صور ــ آمال خليل
لا يزال أكثر من 70 سجيناً من نزلاء سجن صور موزعين على سجون النبطية وتبنين ورومية منذ ثلاث سنوات، إثر البدء بترميم مبنى سرايا صور التاريخية، والتي تشكّل الطبقة السفلية منها سجناً أو «معرضاً» للسجناء. فما يفصل «باحة النزهة» في السجن عن المواطنين المترددين إلى الطبقة العلوية من السرايا هو طبقتان من شبك حديدي يمنعان الانتقال من وإلى الباحة، لكنهما لا تحجبان عن المواطنين رؤية السجناء وقت نزهتهم.
ويستخدم المواطنون للوصول إلى الطبقة العلوية سلالم تخترق الطبقة السفلية، تؤدي إلى مكاتب القائمقامية والأمن العام والجوازات وأمن السفارات والمؤسسات العامة والدوائر العقارية ودائرة النفوس. وبعد ثلاث سنوات، عاد موظفو السرايا إليها بعد إنجاز ورشة تأهيل وصيانة طالت أكثر من المهلة التي يحددها دفتر الشروط والعقد المبرم بين المتعهد ووزارة الأشغال العامة. ويعيد المعنيون أسباب التأخير إلى عدوان تموز 2006 والإجراءات البيروقراطية الروتينية، منها المناقصة وفض العروض والدراسات. لكن عودة الموظفين، ومعهم المواطنون الذين يمكنهم رؤية السجناء من شرفة الطبقة العلوية، لم تلحقها بعد عودة نزلاء السجن لأسباب لم تحدد
بعد.
وكانت أعمال التأهيل قد شملت التبليط والدهان وبعض التصليحات الثانوية في المبنى كالأبواب والكهرباء، من دون أي زيادة في مساحة الغرف أو تغيير في تقسيمها. فالغرف الضيقة والمعتمة باقية على حالها، تعاني رطوبة شديدة ولا يدخلها الهواء ولا أشعة الشمس.
فالسجن عبارة عن 5 غرف، لكل منها حمام واحد، تبلغ مساحة أكبرها (6.5 م × 6 م) كانت تؤوي أكثر من 60 سجيناً في معظم الأحيان. أما الحمامات، فلا تتوافر فيها المياه الساخنة، لكن «البخورة»، وهي مكان الاستحمام، تنعم بالمياه الدافئة.
أما نزلاء السجن فهم عادة من المحكومين بعقوبة أربع سنوات حداً أقصى، أو من الذين قضوا فترة من عقوبتهم في سجون أخرى وبقيت لهم أربع سنوات. وليس في سجن صور أي موقوف لعدم توافر آليات مخصصة لنقلهم من المحاكم وإليها.
تجدر الإشارة إلى أن مبنى السرايا شُيّد في عام 1750 على يد حاكم منطقة صور آنذاك عباس المحمد، قبل أن يتخذه الحاكم العسكري الفرنسي مقراً له، ثم مقراً لقائمقامية صور بعد استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي.
ويقع المبنى في قلب المدينة السياحية القديمة، قبالة ميناء الصيادين. وتحيط به المقاهي وورش النجارة والمحال التجارية. وهو مؤلف من طبقتين.
فيما تنتشر في أنحاء المدينة دوائر التنظيم المدني والمحكمة والدائرة المالية وسرية الدرك الرئيسية التي تنفق الحكومة سنوياً على استئجار مبانيها المليارات. أما الطبقة السفلية التي يخترقها الدرج الذي يمر فيه المواطنون يومياً، فيشغلها سجن صور.