؤتمرات باريس. كما أبلغ الحريري إده أن هناك ضغطاً داخل فريق 14 آذار لاختيار رئيس توافقي يكون من الفريق نفسه أو قريباً جداً منه وأن أصحاب هذا الرأي يعتقدون أن إده هو أقرب الى فريق المعارضة.
من جهة ثانية، علم أن النائب وليد جنبلاط سيطلق في مؤتمره الصحافي اليوم مواقف هادئة كتلك التي أطلقها في مجلس النواب الجمعة الماضي، وقبلها الموقف الذي عبّر عنه لبري خلال الاتصال الهاتفي الأخير الذي جرى بينهما. وأشارت إلى أن جنبلاط سيحضّ على استعجال إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

تطمينات السنيورة وتحذيرات بكركي

وكان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد سارع الى زيارة بكركي أول من أمس لطمأنة البطريرك إلى أن الحكومة ستبذل كل جهد للتوصل الى رئيس وفاقي، مقرّاً بعدم رضى بكركي عن عدم انتخاب رئيس الجمهورية. ودعاصفير، وفي أول عظة له بعد الفراغ، «أرباب الحل والربط، وأصحاب المسؤولية، الى أن يبرهنوا عن رصانة وجدية ووطنية صادقة».
من جهته، رأى الشيخ نعيم قاسم في كلمة خلال حفل تأبيني أنه مع انتهاء ولاية الرئيس لحود دخل لبنان في فراغ مزدوج، «الفراغ الأول فراغ الحكومة، لأنها حكومة غير دستورية وغير ميثاقية وغير شرعية، والفراغ الثاني هو انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد»، محملاً فريق السلطة مسؤولية الوصول الى هذا المأزق.
وأوضح عون في مقابلة مع محطة «الجديد» مساء أمس أن الهدف من دعوته القيادات المسيحية الى التشاور هو عرض الآراء والأفكار الناجعة للخروج من الوضع الراهن. منبهاً من أن «المسيحيين يمرّون اليوم في مرحلة انحطاط من ناحية وجودهم في لبنان». وأكد أنه غير مطمئن لممارسات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ولا لتنظيم الفراغ، وقال: «لن نترك هذه السلطة ترتاح، أما متى وكيف فلن أصرح بذلك».
ورأى عون أن اسمه وضع في لائحة البطريرك الرئاسية ليشطب. وسأل: «هل يضحك عليّ البطريرك؟».
وانتقد زيارة السنيورة الى الصرح البطريركي «في أول يوم فراغ» واستقباله إلى مائدة صفير. واعتبر أن من كان يجب أن يكون في بكركي في ذاك اليوم هو الذي يمثل الشعب المسيحي، وذلك للتشاور في ما يمكن فعله للخروج من الفراغ، مؤكداً أنه هو المسيحي السياسي الأول وليس البطريرك الذي يقدم النصيحة فقط.كما أعلن عون انتهاء لقاءاته مع النائب سعد الحريري. ورأى أن الفراغ هو مطلب أميركي، متهماً الولايات المتحدة «بدعم سياسة التصادم وفصل اللبنانيين بعضهم عن بعض».

المواقف الخارجيّة

وفي إطار المواكبة العربية والإقليمية للمستجدات في لبنان، أجرى ملك الأردن عبد الله الثاني اتصالاً بالرئيس السنيورة. وذكر بيان للمكتب الإعلامي للسنيورة أنه «جرى عرض لأوضاع لبنان والمنطقة. وقد أطلع الملك الأردني الرئيس السنيورة على معطيات آخر الاتصالات والاجتماعات التي أجراها والمتعلقة بشؤون المنطقة»، فيما ذكر بيان للديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله أعرب عن أمله «في انتهاء هذه الأزمة اللبنانية في أقرب فرصة».
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أن الأزمة اللبنانية قابلة للحل بناءً على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما أكد المتحدث باسمه محمد علي حسيني أن طهران لا تدعم مرشحاً بعينه «ونريد فحسب تعاوناً منسقاً بين الفصائل اللبنانية»، معرباً عن اعتقاده «بأن الحل في لبنان يجب أن يكون لبنانياً محضاً».

توتّر في تعلبايا وإحباط إنشقاق عن «المستقبل»

على الصعيد الأمني، شهدت بلدة تعلبايا في البقاع الأوسط توتراً، ليل أمس، استدعى تدخل الجيش اللبناني بقوة كبيرة بعدما تجمّع أكثر من مئتي شخص من تيار «المستقبل» قرب المسجد احتجاجاً على فشل القوى الأمنية في توقيف أحد الأشخاص تردد أنه من أنصار حركة «امل»، كان قد أقدم على طعن أحد الموالين للمستقبل بآلة حادة استدعت نقله إلى المستشفى.
وقال شهود عيان إن تراشقاً بالحجارة كان قد حصل قرب حسينية تعلبايا بين أنصار للموالاة وآخرين للمعارضة تخلّله إطلاق رصاص في الهواء، ما أدى الى توتير الأجواء ولا سيما بعد اتهام «المستقبل» القوى الأمنية بعدم مبادرتهم الى توقيف الجناة، ما أدّى إلى التجمهر أمام مسجد البلدة في محاولة للرد على الاعتداء الذي سرعان ما طوّقه الجيش اللبناني. وجرت اتصالات سياسية أسفرت عن انسحاب أنصار المستقبل من الشارع الى داخل قاعة المسجد بعد تعهد الجيش توقيف المعتدي.
من جهتها، نفت حركة أمل وقوع «الاشتباك» . وقال مسؤول الحركة في تعلبايا أحمد موسى لـ«الأخبار» إن إشكالاً وقع لأسباب شخصية، ولا أحد من الطرفين ينتمي الى حركة «أمل».
وفي البقاع أيضاً، فشل تيار «شباب المستقبل العربي» في إعلان انطلاقته التي كانت مقررة خلال مهرجان في فندق «بارك أوتيل» امس، وذلك بعد ضغوط على إدارة الفندق بحسب مصادر في التيار. ولم يحضر الاحتفال سوى منسّق التيار علي درويش والقوى الأمنية التي فرضت طوقاً حول الفندق. وأوضح أدرويش لـ«الأخبار» أنه تلقى اتصالات من قيادات عليا في «المستقبل» تمنّت عليه عدم إقامة المهرجان، مؤكداً أنّ هناك حوالى 50 شخصاً من «نخب تيار المستقبل في البقاع يرفضون المشروع الأميركي وخيانة نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري العروبي».