ثائر غندور
أخذت الحكومة اللبنانيّة المبادرة وذهبت إلى أنابوليس لحضور مؤتمر سلامٍ دون توافق داخلي لبناني. في المقابل اكتفت المعارضة بالاعتراض الخجول على هذه المشاركة. فصدر بيان عن حركة «أمل» وحزب الله في الجنوب رأيا فيه مشاركة الحكومة «أمراً مشبوهاً». ويُجمع المراقبون على اعتبار ضعف موقف المعارضة متأتياً من حرجها حيال المشاركة السوريّة في المؤتمر.
يشرح وزير الخارجيّة المستقيل فوزي صلّوخ الأسباب التي يراها موجبة لعدم ذهاب لبنان إلى أنابوليس. ففي السياسة، يرى أن البلد يعيش في ظلّ سلطةٍ سياسيّة غير مكتملة، والوضع غير طبيعي ولذلك كان على الحكومة أن «تتمهّل وتدرس الموضوع من جوانب عديدة لأن أكثر من نصف الشعب يُعارضها».
وعن الجانب الديبلوماسي، يقول صلّوخ إن أنابوليس لا يعني لبنان من قريبٍ ولا من بعيد لأن القضايا اللبنانيّة ـــــ الإسرائيلية تحكمها القرارات الدوليّة، «ولن يتم طرح أي من القضايا التي تعنينا من مزارع شبعا إلى قرية الغجر المحتلّة والأسرى وخرائط الألغام والخروق الجويّة والبحريّة». ويرى صلّوخ أن المعارضة استنكرت ذهاب الحكومة، و«هذا يكفي».
بدوره، يرى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن، أن الحكومة ارتكبت «خطيئة كبرى» بذهابها إلى أنابوليس، ويكرّر عبارة «إن غداً لناظره لقريب» عند كلّ سؤال عمّا يُمكن المعارضة أن تقوم به ردّاً على مشاركة الحكومة في مؤتمر السلام.
أمّا رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد فيقول إن التحرّك الوحيد الذي يمنع الحكومة من التفرّد بالقرارات هو إسقاطها. ويظنّ رعد أن هذه الحكومة ستعمل ما تراه هي مناسباً دون الأخذ برأي المعارضة، و«هكذا هي تورّط البلد في المزيد من الانقسامات».
ورأى أن تحرّك المعارضة، المنتظر منذ وقت طويل، «يبقى رهن الظروف، فالمسألة تحتاج إلى تقدير المصلحة الوطنيّة العليا».
وقال رعد إن المعارضة سجّلت أن هذا هو أول خرق لتعهّد فريق السلطة «بعدم مصادرة الصلاحيّات».
وإذا دلّت تصريحات المعارضة على شيء فعلى إعلان نيّتها عدم التحرّك في وجه ما تراه خرقاً للدستور والشراكة. من هنا، امتنع عدد من السياسيين المعارضين عن الردّ على أسئلةٍ حول المؤتمر «لأسباب صحيّة».
هذا الحرج لدى المعارضة لمس المراقبون مثله في أوساط الموالاة، إذ سحب المؤتمر الدولي ذريعة الخطابة والتحليلات من محترفي التصريح شبه اليومي، لأن الوضع، كما قال أحد سياسيي 14 آذار، «لا يسمح بالثرثرة حين يجلس الكبار لاتخاذ القرار».
وهكذا، فإن عدداً لا بأس به من سياسيي السلطة أقفل هواتفه الخلويّة أو أعطاها لمرافقيه وأصبح «خارج السمع». وهناك عدد آخر رفض على نحو مطلق ووقح أحياناً، الردّ على
الاستفسارات.
والخلاصة أن الفريقين المتصارعين يضعان البلاد رهينة لنتائج قد تنجم وقد لا تنجم عن مؤتمر أنابوليس.