عمر نشابة
في كلّ مرّة يقترب موعد نشر تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري يتسابق عدد من السياسيين والصحافيين و«المصادر المطلعة في الأمم المتحدة» لإعلان معرفتهم بأن التقرير سيتضمّن أسماء المتّهمين باغتيال الحريري أو اسم الدول (أو الدولة) التي قامت بالجريمة. وقد يكون الدافع الأساسي خلف ذلك التسابق هو كسب «السبق الإعلامي» أو توظيف هذا «السبق» في المناورات السياسية خلال الفترة القصيرة قبل نشر التقرير وفضح مدى اطّلاع «المصادر المطّلعة».
العدالة تقتضي احترام قاعدة سرّية التحقيق وعلانية المحاكمة. أي مخالفة لهذه القاعدة تهدّد صدقية التحقيق من جهة وعدالة المحاكمة من جهة أخرى. وبينما يفترض أن تقدّم لجنة التحقيق الدولية إلى مجلس الأمن تقارير دورية عن تقدّم التحقيقات بحسب القرار 1595 لا يجوز مهنياً وقانونياً أن تتضمّن هذه التقارير اسماء لمشتبه فيهم أو تفاصيل قد يؤثّر الإعلان عنها سلباً على التحقيقات الجنائية الجارية. وكان رئيس لجنة التحقيق السابق ديتليف ميليس قد خالف المعايير القانونية والمهنية عبر نشره أسماء مشتبه فيهم عوضاً عن نشره أسماء شهود وأجزاء من إفاداتهم دون وجود برنامج حماية الشهود. وسمح الإعلان عن المشتبه فيهم لجهة سياسية توظيف تقارير اللجنة المستقلّة لخدمة أهداف سياسية بينما سمح الإعلان عن اسماء الشهود تحديدهم وربّما اغتيال أحدهم (النائب والزميل جبران تويني). لكن الرئيس الحالي للجنة الدكتور سيرج براميرتس أصرّ منذ تولّيه القضية الالتزام الحازم بالمعايير المهنية والقانونية. ورفض الإفصاح عن أية تفاصيل خلال لقاءاته النادرة مع الإعلاميين. وفي 18 كانون الأول 2006 قال «إن عملية استجواب الشهود في مناخ متقلب سياسياً تتطلب حساسية مفرطة، كذلك فإن اللجنة لا يمكنها القيام بعملها إلا في جوّ من السرية لخلق مناخ آمن للشهود والموظفين». وكرّر التزامه السرية حتى أنه رفض تسمية الدول العشر التي ذكر التقرير السادس للجنة أنها لم تتعاون بشكل مرضي مع التحقيق.
هل نفضّل تكذيب براميرتس الذي أعلن التزامه بمنهجية مهنية واضحة في التعامل مع الإعلام وفي الحفاظ على السرية ونصدّق مانشيت صحيفة «علمت» بتجاوز براميرتس لمنهجيته المهنية عبر تحديده لـ«أسماء 4 متورّطين»؟